ثقافةصحيفة البعث

ملتقى “لأن التذوق فنّ”.. الثقافة بألوانها المتنوعة

 

حينما نلتقي في مسرح أو تجمعنا أحداث فيلم أو ألوان لوحة أو نغمات موسيقا، فنحن نؤكد سوريتنا وهويتنا، وملتقى لأن التذوق فنّ الحافل بألوان الثقافة يشبه نسيج سورية الملون المشكّل لوحة بانورامية لمختلف الأطياف والانتماءات”.
بهذه الكلمات افتتحت الشاعرة عدنة خيربيك ملتقى “لأن التذوق فنّ” في مركز–أبو رمانة- ويجمع بفقراته مقتطفات ثقافية متنوعة، ليكون أشبه بجسر بين العمل الثقافي بحدّ ذاته وأبعاد الرسالة التي تصل إلى الجمهور. مما يدل على تطور واضح بشكل الندوات الثقافية لتأخذ مناخاً مغايراً للقوالب الجامدة والقراءات السردية، وتحرض الطاقات الإيجابية لدى المتلقي بدلاً من حضوره السلبي فقط.

فكّ الشيفرة
وتحدث المشرف العام سامر اسحق عن هدف الملتقى بفكّ شيفرة الرسالة بعد أن اتسعت الهوة بين المتلقي واللوحة وغدت أشبه بطلاسم لونية، وبينه وبين مقولات العمل المسرحي وغيره من ألوان الثقافة، فالملتقى يتوجه إلى الشريحة العريضة من الجمهور وليس إلى المثقفين والجمهور النخبوي، ويعمل على استضافة القائمين على العمل الفني للتحاور المباشر مع الجمهور.

فضاءات مفتوحة
هيمنت أجواء رومانسية مع موسيقا قصائد الشاعرة عدنة خيربيك المنتمية إلى قصيدة النثر، الفائضة بطاقات شعورية تائقة إلى فضاءات مفتوحة، تدعو الشاعرة من خلالها المرأة إلى التمسك بإرادة الحياة رغم كل ما يحيط بها” لاتسمحي للشيب أن يغزو نبض قلبك” متحاورة معها مستخدمة فعل الأمر في مواضع كي تدخل أشعة الشمس إلى كيانها، وربطت بين أجنحة الحب وآلهة الجمال فينوس وعشتار مستعيرة أجمل الصور للزنابق والجنادل والزيزان، وفي قصيدتها “هواجس أنثى” شجعت المرأة على عدم الاستكانة والاستسلام للأحزان.
“يا الملتاعة/وهاجسك الألم/والحزن يشبهك ويسكنك/افردي شراعك على شاطئ من أمان/وفرح”.
أثار الملتقى إعجاب الحاضرين بعرض فيلم يجمع بين الموسيقا والسينما الصامتة والفنّ التشكيلي والرقص المعاصر، بتجربة حديثة جداً لعرض لوحات الفنان سبهان آدم من فناني ما بعد الحداثة في العالم العربي-إخراج أدهم سفر وتصميم الرقصات خاتشيك كاتشيجيان- من خلال الصورة البصرية التي قوامها اللون والحركة والموسيقا لعكس مضمون اللوحات وشرحها وتقريب قراءاتها المختلفة من المتلقي، وللوهلة الأولى بدا الفيلم غريباً من حيث تكويناته لاسيما أن عالم لوحات آدم مفعم بالغرائبي، ويغوص بسريالية التمرد الإنساني بغية إيجاد منافذ جديدة للأمل لشخوصه البائسة لكائنات العزلة، لكن الملفت هو هيمنة اللون الأرجواني على أجساد الراقصين مع مزيج من الألوان المشرقة، لتتماوج الحركة مع الخلفية للوحة التشكيلية ومع حركة الكاميرا التي تناغمت مع حركات الرقص المعاصر التي تجمع بين الباليه والرقص الكلاسيكي والجمباز وانثناءات الجسد التي توحي بمدلولاتها عن الخوف والعزلة والحزن واللقاء، وربما أراد سبهان أن يدخل المتلقي بقراءات جديدة.

العزف الثنائي والتبادلي
وكان للموسيقا حضور قوي بلوحة ثنائية العزف بين العازف الباحث وضاح رجب باشا على العود وعازف البزق شكري سوباري، قدما من خلالها تجربة موسيقية جديدة، فبدأ العازف وضاح باشا بالعزف على العود لحن الموشح الشهير”لما بدا يتثنى” من مقام النهاوند وعزف سوباري على البزق تقاسيم من مقام النهاوند، ثم عزف الباشا أيضاً لحن موشح “ويمرّ عجباً” من مقام الحجاز ليقابله سوباري بتقاسيم الحجاز، ثم عزف شكري سوباري لحن أغنية كردية اسمها ” ابنة الملائكة” على مقام البيات ليقابله الباشا بتقاسيم البيات.
وتابع وصلة الموسيقا بالغناء الطربي الأصيل المطرب راضي عزام مع عزفه على العود بمشاركة العازف وضاح باشا على الكمان، بتقديم الأغنية التي لحنها عبد الوهاب “يجعلها أعمار” إضافة إلى مقتطفات من أغنياته مثل”عندما يأتي المساء” كما غنى لأم كلثوم مقدمة الأطلال، وأهدى الجمهور رائعة وديع الصافي”عندك بحرية”.

الحوار والتذوق
وأوضحت الشاعرة عدنة خيربيك أنه في الملتقيات القادمة ستكون هناك مساحة أكبر للمناقشة والتحليل، مركزة على أن تبادل الآراء والحوار هو المحور الأساسي للملتقى.
أما المطرب راضي عزام فأبدى سعادته بإطلاق الملتقى الذي يُعنى بالطرب الأصيل بكلاسيكيات الغناء العربي وإحياء الزمن الجميل، مؤكداً أن الشهرة لاتعنيه بقدر ما يعنيه البقاء ضمن مناخ الفنّ الطربي المتناسب مع قوة صوته وأبعاد طبقاته.
ملده شويكاني