اقتصادصحيفة البعث

المعالجة الجزئية غير مجدية.. إشكاليات “التأمين الصحي” تتفاقم بالتوازي مع التأخر بإصدار قانون التأمين

لا تزال إشكاليات ملف التأمين الصحي، كضعف التغطية التأمينية، وحالات سوء الاستخدام والكثير غيرها تقف حجر عثرة في وجه تطور وارتقاء هذا الملف إلى الشكل الأمثل الذي يلبي تطلعات جميع شرائح المجتمع، فعلى الرغم من الاهتمام الحكومي لجهة الانتقال بهذا الملف إلى مرحلة أكثر تطوراً من الناحية التشريعية، وإعطائه الصبغة الرسمية بتحديد مصادر تمويله، وطرق إدارته وآليات الرقابة عليه ولاسيما بعد التوجه الحكومي الأخير لتشكيل مجلس وطني أعلى للتأمين الصحي يعنى برسم سياسة التعاطي الآنية والمستقبلية مع هذا النوع من التأمين وتحديد أدوات نحاجه، وذلك من خلال إصدار قانون جديد للتأمين، فإن  التأخير والمماطلة ما يزالان سيدي الموقف لجهة إصدار هذا القانون الذي يعتبر المظلة الأساسية للنشاط التأميني..!

مبررات

كانت مبررات تأخر الجهات المعنية بإصدار قانون التأمين حاضرة، إذ أكد وزير المالية الدكتور مأمون حمدان أكثر من مرة أنهم مازالوا في طور الدراسة بغية التوصل إلى صياغة لقانون شامل ومتكامل وحديث يتوافق مع المتغيرات الحاصلة في سوق التأمين، ويؤيده بالرأي مدير عام هيئة الإشراف على التأمين المهندس سامر العش الذي أكد أنهم بصدد إعداد قانون يلحظ جميع القضايا المغفلة في القانون السابق، ويشمل كافة تفاصيل القضايا التأمينية، وأن الهيئة قامت بتوزيع مسودة القانون على شركات التأمين لدراسته وموافاتها بملاحظاتهم قبل نهاية العام الماضي بأشهر.فرغم مرور أكثر من عام على تشكيل اللجان المعنية بدارسته، وحتى الآن لا يوجد مؤشرات تدل على إمكانية إصداره قريباً..!

إعادة هيكلة

بالعودة إلى إشكاليات التأمين الصحي ومدى إمكانية تجاوزها في ظل تنامي واتساع دائرة الشكوى وتعالي أصوات المؤمن لهم حول مدى تغطيتهم  بنظام التأمين الصحي، وقدرته على تقديم الخدمة الصحية بالشكل الأمثل، يرى الدكتور حبيب الطويل المدير التنفيذي لإحدى شركات إدارة النفقات الطبية أن الحل يكمن بإعادة هيكلة وثيقة التأمين الصحي الإداري لجهة المنافع والتغطيات والحدود المالية، بحيث تتوافق مع القسط التأميني المعتمد، وذلك على اعتبار أن القطاع الإداري هو القطاع الأكبر، والذي يمثل موظفي القطاع العام وتبلغ نسبته حوالي 87%، منوهاً إلى أن هذا الملف قيد الدراسة على طاولة لجنة مراقبة تطبيق عقود التأمين الصحي، ولافتاً إلى ضرورة وضع ضوابط ومعايير محددة للمنافسة الاحترافية لجهة الأقساط المعتمدة لعقود التأمين الصحي الصادرة عن شركات التأمين، لما لها من الأثر الايجابي على تقديم الخدمات التأمينية أصولاً للمستفيدين منها، مع ترك هامش لشركات الإدارة ليكون القسط متوافق مع أسعار الخدمات المقدمة، بالإضافة إلى إعادة دراسة التعريفات الصحية، وتحديثها وفق متطلبات الحاجة، وإلزام المتعاقدين مع الشبكة بها، مع زيادة عدد الوسطاء والوكلاء لتفعيل التسويق الإلكتروني لمنتجات التأمين، مما يؤدي بالتالي إلى توسيع رقعة التأمين الصحي لتشمل جميع الأفراد.

معالجة حقيقية

وفي ذات السياق يري مروان مطره جي الرئيس التنفيذي لشركة الرعاية الطبية “إيمبا” أن المعالجة الجزئية لإشكاليات الملف لا تمثل معالجة حقيقية، ما يعني بالمحصلة ضرورة الإسراع بإقرار نظام التأمين الصحي، الذي يحدد العلاقة ما بين جميع الجهات المعنية بهذا القطاع، وأن تكون التغطية التأمينية متاحة أمام الجميع، وفتح باب المنافسة في مدى التغطية المطلوبة من قبل المؤمن، منوهاً إلى ضرورة دراسة التعريفات المنصوص عليها ضمن القانون، التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار قدرة العمال ورب العمل على تأديتها، وبين مطره جي أن القانون يجب أن يشتمل على إجراءات تكفل منع الانحرافات أي “عدم الالتزام” من قبل الأطراف المعنية، والتأكيد على التزام بالمعايير والتطبيقات، بالإضافة إلى إلزام مقدمي الخدمة بالتعريفات المحددة، ونفى مطره جي خلال حديثه قدرة أي نظام تأمين على الارتقاء بواقع التأمين الصحي ومعالجة كافة الإشكاليات ما لم يقترن بتكنولوجيا المعلومات، التي تتيح إنشاء ملف طبي موحد لكل مؤمن، يتم خلاله التشخيص السريع والمعالجة، إضافة لإمكانية اعتماده الوصفة الإلكترونية أيضاً، والتي تساهم في خفض نسب حالات سوء الاستخدام.

فاتن شنان