الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

“المايسترو”.. في الفنون

 

وعى الشاب أحمد عكروم على الحياة وفي يده ريشته وأقلام التلوين، رسم كل ما رأته عيناه وحاول تجسيد كل الأشياء لتطابق الواقع، تبلور اهتمامه بالرسم في سن الـ12 فلقي اهتماماً كبيراً أثناء مشاركته في معرض بدمشق بعنوان “من وحي قصائد الشاعر سليمان العيسى”، وطبطب حينذاك الشاعر على كتفه وأبدى إعجابه الشديد بلوحة “الأرنب” المستوحاة من قصيدة “الأرنب”، بعدها أكمل الشاب عكروم في الفن بأشغال يدوية بـ “الجبس والكرتون” والمواد المعاد تكريرها، ولغاية هذه اللحظة لا يرمي الأشياء لكي يستفيد منها بعمل معين في فنه، وفي وقفة معه قال: دخلت كلية العمارة وهي حلم من أحلامي، فأنا مولع بكل أشكال الفنون، ففي عمر الـ15 تعاملت مع الأحجام والنسب وعملت قصراً من الجبس ومخططات معمارية، وبعد سنتين طورت موهبتي وبدأت برسم لوحات سوريالية، رأى أصدقائي فيها “نوعاً من الموسيقى” وهو هاجس العازف الموجود بداخلي، ومن وقتها لُقبت بـ “المايسترو”، وحالياً أتوجّه لدمج العمارة بالفنّ التشكيلي الذي أمارسه من خلال تجسيد الحضارات والثقافات كحالة وجدانيّة تؤثر بكل إنسان، وبدأت من مدينتي جبلة وأول محاولة كانت أرشفة معمارية لأكثر مكان يلهمني بمدينتي، ورسمت مؤخراً لوحة المئة ليرة كتأريخ لتراث سورية، وقد كان لدي رغبة بزيارة مدرج بصرى لرسمه، لكن لم تتسن لي الفرصة، فرسمته من خلال هذه العملة الورقية التي تحمل أكثر من عنصر تاريخي سوري يشمل العمارة والزخرفة والعراقة، بالإضافة إلى بعض اللوحات التي تداولت مواضيع الطفولة، ومؤخراً امتهنت تعليم الرسم للأطفال والكبار.
لم تتوقف موهبة أحمد عند الرسم وإنما شكلت الموسيقى هاجساً كبيراً بداخله، وعنها تحدث: “عندما اسمع أغنية أتخيل نفسي أنني أعزفها وأغنيها وأقود الأوركسترا العازفة، كان حلمي العزف على آلة الكمان، لأنني لم أجد نفسي في الأورغ الذي أملكه، لذلك حوّلته لآلة بيانو إلى أن احتل الكمان -بعمر الـ17- زاوية كبيرة من حياتي على يد أستاذ خبير لمدة سنة، بعدها أكملت لوحدي، ثم قررت دخول المعهد العالي للموسيقى بعد إنهاء دراستي في كلية العمارة.
وليس الفن وحده الذي يحتل جزءاً من حياة أحمد، وإنما حبه للغات كان أحد أحلامه وعن تعلمها قال:
بدأت بحفظ كل الكلمات باللغة الانكليزية في المرحلة الابتدائية، ولكن اللغة الفرنسية كانت حلمي الأكبر فبدأت بعمر الـ17 بتعلمها بجهدي الشخصي وتطويرها وجمعت عدداً من المقالات من الانترنت وترجمتها بخبرتي القليلة، واستمعت إلى الأغاني حتى استنتجت قواعد اللغة بنفسي، من مبدأ المقارنة بين الجمل المصاغة بشكل مشابه، والجمل التي تتغير بتغيّر بسيط أو جذري، وكان سياق الجمل يوحي لي بالمعنى، وبدأت بعد ثمانية أشهر بتعليمها للراغبين بالسفر ولطلاب البكالوريا، وبعدها أكملت مشواري باللغات فتعلّمت الاسبانية والروسية، فالرغبة والموهبة مع المثابرة والاجتهاد حققت بعض أحلامي.
جمان بركات