اقتصادصحيفة البعث

في خطوة استباقية.. “هيئة الأوراق المالية” تحذر بشأن الإصدارات الأولية للعملات الرقمية ياغي لـ”البعث”: التعامل بها غير مسموح وتداولها غير مرخص.. وقد يكون هناك من يستثمر فيها!!

في خطوة استباقية دعت هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر من قبل المستثمرين في الأصول الرقمية المشفرة (العملات Cryptocurrencies والأدوات الرمزية Tokens)، والتي يشار إليها من خلال الأنشطة بالإصدارات الأولية للعملات الرقمية وللأدوات الرمزية، ومن أشهر تلك العملات عملة بيتكوين BTC، وبيتكوين كاش BCH، والايثيريوم ETH، والريبل XRP.

لعلها استشعرت

ولعل الهيئة بهذا التحذير قد تكون استشعرت مؤشرات باتجاه الاستثمار والتعامل بتلك العملات، حيث أكدت أن الاستثمار والمشاركة والمضاربة في هذه الأنشطة ينطوي  على مخاطر متعددة، لكون هذه الأصول – وعلى سبيل المثال – مصدرة من جهات تعمل خارج أراضي الجمهورية العربية السورية وتخضع لقوانين وأنظمة لا يمكن التحقق منها، إضافة إلى أنه من الصعوبة تتبع الأموال المستثمرة لأي سبب كان.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك مخاطرة سوقية مرتبطة بالتذبذب العالي في أسعار العملات الرقمية، ناهيكم عن أن هذه الأنشطة لا تخضع لأية جهة تنظيمية، وبالتالي تكون عرضة لخط الغش والتحايل وخسارة رأس المال المستثمر، ولاسيما في ظل عدم وجود آلية واضحة لتقييم الأصول الرقمية. وبحسب الهيئة فإن إطلاقها لهذا التحذير يأتي نتيجة انتشار الدعوات للاستثمار في الأصول الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، وعليه فقد اقتضى التنويه حرصاً على حماية المستثمرين من خاطر الغش والاحتيال.

“الموازية” متهمة..

نائب المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية الدكتور كنان ياغي وفي استيضاح من “البعث” حول وجود إمكانية الاستثمار والمشاركة والمضاربة بتلك العملات في سورية، أكد أن التعامل بتلك العملات في سورية غير مسموح رسمياً ونهائياً، كما أنها غير معترف فيها وغير مرخص التداول بها. ولم ينفِ ياغي أن يكون هناك أناس بالسوق الموازية (السوداء) المحلية يلجؤون لذلك، على شاكلة عمليات المضاربة على العقود كوسطاء لتسهيل التداول بالبورصات العالمية، إلاَّ أنه يعتقد بوجود من يشتري ويبيع بتلك العملات الرقمية، مشيراً إلى أن كثيراً من الدول منعت تداول تلك العملات الافتراضية غير المستندة بأصول مادية كالذهب والنفط وغيرهما. ورأى نائب المدير التنفيذي أن الهدف الأساسي من التعامل بتلك العملات هو غسل للأموال، وتسهيل حرية انتقال رؤوس الأموال من بلد لآخر من دون أية قيود أو ضوابط تخص حركة القطع الأجنبي.

لتهريب العملة

وحول ماهية تداول تلك العملات إن كانت وهمية أو حقيقة، أوضح ياغي أن عمليات الشراء والبيع حقيقية، لكن العملة افتراضية، فالمتعامل بهذه العملة حين يشتريها أو يحولها لحساب آخر يكون الأمر حقيقياً كما لو أنه يتم بين المشتري والبائع الحقيقيين، وبين على سبيل المثال، إذا كان هناك من يريد تهريب أمواله خارج الدولة بأكثر من المسموح والمحدد وفق أنظمتها وقوانينها، فيمكنه بكل سهولة من خلال حسابه المصرفي تحويل المبلغ إلى جهة خارجية تتعامل بتلك العملات في الخارج قد تكون شركة على سبيل المثال، وذلك من خلال شراء الـ”بيتكوين”، ليقوم بعدها وبوساطة قناة تحويل أموال غير رسمية أو مرخصة وغير مراقبة بإخراج أمواله للخارج ليصار بعدها إتمام عملية شراء تلك العملات. وخلص ياغي إلى أن عملية التداول بتلك العملات ليست بهدف الاستثمار بقدر ما هي تهريب للعملة، لافتاً إلى أن هناك دولاً فُرضت عليها تلك العملات، فما كان منها إلاَّ أن وضعت تشريعات وضوابط لذلك (فنزويلا مثلاً وضعت عملات خاصة بها)، وهناك دول لم تقبل بها واعتبرتها أكبر عملية نصب واحتيال.

ماهيتها وكيفية شرائها

العملات الرقمية أو العملات الإلكترونية هي عبارة عن عملات افتراضية يتم تداولها من خلال الإنترنت، ولعل من أشهرها هو البيتكوين التي أخذت شهرتها بسبب مزاياها الأربع “سرعة التحويل، قلة التكلفة، حفظ الخصوصية، اللامركزية”، وتعتمد العملات الرقمية على علم التشفير في تأمين عمليات التحويل والتحكم في إضافة وحذف الوحدات من العملة، وأخيراً التوثيق والتحقق من صحة هذه العمليات. علماً أن العملات الرقمية مثلها مثل العملات الورقية والمعدنية في قدرتها على الشراء بها لجميع السلع والخدمات المادية، ويوجد الكثير من العملات الإلكترونية مطروحة للتداول الآن في سوق الفوركس، واللافت أن الإقبال عليها في تزايد هيستري نتيجة قانون العرض والطلب، حيث إن سعر البيتكوين على سبيل المثال تعدى نهاية 2017 الـ 17 ألف دولار أمريكي، وبما أن عدد البيتكوين الذي يمكن إنتاجه هو 21 مليون وحدة فقط، يجعل التنافس عليه كعملة أو منتج يتداول به عموم المستثمرين. ووفقاً لكثير من خبراء الاقتصاد فإن العملات الرقمية وتحديداً البيتكوين هي عملات لامركزية، أي لا يمكن لحكومة أو مؤسسة ما أن تتحكم في إنتاج المزيد منها، فهي أشبه بدفتر حسابات إلكتروني غير قابل للتلاعب به للمعاملات الاقتصادية التي يمكن برمجتها، ليس لتسجيل المعاملات المالية فقط بل لكل شيء له قيمة، بمعنى أن كل تعامل اقتصادي أو مالي يحدث على النظام يتم تسجيله وتشفيره في كتلة، وربطها بالكتل الأخرى لتكوين سلسلة الكتل.

يتميز نظام العملات الرقمية – كونه نظاماً لا مركزياً – بإرسال واستقبال الأموال بـالسرعة الفائقة، حيث يتم تحويل ما تريد من مال في أقل من ثوانٍ، على عكس طريقة البنوك التقليدية التي تستغرق أياماً. كما يتميز بالتكلفة المنخفضة جداً، حيث تكلفة عمليات تحويل الأموال بالبيتكوين هي مجانية تقريباً، إضافة إلى ما تتمتع به من حماية وشفافية حيث أن كل عملية اقتصادية أو مالية يتم حفظها في كتلة يتم توزيعها على ملايين الحواسيب حول العالم؛ مما يجعل عملية اختراقها مستحيلة عملياً، كما أن العملية المالية تتم أمام العالم كله؛ مما يجعل محاولات التلاعب بها مستحيلة، وعليه فإن أسلوب عمل العملات الرقمية (بحسب من يعتبرها  ثورة حقيقية) يجعلها فريدة جداً في مقابل النظم التقليدية في المعاملات المالية سواء عبر الإنترنت أم في الواقع الحقيقي..!

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com