تحقيقاتصحيفة البعث

هوس عمليات التجميل.. بحث دائم عن الوجه المثالي.. ومراكز تستقطب جميع الأعمار

البحث الدائم عن الجمال والوجه المثالي أصبح مطلب الجميع من رجال وسيدات، حيث تجاوزت هذه العمليات حدود تجميل التشوهات الخلقية، أو الناتجة عن حوادث السير، أو الحريق، أو ما شابه ذلك، لتصل إلى حدود تغيير الملامح تماماً، فغالباً ما يخرج الشخص من هذه العمليات بشكل جديد قد لا يشبه إلى حد ما الشكل السابق له، وهذا غالباً ما نشاهده عند النساء، أما الرجال فهم يعتمدون على بعض التعديلات السطحية، ومعظمهم من فئة المشاهير من مطربين، وممثلين، والغريب في مجتمعاتنا العربية التي كثيراً ما تخرج بفتاوى المشايخ، وانتقادات المتزمتين لكل كبيرة وصغيرة، أنها لم ترفض أو تنتقد هذا النوع من التغيير، بل على العكس تماماً تلاقي هذه العمليات ترويجاً وانتشاراً مذهلاً بين الناس، وأهم مؤشر هو اكتظاظ عيادات ومراكز التجميل بالزبائن، وتحول معظم عيادات الأطباء لهذه الغاية!.

مخاوف

ازدادت أعداد مراكز التجميل في سورية خلال السنوات السابقة رغم وجود الأزمة، والملفت للنظر أن هذه المراكز تضج بالزبائن من مختلف الجنسيات، ما يشير إلى السمعة الطيبة التي يحظى بها أطباء التجميل في سورية، دكتور الجلدية  نوار سعيد بيّن أن هناك إقبالاً كبيراً من العراق ولبنان على عيادات ومراكز التجميل، فمعظمهم لديهم الثقة الكبيرة بعمل الطبيب السوري، فالزبون يخاف من الأخطاء الطبية، وخاصة في عمليات التجميل التي قد تسبب حالات تشوه دائمة في حال تم الاعتماد على أطباء أو مراكز غير معروفة، والبعض يلجأ إلى مراكز التجميل لدينا للحفاظ على سرية القيام بهذا النوع من العمليات خوفاً من انتقادات أسرهم ومجتمعاتهم، أما أكثر العمليات المطلوبة في مراكز التجميل فيؤكد سعيد بأنها تتعلق بجمال الوجه، وتغيير بعض ملامح الأنف، والاسوداد تحت العين، ومشكلات البشرة كالبقع، والنمش، والتجاعيد.

نسب عمرية

سابقاً كانت عمليات التجميل ترتبط بالمراحل المتقدمة من العمر لإخفاء بعض الترهلات والتجاعيد، ولتحسين الآثار التي سببتها السنوات، ولكن الآن اختلفت وجهة نظر المجتمع لعمليات التجميل، وأصبح السعي وراءها هاجساً مرتبطاً بتغيير الملامح، والحصول على وجه جميل ومثالي، وهنا تؤكد خبيرة التجميل منال مقدم أن أعمار الزبائن في المركز تتراوح ما بين 18 و60 عاماً، لكن النسبة الأكبر هي من الفتيات صغار السن، ومعظم العمليات ترتبط بنفخ الشفاه، والتخلص من الشعر الزائد، وتجميل الأنف، وعمليات الليزر والبوتكس، وهي أكثر العمليات التي نقوم بها بشكل يومي، وترى الخبيرة أن الكثير من العمليات لا يكون لها سبب مقنع، إلا أن الزبونة تلح على إجرائها رغبة منها بمواكبة أحدث الصيحات المتعلقة بالجمال، حتى وإن كان ذلك لا يتناسب مع تقاسيم وجهها وشكله.

المؤثر الأهم

تجتاح جيل الشباب موجة من المعايير الوهمية المرتبطة بالجمال رغم أنها غير واقعية، ومع ذلك فإنها تشكّل ثوابت لمعظمهم، وترى أستاذة علم الاجتماع ميس العلي الدور السلبي الذي تقوم به وسائل الإعلام في ترسيخ ماهية الجمال، ووضع شكل نمطي له من خلال تسليط الضوء على شخصيات فنية مشهورة اعتمدت على عمليات التجميل لظهورها في وسائل التواصل الاجتماعي، والتلفاز، ومعظم هذه الشخصيات تعتمد على شكلها الخارجي لتنال أكبر عدد من المعجبين والمتابعين لها، ومع ذلك فإن الشكل الذي يتأثر به الجمهور ويجذبه يمر بمراحل تنقية وفلترة للفيديوهات والصور، وبمعنى آخر فإن الشباب يتأثرون بأشكال غير حقيقية، ويسعون لتقليدها، أو الحصول على هذا المستوى من الجمال، وتضيف العلي: معظم البرامج التلفزيونية تروج لتلك العمليات، وهناك برامج تقوم ببعض العمليات في الاستديو، لذلك فإن وسائل الإعلام تعتبر من أهم الأسباب التي ساعدت في انتشار هذا النوع من العمليات.

عامل نفسي

هواجس عمليات التجميل لا ترتبط بثقافة، أو بيئة، أو مستوى علمي معين، حتى إنها لا ترتبط بالحالة المادية للشخص، فقد يكون الزبون من أصحاب الدخل المحدود، أو من ربات البيوت، وهذا ما تفسره العلي بعمليات التفريغ، أي أن السعي وراء تلك العمليات هو تعويض عن حالة الملل التي يعيشها الشخص، أو عدم الثقة بالنفس، وربما يكون نوعاً من الرغبة في التغيير، والخروج من حالات اكتئاب أو حزن، ولا تغيب عن عيادات التجميل فئة المتعصبين للتقاليد والموروث الاجتماعي، وهم قادرون على خلق المبررات لتلك العمليات، وخاصة إذا تعلق الأمر بالبحث عن ابن الحلال، فالفئات المنغلقة تبرر القيام بهذه العمليات لإرضاء عريس الغفلة، وبالتالي ضمان مستقبل البنت.

عامل مادي

الترويج لهذا النوع من العمليات لم يكن له أثر فقط على الأشخاص في المجتمع، بل طال فئة الأطباء الذين توجه معظمهم إلى إجراء هذا النوع من العمليات، وإقحام أنفسهم فيها، فلم تعد هذه العمليات مرتبطة باختصاص معين، والكل لديه الحق في إجراء عمليات البوتكس، والنفخ، والشد، وغيرها من أجل الحصول على دخل أكبر، هذا ما نراه على لافتات الأطباء في شوارعنا: “حقن بوتكس وفلر وملء وشد الوجه”، رغم أن الطبيب يكون من اختصاص مختلف عن هذا النوع من التجميل كالأسنان، أو الأذن الأنف الحنجرة، أو العيون، كما أن إجراء هذا النوع من العمليات يحتاج لتخصص، ولا يمكن لأي طبيب القيام بها، فقد تسبب تشوهاً في الوجه إذا لم تجر بمهنية عالية، لذلك ننصح الجميع بالتوجه إلى أطباء مختصين في عمليات التجميل.

 

مرحلة خطرة

يمكننا نوعاً ما أن نتجاوز رغبة أي شخص بالحصول على وجه جميل ومثالي، إلا أن الأمر لم يتوقف عند ذلك، إذ إن هذه العمليات بدأت تأخذ منحى جديداً يتعلق برسم ونحت الجسد وتغييره بالكامل، وهناك معايير باتت توضع للجسم المثالي، وكيف يجب أن يكون، وعن هذا النوع من العمليات يكشف الدكتور سليم خضر أن عمليات نحت الجسم تقوم على مبدأ إزالة الدهون من المناطق الممتلئة في الجسم، وإعادة وضعها في أماكن يراد تكبيرها، وهذه العمليات غالباً ما تكون للناس الذين يعانون من السمنة والوزن الزائد في مناطق من الجسم، لكن هناك أشخاصاً ليست لديهم أية مشكلات في الوزن، لكنهم يسعون لتجميل أجسادهم عن طريق تعبئة بعض المناطق، وتنحيف مناطق أخرى، ويشكّلون عدداً لابأس به من الزبائن.

ميادة حسن