الصفحة الاولىصحيفة البعث

روسيا تؤكّد مواصلة دعمها لجيشنا حتى اجتثاث الإرهاب.. “الكرملين”: العلاقات بين دمشق وموسكو استراتيجية

يبدو أن غاية الغرب من القرار 2401  تنحصر في جعله وسيلة للضغط على الدولة السورية وحلفائها لمنع مواصلة استهداف المرتزقة في الغوطة الشرقية، وفي ذات الوقت غض الطرف عن انتهاكات التنظيمات المنتشرة في تلك المنطقة للقرار، دلل على ذلك رفع وتيرة الاعتداءات الإرهابية الجبانة على المناطق السكنية، ومنع المدنيين في الغوطة من الخروج عبر الممر الآمن لاستخدامهم كدروع بشرية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن استمرار قصف الإرهابيين للأحياء السكنية في مدينة دمشق أمر غير مقبول ولا يمكن احتماله، مشدداً على أن بلاده مستمرة في مساعيها للدفع بالعملية السياسية لحل الأزمة.

وفيما أكد المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن العلاقات بين موسكو ودمشق تقوم على الشراكة الاستراتيجية، وأشار إلى أن استفزازات الإرهابيين في الغوطة تمنع تهدئة الأوضاع بالطريقة المناسبة، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بعض الدول تستغل مسألة حقوق الإنسان لتحقيق مصالحها السياسية وبدلاً من إدانة الإرهاب تقسمه إلى إرهاب طيب وآخر شرير، مؤكداً استمرار روسيا في توفير الدعم للجيش السوري لاجتثاثه. في وقت أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ضرورة تنفيذ القرار 2401 بشكل كامل مطالباً دول الغرب ببذل جهود في هذا المسار، بينما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن تكرار بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية اتهاماتها لسورية بشأن استخدام السلاح الكيميائي تحول إلى مهزلة مبتذلة وأن هذه المزاعم تنشر من قبل الأجهزة الدعائية التي أسستها واشنطن ولندن.

وفي التفاصيل، قال بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار النمساوي سباستيان كورتس في موسكو أمس: إن عدداً من المجموعات الإرهابية والمدرجة على القائمة الأممية للإرهاب لا تزال موجودة في الغوطة الشرقية وتقصف بأكثر من 50 قذيفة صاروخية في اليوم الواحد الأحياء السكنية في دمشق بما في ذلك السفارة والممثلية التجارية الروسيتان، وتابع بوتين هل يمكن أن نتحمل هذا الوضع، بالطبع لا، مشيراً إلى أن قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2401 يقضي بمواصلة محاربة تلك المجموعات الإرهابية.

ولفت الرئيس الروسي إلى أن المجموعات الإرهابية تواصل منع خروج الحالات الإنسانية والراغبين من مناطق الغوطة الشرقية عبر الممر الإنساني المحدد من قبل الحكومة السورية، مشدداً على أن بلاده مستمرة في مساعيها للدفع بالعملية السياسية لحل الأزمة في سورية عبر الحوار.

بيسكوف: مدّة وقف القتال تتوقّف على سلوك الإرهابيين

إلى ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية للصحفيين: إن روسيا تعمل ما بوسعها لتنفيذ قرار مجلس الأمن حول وقف الأعمال القتالية في سورية لمدة 30 يوماً لكن الاستفزازات المستمرة من جانب الإرهابيين لا تفسح المجال لتسوية الوضع كما يجب، مؤكداً أن سورية وروسيا مستمرتان بسعيهما لتوفير الظروف الإنسانية اللازمة، معرباً عن أسفه لتجاهل شركاء روسيا التجاوزات التي يقوم بها الإرهابيون في الغوطة، مشيراً إلى أن مدة وقف الأعمال القتالية تتوقف على سلوك الجماعات الإرهابية.

وتعليقاً على تصريح وزير الخارجية الفرنسي لودريان لجهة أن موسكو لاعب وحيد له نفوذ في سورية قال بيسكوف: توجد بين موسكو ودمشق علاقات شراكة استراتيجية، مضيفاً: إن العسكريين الروس هم العسكريون الوحيدون الموجودون في سورية بشكل شرعي من وجهة نظر القانون الدولي لأنهم موجودون على أساس دعوة الحكومة السورية.

لافروف: سنواصل مكافحة الإرهاب

في الأثناء، قال وزير الخارجية الروسي في كلمة أمام الدورة الـ 37 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف: من غير المقبول تقسيم الإرهابيين إلى أخيار وأشرار، مبيناً أن روسيا ستواصل مكافحة الإرهاب بقوة خالية من المعايير المزدوجة بما في ذلك مساعدة الجيش السوري للقضاء نهائياً على كل البؤر الإرهابية، وأوضح أن الإرهابيين في الغوطة الشرقية يواصلون قصف العاصمة دمشق ويعرقلون تنفيذ قرار مجلس الأمن 2401 باستهداف الممر الإنساني الذي وفرته الحكومة السورية بالتعاون مع روسيا وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين في مخيم الركبان ومنطقة التنف.

ودعا لافروف إلى إرسال بعثة من الأمم المتحدة والصليب الأحمر في أسرع وقت لتقييم الأوضاع في مدينة الرقة التي دمرها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بالكامل وتنتشر فيها الألغام وجثامين القتلى والأمراض دون مشاهدة أي فعل تجاه ذلك، وأشار إلى أنه على التحالف الدولي فسح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين في مخيم الركبان ومنطقة التنف، حيث تمنع القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة الوصول إلى هناك. وجدد لافروف دعوة المجتمع الدولي إلى التعاون في مجال مكافحة الإرهاب على أسس القانون الإنساني الدولي بعيداً عن أي مساومات سياسية.

وفي كلمته أمام مؤتمر نزع الأسلحة الكيميائية في جنيف أكد لافروف أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم مواد إعلامية مفبركة عن استخدام الأسلحة الكيميائية كتحرك معاد لسورية، وأوضح أنه رغم أن سورية تخلصت من كل أسلحتها الكيميائية وتعاونت مع الأمانة العامة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهذا الخصوص إلا أن الولايات المتحدة تستخدم المواد الإعلامية المفبركة بما فيها تلك التي ينسجها ما يسمى أصحاب الخوذ البيضاء كتحرك معاد لسورية.

وفي تصريح للصحفيين جدد وزير الخارجية الروسي التأكيد على ضرورة القضاء على الإرهاب في سورية بشكل كامل، وقال: إن المسألة الأكثر أهمية اليوم هي تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 2401، معتبراً أنه تتوفر الآن ظروف لاستئناف العملية السياسية في جنيف، وأشار إلى أن موسكو لا تعارض إخراج إرهابيي جبهة النصرة من الغوطة مؤكداً استعداد بلاده للنظر في الحلول الممكنة بهذا الخصوص.

وجدد لافروف دعوة بلاده إلى إرسال بعثة لمنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر إلى الرقة لتقييم الأوضاع وتحديد الإجراءات التي يجب اتخاذها، مشيراً إلى أنه من الضروري حل القضايا الإنسانية ليس فقط في الغوطة بل وفي المناطق السورية الأخرى أيضاً وخاصة الرقة.

كما بحث لافروف مع المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا نتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عقد أواخر الشهر الماضي في مدينة سوتشي الروسية. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان صدر عقب اللقاء في جنيف على هامش أعمال الدورة الـ37 لمجلس حقوق الإنسان: إن الجانبين تطرقا كذلك إلى الوضع في سورية في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2401.

ريابكوف: تنفيذ كامل للقرار 2401

بدوره أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أنه يجب تنفيذ القرار 2401 بشكل كامل ويجب البدء بذلك من أنفسنا، مشدداً على أن روسيا ستواصل الطلب من الفرنسيين وغيرهم أن يبدؤوا بأنفسهم ويحاولوا ولو قليلاً تغيير أسلوبهم المعتاد وألا يتصرفوا كما لو أن العالم من حولهم مدين لهم، وأشار إلى أن من يتهم دمشق وموسكو بالتسبب في أزمة إنسانية في الغوطة أو في مكان آخر يقوم بتقسيم العالم وفق مبدأ “عدو وصديق” وبغض النظر عما يفعله من يطلقون عليهم اسم الأصدقاء من أعمال إرهابية فإن هؤلاء الأشخاص يبقون بالنسبة لهم أصدقاء.

وأوضح ريابكوف أن الإرهابيين بما في ذلك المجموعات الإرهابية المذكورة بشكل مباشر في القرار 2401 يعيقون تنفيذ هذا القرار، مشدداً على أن هذه المجموعات لا تخضع لأي استثناءات من حيث كونها أهدافاً مشروعة ضمن عملية محاربة الإرهاب، وأشار إلى أن دول الغرب تتجاهل الآن بعناد ضرورة إجراء أي تحقيق فعلي حول ما حدث في العراق في حين يستمر الصراخ بشأن الغوطة وفق مزاعم عدم إمكانية تحقيق ما نص عليه قرار مجلس الأمن.

كوناشينكوف: اتهامات استخدام “الكيميائي” مبتذلة

من جهة ثانية، وفي معرض رده على مزاعم وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بشأن استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف: إن ممثلي الأمم المتحدة الذين لهم إمكانية الوصول إلى الغوطة الشرقية بحرية لم يعثروا ولا مرة واحدة على ما يؤكد صحة هذه الأنباء، وأضاف: إن تكرار لندن وواشنطن اتهاماتها لدمشق بشأن استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين تحول إلى مهزلة مبتذلة، مشيراً إلى أن بريطانيا والولايات المتحدة تتحدثان دائماً عن أنباء واردة بدلاً من تقديم أدلة حقيقية، وأكد أن هذه المزاعم حول استخدام السلاح الكيميائي تعد وتنشر من قبل الأجهزة الدعائية التي أسستها الولايات المتحدة وبريطانيا وخاصة ما يسمى “المرصد السوري لحقوق الإنسان” في لندن والجمعية الطبية السورية الأمريكية في ولاية إلينوي. وقال: إنه خلال السنوات الـ 15 الأخيرة منذ الغزو الأميركي البريطاني للعراق عام 2003 والتي بدأت أيضاً من الاتهامات باستخدام السلاح الكيميائي لم تتمكن لندن وواشنطن على ما يبدو من اختراع أي شيء جديد لتبرير عدوانهما ضد دول ذات سيادة.

وفي وقت لاحق قال كوناشينكوف للصحفيين: إن وضع سكان الرقة يمثل كارثة إنسانية في حين يصر من يدعون أنهم حرروا المدينة بقيادة الولايات المتحدة على عدم الاعتراف بهذا، مضيفاً: إن القصف الجوي من قبل طيران التحالف أدى لهدم نحو 80 بالمئة من الأبنية وما زالت وزارتا الخارجية والدفاع الأمريكيتان تعلنان أنهما لم تبحثا حتى برنامج تعمير البنية التحتية، وأشار إلى أنه وبعد تصريحات صاخبة بشأن تحرير هذه المناطق من تنظيم داعش تحولت إلى ما يطلق عليه اسم ثقوب سوداء حيث يعتبر الوضع فيها مبهماً تماماً سواء كان ذلك للحكومة السورية أو للمراقبين الدوليين.

ولفت كوناشينكوف إلى أن هناك وضعاً صعباً أيضاً في معسكر الركبان على الحدود السورية الأردنية حيث يتم احتجاز نحو 60 ألف مهجر وسط ظروف سيئة للغاية. وتحاصر القوات الأميركية الموجودة في منطقة التنف آلاف العائلات في مخيم الركبان وتمنع وصول المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء إليهم وتؤكد العديد من التقارير الإعلامية أن المئات منهم بحاجة إلى الأدوية والمساعدات الطبية العاجلة.