اقتصادصحيفة البعث

“وجعلنا منها..”؟!

ثمة عدد من المشاريع الحيوية المرتبطة بشكل مباشر بـ”أمننا” الاقتصادي عامة والزراعي المائي خاصة، لا تأخذ حقها من السرعة المطلوبة أو التسريع اللازم لدخولها دائرة التنفيذ المباشر، على الرغم مما يبدو من تكامل وإنجاز في أركانها القانونية والفنية والمالية، وحتى في جدواها الاقتصادية وعائديتها المباشرة المثبتة.

من تلك المشاريع المتلازمة عناوينها بسمة “الوطني” على سبيل المثال، المشروع الوطني للري الحديث في سورية، فمع أنه ليس بجديد وكان قبل الأزمة، لكن الأخيرة جعلته “جديداً” بعدما شهدت ما شهدت مساحتنا الزراعية من تعديات.. أخرجت كبير المساحة وهامها من الاستثمار والإنتاج.

تعديات ترافقت كما شهدنا على مدار أكثر من عقد، مع تغيرات مناخية انعكست على تراجع في كميات الهطل المطري السنوي كماً وتوزعاً، وبالتالي على مصادرنا المائية، وهذا الـ”ليس بالطارئ” – والمتوقع تفاقمه قادماً – يستدعي تجاوباً مختلفاً لناحية حيوية وسرعة التدخل الحكومي وأذرعها المعنية، للحد من الآثار السلبية على مواردنا المائية والزراعية.

ما يثير التساؤل أن هناك تجاوباً لكن ليس بالقدر الذي يستحقه أمننا الغذائي والمائي من تدخل سريع، علماً أن كل يوم تأخير في المباشرة بتنفيذ المشروع يترتب عليه خسارات مائية عزيزة وثمينة، وتقلص لمساحات زراعية مروية، نتيجة للتأخر في تطبيقات الإدارة الفاعلة بأقصى حدودها لمواردنا المائية؟!

ألف هكتار بالتمام والكمال هو المخطط تغطيته بالري الحديث هذا العام 2018، موزعة على ست محافظات (اللاذقية– طرطوس– حلب– حماة بشقيها الغاب وحماة– حمص– ريف دمشق)، ولأجل ذلك تم رصد 1.2 مليار ليرة، كما تم إنجاز كل الدراسات وتحديد الأراضي التي سيشملها الري الحديث، لكن على الرغم من هذا وغيره ها هو ذا العام الجاري يودع شهره الثالث، ولا زلنا ننتظر عرض المشروع على طاولة الحكومة للبت في مقترحات طال تقديمها وتأخر إقرارها؟!

مقابل ذلك نرى أن هناك مشاريع ري حديث محدودة مناطقياً، ممولة من منظمات عالمية، يجري فيها العمل على قدم وساق؟!

على ما سبق نقول: إن كل قطرة ماء وكل سم2 في الألف هتكار يتأخر استثمارها تشكل هدراً وضياعاً مائياً وإنتاجياً، وبالتالي خسائر مالية وتنموية..

ويكفي أن نعلم أن ما نسبته 35- 50% هو الوفر المائي الذي يمكن تحقيقه في حال تطبيق الري الحديث، حتى ندرك فداحة ما يفوتنا من فوائد ومنافع نتيجة إضاعتنا لتلك النسبة ممن “.. جلعنا منه كل شيء حي”. والسؤال الختام: لما كل هذا التأخير في التنفيذ، علماً أنه كان واجباً البدء به منذ اليوم الأول من هذا العام؟!

نأمل ألاَّ “يسرق” الوقت أصحاب القرار، وتمر الشهور المتبقية للمخطط تنفيذه، ليجدوا ونجد أنفسنا في نهاية الـ 2018 أمام إشكالية احترامنا للبرامج الزمنية وقيمة الوقت في حسابات الجدوى والتنمية!

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com