تحقيقاتصحيفة البعث

لم تقهرهم الظروف فلاحو بلودان والزبداني ينتظرون إعادة تنشيط الواقع الزراعي

 

 

فلاحو بلودان يتمسكون بأرضهم، وبكل حبة تراب من هذا الوطن، على الرغم من كل الظروف التي واجهوها خلال هذه الأزمة، كل ذلك يأتي في إطار تحقيق الهدف الأسمى، وهو الاستمرار بتوفير ما نحتاجه من غلال زراعية وصولاً لتحقيق زيادة في الإنتاج.. بلدة بلودان زراعية بامتياز، إذ يعمل في هذه المهنة نحو 5% من القوى العاملة فيها، وتتنوع، وتتعدد محاصيلها التي تشتهر بالجودة والإنتاجية العالية لاعتماد الأساليب العلمية الحديثة والأصناف المحسّنة.

خطط مستقبلية
صبحي علي، رئيس الجمعية الفلاحية في بلودان، يقول : بعد خلاص المنطقة من الإرهاب والإرهابيين نسعى مع اتحاد فلاحي دمشق لإعادة تنشيط الواقع الزراعي في بلودان من خلال تشجيع الفلاحين للعودة إلى العمل في أراضيهم الزراعية، والسعي لتأمين مياه السقاية والبذار والسماد، إضافة لصرف التعويضات الزراعية للفلاحين المتضررين من فعل الأزمة، وقد وضعنا خطة مستقبلية للنهوض بواقع عمل الجمعية بحيث يتم تأمين مستلزمات الزراعة، وإحياء الزراعة من جديد، وفيما يتعلق بالمياه قامت الجمعية بتأمين بئرين في منطقة عين بو سعد بوسط الجبل “أبو زاد”، والفائدة من هذين البئرين تأمين سقاية الأراضي للمزارعين بحدود 1600 دونم سقي، وتقوم الجمعية بإعادة الهيكلة لهذه الآبار من صيانة “الميتورات” والمضخات والغواطس المتضررة، إضافة لبناء غرف تخديم للآبار، وتأهيل السواقي، وجداول المياه المتهدمة والمتضررة، ويتم ترميم الجداول بالاسمنت الجديد، وفيما يتعلق بالطرق الزراعية المتضررة خلال الأزمة نعمل على تأهيلها بالكامل من تعبيد وتزفيت، ووضعها في خدمة الفلاحين، وهي عبارة عن ثلاثة طرق في بلودان.

تنشيط المناحل
بعد عزوف مربي النحل في البلدة بسبب الإرهاب، وصعوبة التنقل تتم حالياً إعادة تنشيط المناحل في المنطقة، وضمن الأراضي الجبلية، وإعادة الهيكلية من خلال تشجيع المربين للعودة إلى العمل في المناحل الموجودة، وهي 5 مناحل، وتأمين الخلايا والصناديق الجديدة للمربين، وتأمين تسهيلات مرنة لهم، وتشهد مهنة تربية النحل معاناة كبيرة.
أحد مربي النحل في بلودان، أكد أن صعوبة التنقل في المناطق الجبلية جعل الوصول إلى خلايا النحل أمراً صعباً، كاشفاً عن تدمير الخلايا، وسرقتها من قبل الإرهابيين، ولتراجع تربية النحل في جرود بلودان أسباب، وأبرزها قلّة المراعي في العامين الأخيرين، وتأخر الأمطار والجفاف، وانتشار آفات النحل والخلايا الخشبية والشمع، في ظل ارتفاع تكاليف الترحيل والنقل، إذ تتجاوز تكلفة الخلية الواحدة 40 ألف ليرة، ويشير عضو المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة والري في محافظة ريف دمشق محي الدين أبو الشمس إلى وجود معاناة وصعوبات كبيرة لمربي النحل في جرود بلودان والزبداني، وصعوبة الترحيل بسبب الظروف الحالية، فعدد مراعي المنطقة غير كافٍ، كون النحل يحتاج إلى مناطق رعوية، تبدأ من الربيع المبكر إلى الخريف المتأخر، موضحاً أن الحرب حرمت المربين من نقل مناحلهم إلى مناطق رعوية مهمة.

الثروة الحيوانية
انخفضت أعداد الثروة الحيوانية بسبب قلة المراعي والأعلاف، وارتفاع تكاليف مستلزمات التربية، وعدم استقرار القطيع، وتنقله بكثرة، وعزوف بعض المربين عن العمل في هذه المهنة ضمن الظروف الراهنة، ولا تتوافر حالياً إحصاءات دقيقة عن أعداد الثروة الحيوانية لصعوبة الوصول إلى أماكن وجودها، وعدم استقرارها في مكان محدد من أجل مسحها، ورصد أعدادها بسبب الأعمال الإرهابية التي كانت متواجدة في المنطقة، ويقول رئيس الجمعية صبحي علي: إن منطقة الزبداني عامة، و بلودان خصوصاً عانت كثيراً من وجود الإرهابيين في المنطقة، وهذا أدى إلى تراجع خطير في واقع الثروة الحيوانية، وتقيد حركة القطعان، إضافة إلى ندرة وصعوبة الحصول على العقاقير البيطرية والتجهيزات الأخرى، وخصوصاً في المزارع الجبلية في بلودان، فنجد من الضروري بعد دحر الإرهاب من المنطقة أن تقوم الجمعية بإحياء الثروة الحيوانية من خلال تشجيع المربين، وتقديم الدعم اللازم لهم من أعلاف، وتأهيل أماكن الرعي، وتأمين الرعاية البيطرية من لقاحات متنوعة للأبقار والأغنام والماعز والدواجن بأنواعها، وقمنا بإرسال عدة كتب للجهات المعنية لتقديم الدعم اللازم لمربي الثروة الحيوانية، فيوجد في بلودان مربو أبقار وماعز وأغنام، ويوجد حوالي 3000 رأس من الغنم والماعز، والدولة تقوم مشكورة باستيراد الأبقار من النوعيات الجيدة، وبيعها لكل من يلزمه من المزارعين بأقساط مريحة.

الثروة الحراجية
نظراً لوجود تعديات كبيرة على الثروة الحراجية التي برزت خلال الأعوام الأخيرة من قبل الإرهابيين وضعاف النفوس من خلال عمليات الاحتطاب الجائر للحراج، والإتجار بالحطب، والاعتداء على المواقع الحراجية، والمحميات، يقول رئيس الجمعية: لابد من إجراءات لإعادة الثروة الحراجية إلى وضعها السابق، فوضعنا خطة مستقبلية بالتنسيق مع الجهات الزراعية المختصة، وقمنا بعقد اجتماع لمجلس إدارة الجمعية، ومناقشة وضع الحراج في المنطقة، ووضع برنامج وقوائم مطالبات لمستلزمات إعادة الحراج من تأمين غراس، ودعم عمليات التشجير الجديدة في مواقع: عريض- عين الغنم- عين أبو سعد- عين نسور- البرانية- تسنيم الجوانية- المعلقة- جبل يونان- الشقيف، ومن جهة الغراس نظمنا جداول وسجلات لتأمين غراس للفلاحين، منها: تفاح– دراق- أجاص- مشمش- كرز- قسم اللوزيات، وسيتم توزيعها على جميع الفلاحين الذين عادوا للعمل ضمن أراضيهم.

الري ومشاكله
وأضاف: هناك معاناة كبيرة للفلاحين جراء تضررهم من شبكات، و”ميتورات”، وردم آبار، وهدم غرف زراعية، وتخريب في شبكات الري، نحن نعمل للتخفيف على الفلاحين من هذه الأضرار، ونطالب بصرف التعويضات المناسبة، وحفر المزيد من الآبار، وخاصة في منطقة عرضان، الأجاص، والبقبوق لزوم الثروة الحيوانية، ونطالب بتأمين آليات حراثة للأراضي بأسعار مقبولة ومخفضة، نظراً لوضع الفلاحين الصعب، ويلزمنا بناء غرف زراعية للحفاظ على ممتلكات المزارعين، وتقوم الجمعية حالياً بتوزيع مياه السقاية على أراضي الفلاحين في ساعات محدودة لكل مزارع وبشكل دوري كل 15 يوماً، وهذا غير كاف، ويستدعي ذلك حفر آبار إضافية من أجل إرواء كامل الأراضي كي لا نخسر المواسم الزراعية.

نباتات وأعشاب طبية إلى انقراض
في جرد جبال بلودان العالية توجد نباتات وأعشاب طبية، منها الزلوع، والريباس، وغيرهما، واستهداف هذه الثروة الوطنية يهدد معظم الأنواع النباتية والطبية الموجودة في جبال بلودان منذ القدم بالانقراض نتيجة الممارسات البشرية الجائرة، وتغيّر الظروف الملائمة، وتدهورها، ويجب على المجتمع الأهلي، والمرشدين الحراجيين، الإسهام قدر الإمكان في الحفاظ على ما تبقى من هذه الثروة، والتنوع من خلال نشر الوعي البيئي، والتعريف بأهمية التنوع الحيوي، وكذلك إنشاء المحميات الطبيعية، وزيادة مساحة الرقعة الخضراء.

اتحاد الفلاحين على الخط
وبشكل عام أشار محمد خلوف، رئيس اتحاد فلاحي دمشق وريفها، إلى أنه على الرغم من الظروف الراهنة القاسية والصعبة، فإن الفلاح في منطقة الزبداني مثابر ومجدّ، ولم ينقطع عن أرضه وعمله الزراعي، ويعدّ بحق إنساناً مغامراً كونه يضع رأسمالاً كبيراً في أرضه، ولا يعرف إن كان سيستطيع جني مردودها أم لا بسبب الأضرار الكبيرة من فعل الإرهاب، وتوقّع خلوف عودة النشاط الزراعي إلى سابق عهده، بل وأفضل، ليسهم في تعبئة “سلة خضر” المنطقة الجنوبية من القطر، ويدعم الاقتصاد الوطني.

في المحصلة
على الرغم من سنوات الأزمة القاسية، والأعمال الإرهابية، فإن فلاح الزبداني وبلودان متمسك بزراعة أرضه، إذ يتكلّف رأسمالاً كبيراً جداً لقاء زراعة أرضه، وهو لا يعرف إن كان سيجمع مردود ثمارها في نهاية الموسم أم لا، وهذا دليل إصرار على التمسك بعطاء هذه الأرض الطيبة، وتحد للأزمة التي عصفت بالبلاد، ما يجعل دعم هذا الفلاح بكل الوسائل والإمكانات المتاحة أولوية لإسهامه في إحياء الأرض، وتأمين لقمة العيش، ودعم الاقتصاد الزراعي.

عبد الرحمن جاويش