ثقافةصحيفة البعث

“كوميديا شو” في احتفالية مسرحيي اللاذقية

 

 

يبدو أن يوم المسرح العالمي الذي اعتاد مسرحيو العالم أن يحتفلوا به كل عام قد أخذ طابع الاعتيادية والروتين، ليس لدى المسرحيين العرب فقط، بل حتى لدى مسرحيي العالم، وكأن الأمر يشير إلى التسليم من قبل المعنيين بالمسرح إلى عدم القدرة على إيجاد حل لما يُسمّى أزمة مسرح عربية وعالمية.
وبما أننا بصدد الاحتفال بيوم المسرح فمن المناسب اقتصار الحديث على الإشكالات التي يعانيها أبو الفنون، ولنبحث بهذه الإشكالات في مسرحنا السوري سواء من حيث العروض التي قُدّمت، أم من حيث الطقس المسرحي الذي اقترن بوجود جمهور يحقّق هذه الغاية. وفي حال توقفنا عند الأسباب التي ينسبونها لغياب هذا الطقس، التقينا عدداً من مسرحيي اللاذقية أثناء تدريباتهم على العرض المسرحي “كوميديا شو” ليعرض ضمن احتفالية يوم المسرح، وبداية توقفنا مع الفنان نبيل مريش الذي قال:
تمر ذكرى يوم المسرح مثل أي ذكرى، ربما تقدم بعض النشاطات، لكن في الواقع هو مناسبة عابرة، فالمسرح أبو الفنون ومن الضروري الاحتفال الحقيقي به ولأكثر من يوم.
وبأسف يتحدث مريش عن تراجع المسرح على أكثر من صعيد، الممثل، المخرج، الإنتاج والجمهور والنص، إذ ربما ساهمت الحرب على سورية في ترسيخ هذا التراجع، فالمسرح لا يأخذ حقه على كل المستويات وهذا مؤسف ومحزن.
وأضاف الفنان مريش: أنا رجل هاجسي المسرح تسكنني حالة شغف به ستبقى معي حتى آخر لحظة أتمكن فيها من العطاء على الخشبة، فنبضي مسرح ولا أعرف أن أقوم بأي عمل إلا مسرح وفن.
وعن سوية الأعمال التي تقدم يرى أنها جيدة وتستحق المشاهدة، ولو أن دعم وزارة الثقافة للمسرح جزئي، فالفكرة تصل للجمهور الذي يحضر، ولو أن الجمهور الكبير الذي كان يحضر للمسرح سابقاً تراجع، ومن أسف أن هناك عروضاً تقدم لا يتعدى جمهورها الـ 40 شخصا. وجميعنا يعرف أن الإبداع يحتاج لمتلق وإلا لا يحقق غايته، إضافة إلى أن سوية بعض الأعمال جعلت المشاهد يبتعد عن المسرح، أيضاً التقصير الإعلامي في الترويج للعروض وتغطيتها يسيء للمسرح، كذلك المسرحي والفنان مظلوم في المحافظات، والجهات المعنية بالمسرح مقصرة بحقه، فأي فنان يسعى لأن يقدم فنه للآخر، على صعيد سورية والوطن العربي، وأنا أجزم أن في سورية طاقات عالمية، تعمل بكل جرأة وبتصالح مع الذات وتمتلك الإمكانيات.
وعن دوره في عرض “كوميديا شو” قال: أنا راض عن دوري في العمل بنسبة 90%، وأستمتع بالعمل مع المخرج لؤي، فهو يشتغل على تفاصيل مسرحية قد لا أنتبه لها، ورؤيته المسرحية تعجبني، كما أن كادر المسرحية يساعدوني على تقديم كل طاقتي في العمل، وبالنهاية لا احد يصل إلى الكمال، وأنا أقف مع نفسي بعد كل عمل، ولا أتهاون مع أي ثغرة أراها في عملي.

شكسبير اللاذقية
ويعرّف الفنان عبد الناصر مرقبي الذي عرفه الجمهور عبر التلفزيون والسينما عن نفسه بأنه شكسبير اللاذقية، وعن رؤيته ليوم المسرح قال: تصورنا ليوم المسرح مرهون بوزارة الثقافة التي يفترض أن يقام لهذا اليوم مهرجان واحتفال كبير يكرّم فيه كل من له علاقة بالمسرح سواء من رحلوا أو من لازالوا على قيد العطاء، لكن للأسف دائماً التكريمات تأتي ما بعد الوفاة وهذه معاناة حقيقية لم نتخلص منها، وحتى زيارات الوزير لبعض الفنانين هي حالة انتقائية لا تحكمها الضرورة.
وأضاف: في يوم المسرح نحاول كفرقة للمسرح القومي المحافظة على هذا الطقس، وآخر مشاركة لي في المسرح كانت في 2013 والآن أتيحت لي فرصة لأقدم شيئا للجمهور، فالمسرح بالنسبة لي هو الأول والأخير والأقرب لروحي، وبعده تأتي السينما وآخرها التلفزيون، وبسبب الظروف المادية التي لا تدعم المسرحيين نضطر للعمل في التلفزيون، وبلدنا مليئة بالمبدعين.
أما دوري في مسرحية “كوميديا شو” فأجسد شخصية الشاعر شكسبير، وهناك عمل مونودراما ينتظر الظروف حتى نتمكن من عرضه، وأحاول أن أفصل بين عملي كمخرج وكممثل، بأن أرى نفسي في مرآة أخرى.

قوتي في حريتي
وتكمن قوة الفنان فايز صبوح في حريته كفنان ويضيف: لا أخاف من احد، أنا إنسان متعطش للمسرح وشغوف به، أما يوم المسرح فأشعر أنهم ينتظرون عاماً للاحتفال بهذا اليوم، وأنا أراها وقوفاً على الأطلال، فخلال العام هناك إهمال ولامبالاة، فمن يريد أن يحتفل بالمسرح عليه أن يعطيه حقه عبر دعمه وبناء صالات تليق به وتستوعب الجمهور الذي يحضر لمشاهدة العروض المسرحية، ومن خلال صحيفتكم أقول للمعنيين بالمسرح: من يريد أن يحتفل بهذا الطقس نطلب منه دعم المسرح دعماً مطلقاً بعيداً عن الشعارات، لكن للأسف هذا لا يحدده المسرحيون، بل المسؤولين عن الثقافة والفكر في أي دولة، لأنها ليست معاناتنا لوحدنا، فالمسرحيون يعانون في كل أنحاء العالم.
ويتابع الفنان صبوح: ربما الشيء الجميل والمختلف هذا العام أننا سنحتفل بيوم المسرح، بافتتاح عرضنا المسرحي، وهي حالة فرح بعيدة عن الرثاء التقليدي السنوي.

خيبة الأمل
وتبدو الفنانة ريم نبيعة أكثر تفاؤلاً في حديثها عن يوم المسرح إذ تقول: نحن ننتظر هذا اليوم ونحضر أنفسنا كما نتحضر لأي احتفال خاص بنا، لكن دائما نعود خائبي الرجاء والأمل، ويكون الاحتفال منقوصاً لأنه دائما هناك (خيار وفقوس) ويتجسد هذا بطريقة اختيار المكرمين وأسلوب التكريم، وهذا ليس في يوم المسرح فقط، وفي احتفالية نقابة الفنانين أيضاً، فالمسرح بالنسبة لي هو وطني الصغير وليس أصعب من أن يشعر المرء بالغربة في وطنه هذا، بالرغم من تقديمي أكثر من 18 عملاً مسرحياً فأنا ابنة المسرح بامتياز، ونتأمل بمستقبل أفضل فيما يخص المسرح والمسرحيين، وأنا لم أكن يوماً على وفاق إلا مع الأصيل، فالمسرح الآن حالة طارئة كما هي الحياة طارئة في زمن الحرب، والدليل كثرة الأعمال المسرحية على حساب النوع.
وعن دورها في عرض الافتتاح قالت: دوري في العمل الذي سيعرض في احتفالية يوم المسرح هو تحية للمسرح بشكل خاص، وهو دور صغير لكن في يوم كهذا أراه كبيراً جداً، لاسيما أننا نعمل كفريق عمل هم أسماء هامة في عالم المسرح أمثال: فايز صبوح ونبيل مريش وعبد الناصر مرقبي، ومحمد أبو طه وخليل غصن ولؤي شانا كمخرج، وأجسد في العمل شخصية إعلامية حالفها الحظ أن تكون في ذاك الموقع، هي تعرف كل شيء في الحياة إلا المسرح لا تعرف عنه شيئا، أتت لتغطي فعالية يوم المسرح وكان اللقاء العظيم مع المسؤول الذي حضر هذه المسرحية ودار حوار معه، هو في الحقيقة مضحك مبك ومع بعض المشاهد في العمل.
جمان بركات