صحيفة البعثمحليات

“حماية المستهلك” ويوميات “جولات استعراضية” تفشل في إقناع المواطن واقــع مرير للأسواق.. ودوريات رقابيـة فاســدة.. وإغلاقـات وضبـوط لا تسـمن ولا تغنـي من جـوع

 

لم تستطع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إقناع المواطن بأن أجهزتها الرقابية تلعب دور “حماية المستهلك”، وخاصة في ظل الانتقادات وعدم الثقة بحماية المستهلك، مع وجود شريحة واسعة من المستهلكين أجمعت أن دور الرقابي مفقود، ولاسيما وسط فوضى الأسواق وتناقضاتها وحالات الاحتكار وفلتان ظاهرة التلاعب في المواصفات واتساعها، وبيع الأغذية والمواد والسلع المغشوشة، لتكون دوريات حماية المستهلك هي الحاضر الغائب، كما وصفها بعض المواطنين الذين أكدوا غياب ضبط الأسعار من قبل عناصر الرقابة، وإن حضر بعضهم فهو لقبض المعلوم الذي سرعان ما يعوّضه التاجر بزيادة في أسعار المستهلك المغلوب على أمره، متهمين بعض دوريات الحماية بمحاباة التجار وممارسة الانتقائية في عملها عبر غضّ الطرف عن الكثير منهم وعن العديد من المحال والمراكز التجارية، بل وصلت الازدواجية في أخذ وسحب العينات من المواد والسلع المشبوهة دون إي إجراء.
وبحسب رأي الخبير الاقتصادي الدكتور سنان ديب فإن ثمّة فوضى عارمة نتيجة قصور عمل الوزارة وفساد بعض العاملين بها، وفقدان الثقة بين المواطن ودوائر حماية المستهلك، مشدداً على ضرورة تجديد دماء أدواته الرقابية وآلياتها، وتحويل العقوبات لوسيلة للردع وفرض القانون وضبط موضوع الفوترة، إضافة إلى استقلالية وتفعيل دور جمعية حماية المستهلك، والتشديد على جودة السلع وتوافقها مع المواصفات وخاصة الصحية، في الوقت الذي اعتبر مدير حماية المستهلك في الوزارة الدكتور حسام نصر الله أن حماية المستهلك موجودة على الأرض، وتقوم بدورها على أكمل وجه من خلال التشديد على التزام الباعة بالأسعار وتداول الفواتير ومراقبة حركة انسياب السلع، منوهاً بدور المواطن في التعاون مع عناصر جهاز حماية المستهلك، ولاسيما في تنفيذ تطبيق “عين المواطن” الذي جعل المستهلك رديفاً حقيقياً للمراقبين في الأسواق، إضافة إلى مبدأ الرقابة الاستقصائية والجولات الميدانية على الأسواق ومتابعة وتقصي عمل عناصر جهاز حماية المستهلك.
ومن حديث مدير الحماية عن الجولات الاستقصائية والعمل الميداني لا ينكر أكد الجهود الكبيرة الشخصية التي يبذلها وزير “حماية المستهلك” في تقفي الأسواق والأفران، لتشكّل يوميات “الوزير” حدثاً يشغل المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، فكلّ يتناقله بحسب وجهة نظره تجاه الوزارة، ليأتي سؤال المتابعين: لو أن هناك رضا من الوزير على أجهزته الرقابية فلماذا يقوم بهذه الجولات؟ أم إن هذه الجولات “الدرامية” ليست إلا تغطية لتقصير مديريات التجارة؟. ليوضح الدكتور ديب أن الوزير قد يكون نشيطاً ويتحرك باستمرار، ولكن كما وصفناها حركة بلا بركة لأن المهم النتيجة وانعكاس النشاطات على المواطن، متسائلاً على لسان المواطن: هل استطاع ضبط السوق؟ هل قضى على الاحتكار؟..هل منع غبن التجار بكل صنوفهم تجاه المواطن؟ هل منع تعدّد الأسعار لسلعة واحدة في حي واحد؟.
ولفت ديب إلى المعارك التي فتحها الوزير مع تجار حاولوا طيّ وليّ ذراع حماية المستهلك، مع أنه فتحها ضد سلع غير أساسية ولم ينجح، مشيراً إلى قصة “الشاورما والمتة”، فرغم كل التصريحات والتأكيدات لم تنجح الوزارة في ضبط السوق، داعياً  إلى توفر النية والإرادة والبرنامج الواضح  المنطلق من أخذ دور وزارة “حماية المستهلك” في ظل الأزمات، والمتمثّل بتدخل حقيقي عن طريق الاستجرار الذاتي أو مؤسسة التجارة الخارجية، وخاصة أن الظروف الاستثنائية تحتاج لإجراءات استثنائية تكون أكثر فاعلية وتأثيراً في مثل هذه الظروف. وبين أسواق المدينة والريف طالب مواطنو الريف تشديد العقوبات على التجار الذين يتحكمون بالأسواق مستغلين فساد بعض دوريات الرقابة، ولاسيما أنهم يتبجحون علانية أن “دواء المراقب حاضر”!!.
ودعا المواطنون إلى تعميق التدخل الإيجابي وزيادته قدر المستطاع من قبل الحكومة عبر توفير السلع والمواد، وخاصة الأساسية لتخفيف الهوة بين الطلب والعرض وكسر الاحتكار واستقرار الأسعار. إلا أن مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق لؤي السالم اعتبر أن دوريات حماية المستهلك تقوم بواجبها على أكمل وجه، وهناك متابعة دورية ويومية لعمل هذه الدوريات، ولاسيما أن الضبوط المنظمة والإغلاقات تدلّ على الجهد الكبير لعمل المديرية، حيث تمّ خلال الأسبوع الفائت ضبط ثلاث ورشات لإنتاج الألبان والأجبان تستخدم النشاء والزبدة النباتية وحليب البودرة، وعليه تمّت مصادرة الكميات المضبوطة وتنظيم الضبوط التموينية اللازمة وإغلاق الورشات بالشمع الأحمر، إضافة إلى إغلاق معمل لإنتاج الزعتر ومعمل لإنتاج الحلاوة لمخالفتهما مواصفات المنتج، مع  ضبط سيارة محملة بمواد الإغاثة، مبيناً أن عدد الإغلاقات الإدارية المنفذة خلال العام الحالي بلغ 33 إغلاقاً بحق فعاليات مختلفة، شملت مستودعات ومعامل ومحلات مختلفة وحجز سيارات توزيع مازوت، كما بلغ عدد الضبوط المنظمة خلال العام الحالي أكثر من 1100 ضبط شملت 886 ضبطاً عدلياً و225 عينة مختلفة، وبلغ عدد الضبوط المنظمة بحق الأفران /54/ ضبطاً بمخالفة نقص بالوزن وسوء صناعة الخبز وعدم التقيّد بساعات العمل وبيع الخبز بالجملة. فيما نظمت المديرية /47/ ضبطاً بحق عدد من محطات الوقود وموزعي مادة المازوت بمخالفات النقص بالكيل ونزع الأختام عن العدادات والاتجار بالمادة في السوق السوداء والبيع بسعر زائد. وبلغت الكميات المحجوزة من المواد المضبوطة أكثر من 26 طناً.
علي حسون