ثقافةصحيفة البعث

ذاكرة الفن.. في المعرض الاستعادي الثاني لفنانات سوريات

كانت المرأة السورية وستبقى مكرّمة في بلدها، ويظهر إبداعها في مختلف المجالات، ولذا نرى الفنانة التشكيلية السورية حاضرة وفاعلة في المشهد التشكيلي السوري.
بمناسبة يوم المرأة العالمي افتُتح منذ أيام (المعرض الاستعادي الثاني لفنانات من سورية)، وضمّ لوحات لأكثر من 40 فنانة سورية من مقتنيات وزارة الثقافة-مديرية الفنون الجميلة، حيث أشار معاون وزير الثقافة علي المبيض إلى أن الوزارة أقامت هذا المعرض الاستعادي من مقتنيات مديرية الفنون كتعبير بسيط عن احترامها للمرأة السورية، واحتفالاً بعيد المرأة العالمي وتقديراً لعطاءاتها، لافتاً إلى أن المرأة أكبر من أن توصف بأنها نصف المجتمع، فهي الأم والأخت والزوجة والكلمات عاجزة عن إيفائها حقها، خاصة خلال المرحلة الراهنة ولاشيء يوازي العطاءات التي قدّمتها المرأة في حماية المجتمع وحفظه وصونه وبنائه جنباً إلى جنب مع الرجل، فلا يمكن تعويض من قدّمت أبناءها وذويها فداء للوطن. وأوضح المبيض أن المعرض يضم 46 عملاً لـ 46 فنانة من الأسماء المهمّة في الحراك الفني التشكيلي السوري، وهو تكريم للفنانات القديرات والأسماء الكبيرة، ووجّه الدعوة لمتابعي الحركة التشكيلية السورية ليلاحظوا من خلال هذا المعرض تطور الحراك التشكيلي السوري عبر السنوات الماضية، فهو يضمّ لوحات عمرها أكثر من 50 عاماً وبعضها الآخر لفنانات شابات، وهذا يتيح الفرصة للمقارنة بين الخبرات المتراكمة للفنانات السوريات.

ذاكرة الفن
وأوضح مدير الفنون الجميلة عماد كسحوت أن هذا المعرض الاستعادي يضمّ أهم أعمال الفنانات السوريات منذ فترة الستينيات، وأشار إلى أنه من خلال عرض هذه الأعمال يظهر دور وبصمة الفنانات السوريات في الحركة التشكيلية، ونرى إلى أين وصل الفن السوري في هذه المرحلة، إذ يظهر أن هناك تنوعاً بالفن التشكيلي السوري، وأن سورية بلد عريق بالثقافة، وكيف تضمّن الفنانة السورية لوحاتها من خلال مشاعرها وأمومتها، وتقدمها لجمهورها، حيث إن لكل لوحة موضوعاً وحالة معينة. وأضاف: هدفنا أن نعيد ذاكرة الفن التشكيلي السوري للجمهور، وهو فرصة لعرض لوحات ومقتنيات وزارة الثقافة للجمهور.
كذلك رأت هيام سليمان مسؤولة قسم الإعلام في مكتبة الأسد أن الشعوب التي تنهض من الحروب بهذه القوة والإبداع لا يُخشى عليها، وسورية امتلكت ناصية الموت بالشهادة والشرف وامتلكت ناصية الحياة بالفن، وحين غاب الرجل ليدافع عن الوطن انفردت المرأة بالإبداع، وسورية مهد عشتار الأول، لذا يسعدنا أن نستضيف صانعات المجد في هذا المعرض الذي سيكون بداية انطلاق لنهضة المرأة السورية التي سنراهن عليها في القادم من الأيام. كما أكد الناقد سعد القاسم أنه لولا مناسبة عيد المرأة العالمي فإن هذا المعرض لا يملك مبرراً تشكيلياً لأن المرأة ليست مفصولة عن المشهد التشكيلي السوري ولا يمكن تصوّره من دونها، فهي جزء أساسي وأصيل، وهذا الوجود مرتبط بالتجربة الشخصية وبالإرث المحلي للفن التشكيلي، وهذا كله يترجم بالأعمال التي نراها في المعرض وبكل ما نراه فيه من غنى وتنوع.

أجيال مختلفة
ورأت الفنانة لجينة الأصيل أن الفن التشكيلي مهمّ للمرأة والرجل، ولا نستطيع أن نخصّصه، ومستوى الفن التشكيلي السوري لكليهما مستوى مميز بالنسبة للفن العالمي، ولذا لا أتفاجأ برؤية أعمال جميلة تستحق الوقوف عندها في هذا المعرض الاستعادي للفنانات السوريات. وأكدت الأصيل أن المرأة السورية مكرمة دوماً وأخذت موقعها، لأن كل امرأة هي صنيعة يدها. وبيّنت أنها فكرة رائعة وشيء إيجابي أن ترى لوحتها القديمة في المعرض، وهي “بورتريه” يجعل المتلقي يدخل إلى العمق الداخلي للإنسان والمرأة هي النموذج المميز. كذلك وجدت الفنانة أسماء فيومي أن هذا المعرض تشجيع للحركة التشكيلية ومساهمة في إنماء الفن التشكيلي في سورية، وفتح مجال لرؤية كيف يتطور الفن والاطلاع على الأعمال القديمة والجديدة، وهذه المحاكاة والخلط بين الأجيال المختلفة مهمان جداً. كما بيّنت الفنانة نهى جبارة أن لوحتها الموجودة في المعرض هي اقتناء جديد للوزارة (عام 2017)، وتتحدث عن خبايا النفس البشرية ومعاناة الأزمة، لافتة إلى أن المعرض يعيد ذاكرتنا الفنية، وهو فكرة جميلة لنرى لوحات قديمة لأسماء عظيمة نتعلم من تجربتهن، وفرصة لعرض مقتنيات الوزارة أمام الجمهور.
وتحدثت الفنانة مفيدة ديوب عن مشاركتها فقالت: إن وجود عملي الذي قدمته عام 2012 في هذا المعرض كان مفاجأة جميلة لي، وهو عمل عبّرت فيه عن ارتباك الأسرة وعن حرارة المشاعر دون أن نعلم في حينها ما ستحمله لنا الأيام من خلال ألوان حارة، وتكوين وتجريد وتعبير يظهر ألم المرأة فيها واضحاً، وعلى الرغم من كل ما حدث فهي بقيت متمسكة بهذه الأرض وزادتها الأزمة تمسكاً وعطاءً لأن المرأة ورد وقمح وعطاء. وبيّنت أن إعادة عرض اللوحات يدلّ على اهتمام الحركة التشكيلية الثقافية بالمرأة بشكل خاص، وتشارك أيضاً الفنانة الشابة أسمى حناوي في المعرض بلوحة من مقتنيات مديرية الفنون الجميلة عام 2014، وهي لوحة بورتريه من دون هوية واضحة ومعالم محدّدة، وتبدي حناوي سعادتها بمثل هذه الفعالية المهمة لأنها تضم أجيالاً عدة وأساليب متنوعة وأعماراً مختلفة.
لوردا فوزي