ثقافةصحيفة البعث

“الـزواج الأمريكي” حكاية حياةٍ دُمرت وواقع مُعاش

 

“يتم ارتكاب الأخطاء وخيانة الأحباء ويعاد تعريف مصطلح الأسرة هذا هو واقع الحياة” بهذا بدأت مناقشة رواية تاياري جونز الرابعة “An American Marriage/ زواج أمريكي” في نادي أوبرا وينفري للكتاب.
الكتاب الذي يحتلّ المرتبة الثانية حالياً على قائمة أكثر الكتب الخيالية مبيعاً خلال مطلع هذا العام، يحكي قصّة روي، رجل أسود- أدين خطأً بتهمة اغتصاب- وزوجته سيلستيال. تتكشف قصتهم من خلال الرسائل التي يكتبونها لبعضهم البعض أثناء وجوده في السجن. وكتبت الناقدة الأمريكية ستيفاني باوِل واتس على موقع “book review” “إن رعب هذه القصة يكمن في فرضية رجل بريء، سعيد بزواجه ويقوم بكل ما في وسعه للنجاح، ومع ذلك هُمّش وأهملَ”.
راودت جونز فكرة كتابة “زواج أمريكي” يوم كانت تتسوق في مركز أتلانتا للتسوق. عندما سمعت زوجين يتجادلان، وركزت في مسودتها الأولى على سيلستيال، “لكن الكتابة عنها لا تبدو صادقة تماماً، فحالة روي ملحة لدرجة أنني بحاجة فقط إلى سماع صوته، لذا أعدت كتابة كل شيء من وجهة نظره” كما توضح. وتضيف “كانت المسودة متينة لغوياً، ولكني اعتقدت أنها كانت مألوفةً جداً، وكأنها إعادة إحياء لملحمة الإلياذة. كان روي عائداً إلى دياره بعد معركة هائلة، وكل ما يريده هو الارتماء في أحضان زوجته المخلصة داخل بيته.. وعندما سمعتُ الشاعرة كلوديا رانكين تقرأ من كتابها المواطن (ما يحدث لك لا ينتمي لك، إنه ليس لك، ليس لك فقط، أصبت بالذهول وهنا فقط أدركت أن ما يحدث لروي قد يكون قصة قديمة، ولكن هناك طريقة حديثة لسردها”. قصةً نعتقد أننا نعرفها، ولكنها ليست القصة التي نتوقعها، دراما قاعة المحكمة أو تمحيص للسجن، بدلاً من ذلك، هي رؤية واضحة للدمار الهادئ للأسرة.
تركز الرواية على الآمال الفاشلة للحب الرومانسي، وعدم الموافقة على القوانين، ومسألة الحياة مع الأطفال أو بدونهم، والتي يتفاوض عليها جميع المتزوجين. مكتوبة بشكل جميل، مع العديد من التلميحات إلى الموسيقى والثقافة “السوداء.
وبحسب تصميم الرواية، نتعرف قليلاً على حياة السجن والسجناء باستثناء شخصية “غيتو يودا” وهو سجين قديم يقدم المشورة والتوجيه لروي. وما نوقنه أن حياة روي قد تفككت، بينما تنجح زوجته مالياً وفنياً من صنعها لدمى تشبه روي.
في حين تركز جونز على نظرتها الشخصية، لا يمكن فصل هذه القصة الحميمة عن سياقها العرقي. لا يمكن للجسم الأسود في أمريكا أن يفلت من فحص العدسة السياسية، إن الشخصيات تبدو محظوظة بأن روي لا يزال على قيد الحياة. فتعطينا الرواية بياناً ثورياً هادئاً عن البراءة السوداء، والذي تعرفه الزوجة بأنه “ألا نملك طريقة لتنبؤ بألم المستقبل”.
إن مكاسب الأجيال الشابة من الأمريكيين من أصل أفريقي تعني أن حياة الطبقة المتوسطة ممكنة بالنسبة للبعض. ومع ذلك، كما يكتشف روي، خيارات والديه خياراته الجيدة هو نفسه لم تجنبه الألم. يصبح شخصاً يرفضه المجتمع وعاطل عن العمل، لكن جونز تعلن أنه ربما لا يجب على روي أن يبقى هكذا. كل سجين تقريباً الآن في أمريكا سينضم إلينا في الخارج يوماً ما، ويذكرنا “زواج أمريكي” بهذه الحقيقة، كما يدعونا لإيقاظ تعاطفنا ورحمتنا، من الممكن أن يكون هذا أنت.
ولما غصّت المواقع المختصة بالنقد الأدبي بتعليقات حول هذه الرواية أوجزنا منها أكثرها تداولاً على وسائل التواصل الاجتماعي، فذكر موقع “بوك ريفيو” تظهر براعة جونز عندما ترينا كم من السهل أن تتغير الأشياء في لحظة. وعلّق موقع “بوك ليست” تسبر جونز خفايا الزواج والأسرة والمشاعر التي تختلج في القلب والعقل معاً. فيما أكد موقع “كريكوس” أن هذه القصة في صميمها قصة حب، ولكن حب مشوه بالظلم العنصري.
لم تعتمد جونز على الخيال في رسم شخصياتها، بل اعتمدت على الواقع في كتاباتها. طوّرتها بكل العيوب والصفات الإيجابية “لا أحد جيد كفاية ولا كل شيء سيء”. ويعتبر كتاب “الزواج الأمريكي” مثالياً لنوادي الكتاب، فهو يفسح المجال لمناقشة مدهشة للخيارات التي تم اتخاذها، والعواقب، والتفاعلات، وعدم المساواة في العرق.

سامر الخيّر