اقتصادصحيفة البعث

على خطا توسيع دائرة الشركات المساهمة العامة.. جــــذب الاســــتثمــارات المحليـــة مـــن خـــلال حشـــد مــــوارد القطــــاع الخــــاص

 

تلعب الشركات المساهمة دوراً محورياً في النشاط الاقتصادي لأية دولة نظراً لما تتميز به من إمكانيات كبيرة، سواء لجهة رؤوس أموالها وقاعدة مستثمريها وطبيعة إدارتها والإشراف على عملها، أو لجهة تطبيق معايير المحاسبة الدولية وقواعد وضوابط الحوكمة، الأمر الذي يعني التزامها بالشفافية والممارسات الجيدة في الإفصاح. ومن هذا المنطلق تسعى معظم دول العالم إلى تشجيع إنشاء الشركات المساهمة العامة باعتماد عدد من الآليات التشريعية والتنفيذية، منها تقديم مزايا متعددة لهذه الشركات، بما فيها الضريبية، إيماناً منها بأن زيادة عدد الشركات من شأنه تفعيل النشاط الاقتصادي على المستوى الكلي، فهي –عدا عن كل ذلك- تساهم في جذب وتوظيف الأموال والمدخرات العائلية الصغيرة والمكتنزات العقيمة، من خلال إتاحة المجال للمبالغ الصغيرة نسبياً لشراء الأسهم، و(تالياً) في تنمية الوعي الادخاري والاستثماري، وإعادة توزيع الدخل القومي بحصول شريحة عريضة من المواطنين على عوائد وأرباح الأسهم التي يستثمرون فيها، مقابل فرصة هذه الشركات بالحصول على التمويل اللازم ومزيد من التمويل لأنشطتها الاقتصادية المختلفة.

العائدات الضريبية
وفي هذا السياق أكد رئيس هيئة الأوراق المالية السورية الدكتور عابد فضلية على ضرورة الاهتمام بهذا القطاع، لما له من دور في توفير المزيد من الفرص الاستثمارية وتنويعها، إلى جانب مساهمته الكبيرة في توفير فرص العمل، إضافةً إلى أهميته الحاسمة في تفعيل سوق الأوراق المالية، الأمر الذي بدوره يؤثر مباشرة على تنمية العائدات وتشجيع الاستثمار، وبالتالي فإن الشركات المساهمة العامة تساهم في تحسين العائدات الضريبية وذلك نظراً لضعف احتمالية تهرّب هذه الشركات من تسديد الضرائب.

جذب الاستثمارات
وأشار فضلية لـ”البعث” إلى أنه يمكن جذب الاستثمارات المحلية من خلال حشد موارد القطاع الخاص، بما فيها الصغيرة وتوظيفها لأصحابها ممن لا يمتلكون الوقت الكافي والخبرة اللازمة لاستثمارها، باعتبار أن هذه الشركات تُدار من قبل إدارات مختصة إدارياً ومالياً وفنياً، وتخضع لرقابة الحوكمة من قبل الجهات الحكومية المختصة، لافتاً إلى أن نسبة المساهمات الأجنبية في رأسمال الشركات المساهمة الـ(24) المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية وصلت إلى ما يُقارب 46% في قطاع المصارف، و40% في قطاع الصناعة، و33% في قطاع التأمين، و4% في قطاع الزراعة، و0,12% في قطاع الخدمات، مبيناً أن هذه الشركات مكوّنة من 14 شركة مصرفية و6 شركات تأمين، وواحدة في كلّ من قطاع الزراعة والصناعة والنقل، إضافة إلى شركة إعلانية واحدة، مركزاً على ضرورة توفير الفرصة لإدراج الشركات المساهمة في سوق الأوراق المالية للتوسع في فرص التمويل والأنشطة الاستثمارية.

الحد من التهرب
وبحسب فضلية فإن الشركات المساهمة العامة تساهم أيضاً في الحدّ من التهرب من تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، الأمر الذي يحدّ من التهرب التأميني الذي يبلغ (30%) في سورية، ويحفظ حقوق العمال من الجهة أخرى، مبيناً أن الشركات المساهمة العامة تعمل ضمن إطار الحرفية والرشد والمرونة في اتخاذ القرارات، وذلك من خلال فصل الإدارة عن الملكية، مع استبعاد العامل الشخصي للمالك في اتخاذ القرارات الإدارية والاستثمارية والتشغيلية في الشركة، مؤكداً ضمان استمرارية الشركات المساهمة العامة باعتبار أن وفاة واحد أو أكثر من الشركاء أو من حاملي الأسهم لا يؤثر في استمرارية الشركة، وبالتالي لا يُعيق إدارتها في وضع الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد. وبيّن فضلية أن الإحصائيات تؤكد أن نسبة الشركات العائلية التي تنتقل إلى الجيل الثالث لا تزيد عن (30%)، ومتوسط عمر الشركة العائلية لا يزيد عن (25) عاماً.

مؤشرات رقمية
وبيّن تقرير صادر عن الهيئة أن عدد الشركات المساهمة العامة في سورية يبلغ 53 شركة تعمل تحت إشراف هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية، وتشكّل ما نسبته 1,24% فقط من إجمالي عدد الشركات المرخص لها في سورية، منها (24 شركة) مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، في حين يوجد أكثر من (1622) شركة في بورصة مصر و(245 شركة) في بورصة الأردن. وأوضح التقرير أن نسبة القيمة السوقية لجميع الشركات المساهمة العامة السورية المضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي نهاية عام (2016) بلغت نحو (18%)، وهي نسبة قليلة مقارنةً بالدول العربية المجاورة، حيث بلغت في الأردن (63%)، و(74%) في دول الخليج.

معوقات التأسيس
وبيّنت مذكرة صادرة عن هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية أن أبرز معوقات تأسيس المزيد من الشركات المساهمة العامة تتمثّل في عدم تكافؤ الفرص ما بين هذا الشكل من الشركات والأشكال الأخرى للشركات والمؤسسات الاقتصادية، وذلك بسبب ضعف الرقابة الحكومية الضريبية والتأمينية والمؤسسية على هذه الأشكال الأخرى، مما أوجد وضعاً من عدم العدالة، وبالتالي عدم تكافؤ الفرص، لجهة ارتفاع النسب الضريبية التي تدفعها الشركات المساهمة (14%)، مقارنة مع ما تدفعه الشركات غير المساهمة، والتي لأسباب موضوعية وغير موضوعية، تتمكن من التهرّب الضريبي كلياً أو جزئياً ولجهة أخرى تتعلق بارتفاع العبء التأميني العالي أساساً، وبالمقارنة مع ما تسدّده الشركات غير المساهمة، والتي لأسباب موضوعية وغير موضوعية، تتهرّب من تسجيل أو عدم تسجيل جميع العاملين لديها بالتأمينات الاجتماعية.

محمد زكريا
Mohamdzkrea11@yahoo.com