أخبارصحيفة البعث

“داعش” يسعى للتمدّد إلى ميانمار

 

ناشيونال إنترست- ترجمة عناية ناصر

انهار تنظيم “داعش” على الرغم من أن متزعمه أبو بكر البغدادي لا يزال طليقاً، ورغم ذلك الانهيار يسعى التنظيم للتمدّد في أماكن أخرى، معتمداً على فروعه النشطة أو التنظيمات التابعة له في شبه جزيرة سيناء في مصر وليبيا واليمن وأفغانستان ونيجيريا. كما أن “داعش” قد حقق تقدّماً في جنوب شرق آسيا، وخاصة الفلبين.
ولإدراك الطريقة التي يتبعها “داعش” للاستمرار في تمدده، من المنطقي تتبع مسار القاعدة، التي اتبعت نمطاً مماثلاً من التوسّع خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ومن خلال النظر في كيفية تمدّد الجماعات الإرهابية الأخرى في الماضي، يمكن استخلاص الدروس حول كيفية سعي هذه الجماعات إلى ضم عناصر جديدة ولماذا؟!.
لقد سعت القاعدة إلى توسيع تنظيمها إلى مواقع جغرافية جديدة بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان في أواخر عام 2001. وتمّ تأسيس أول نسخة من تنظيم القاعدة في السعودية في عام 2003، تلاها تأسيس فروع أخرى في العراق عام 2004، والجزائر عام 2006، واليمن عام 2007، والصومال عام2010. وفي هذا السياق، يقول باراك مندلسون بصفته خبيراً في تنظيم القاعدة: “تمدّدت المجموعة بطريقتين، إنشاء فرع خاص عن طريق الانتشار “الداخلي”، كما فعلت في السعودية واليمن، أو عن طريق الاندماج مع الجماعات الإرهابية القائمة، كما فعلت في العراق والجزائر والصومال”.
وتسعى الجماعات الإرهابية إلى ضم عناصر جديدة لأسباب متنوّعة، منها التمدّد من حيث الحجم والنطاق والاستفادة من الخبرات المحلية لتعزيز ونشر الأساليب والتقنيات والإجراءات المبتكرة؛ ولإضفاء المزيد من الشرعية على التنظيم، فإن لم تقم بذلك سينظر إليها بعين الشك واعتبارها كياناً دخيلاً. ولهذا إن التوسّع في ساحات جديدة يمكن أن يجعل مجموعة إرهابية تبدو أكثر قوة مما هي عليه في الواقع.
كما يتيح انتشار فروع المجموعات الإرهابية اكتساب خبرة محلية، فمن خلال دمجها مع حركة الشباب في الصومال، انتقلت القاعدة إلى منطقة من العالم كان من الصعب فيها، إن لم يكن من المستحيل، على “المقاتلين” العرب التنقّل بين الديناميات القبلية المعقدة والنزاعات العشائرية. وقد أدى العمل مع حركة الشباب وعبرها إلى التخفيف من حدة هذا التحدي وتسهيل تمدد القاعدة في جميع أنحاء القرن الأفريقي.
كما ساعد تمدّد الجماعات الإرهابية على ابتكار أساليب جديدة، وهو ما يتضح من توسّع القاعدة إلى اليمن من خلال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، حيث استفاد من الخبرة التي اكتسبها إبراهيم حسان العسيري في صناعة القنابل، الذي وصفه مؤخراً ديفيد بترايوس مدير وكالة الاستخبارات المركزية بـ” الرجل الأكثر خطورة في العالم”.
إن توسيع العمليات الإرهابية هو مسعى صعب ومحفوف بالمخاطر، ومحاط بشكوك ومخاطر عديدة غير متوقّعة. ففي بعض الحالات، قد تفتقر المجموعات الإرهابية إلى القدرة أو الرغبة في تنفيذ أجندة التنظيم الأم. وكان المثال الأكثر وضوحاً على ذلك هو تنظيم القاعدة في العراق.
كما بدأ “داعش” بالفعل في تحويل موارده إلى الخارج في محاولة لتعزيز فروعه القائمة التي تحاكي تكتيكاته الأساسية عبر زيادة التفجيرات الانتحارية في أفغانستان والهجمات في سيناء. ومن المرجّح أن يستمر هذا التوجّه، وعندما تتبنى أي مجموعة نموذج “داعش”، فإنها ستعتمد في كثير من الأحيان تكتيكاته وأيديولوجيته وهيكله الإداري كما حدث في ليبيا.
ومنذ تأسيسه، دأب تنظيم “داعش” على التوسّع والتحالفات من أجل تحقيق أهدافه.
إن الفروع التابعة لتنظيم “داعش” الحالية خطيرة، مما يثبت بالفعل أنها قوة قاتلة ومزعزعة للاستقرار في المناطق التي تعمل فيها. ولكن أين يمكن أن تظهر فروع “داعش” القادمة؟.
قد يكمن جزء من الجواب في منطقة يرى فيها قادة “داعش” المتبقون أن المجموعة يجب أن تتوسّع لكي تظل موجودة. ويمكن أن تكون أزمة الروهينجا في ميانمار عاملاً محفزاً لـ “داعش” كي يتمدّد في جميع أنحاء جنوب وجنوب شرق آسيا.
في كانون الثاني الماضي، اعتقلت السلطات الماليزية مواطنين اندونيسيين مرتبطين بتنظيم “داعش” يخططان لقتل الرهبان البوذيين انتقاماً لما تلقاه أقلية الروهينجا في ميانمار.
وبالمثل، قيل: إن أكيد الله، المهاجر البنغالي الذي فجر قنبلة أنبوبية في مترو أنفاق مدينة نيويورك في كانون الأول، زار مخيم للاجئي روهينجا قبيل عودته إلى الولايات المتحدة وتفجير عبواته.
وفي الوقت الذي يواصل فيه تنظيم “داعش” والقاعدة التنافس على المجندين الجدد والأراضي الجديدة، يجب على المجتمع الدولي أن يكون في حالة تأهب قصوى تحسباً لإنشاء فروع جديدة لتنظيم “داعش” في أراض جديدة.
ومع ذلك، ووفقاً لهذه النظرية، فإن المنطقة المثالية للتمدّد هي دولة هشة تعاني من الصراع المستمر والتوترات والسكان الذين يعتبرون أرضاً خصبة لدعاية “داعش” وتقبّلهم لها. وتعد ميانمار أحد هذه البلدان، على الرغم من وجود مؤشّرات تدل على أن تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية قد بدأ العمل مع الجماعات “الجهادية” المحلية على الأرض هناك.
ومن شأن تأسيس فرع جديد في ميانمار أن يسمح لـ “داعش” بكسب العديد من الفوائد من خلال تعزيز تمدده الاستراتيجي، والاستفادة من الخبرات المحلية، والابتكار، وزيادة شرعية المجموعة في جزء من العالم لا يتواجد فيه بشكل كبير حتى الآن.
توجد حالياً عدة عوائق هامة تحول دون تحوّل ميانمار إلى مركز “الجهاديين” القادمين من وراء الحدود، ولا سيما نقص الهياكل الأساسية اللوجستية التي تشمل الأسلحة والمنازل الآمنة وشبكة قوية من ميسري السفر. ويمكن أن تتغيّر هذه الديناميكية خلال العام المقبل بجهد متواصل ومساعدة من المقاتلين الأجانب العائدين ونشطاء “داعش” الحاليين في المنطقة الأوسّع، بما في ذلك بنغلاديش، مما يجعل هذا البلد هدفاً ناضجاً لتوسّع “داعش”.