دراساتصحيفة البعث

مجلس الشيوخ يفشل في وقف الحرب على اليمن

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع فوكس 21/3/2018
فشلت جهود الحزبين في تصويت مجلس الشيوخ الأخير على إنهاء مشاركة الولايات المتحدة في الحرب الدموية التي دامت ثلاث سنوات على اليمن، لكنها لم تمنع من فرض ضغوط مكثفة على الرئيس دونالد ترامب لتخفيف علاقاته مع الرياض التي تقود الجهود الحربية في اليمن.
وفي يوم التصويت ذاته التقى الرئيس ترامب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي كان يزور واشنطن خلال جولة في جميع أنحاء البلاد، بينما قامت مجموعة متباينة مكونة من أعضاء مجلس الشيوخ، وهم بيرني ساندرز، ومايك لي، وكريس مورفي بصياغة وتقديم القرار لوقف دعم الولايات المتحدة لسفك الدماء في اليمن، إذ قال ساندرز في مقابلة مع موقع فوكس: “إنها إحدى أكبر الكوارث الإنسانية في عصرنا”،
لكن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون صوتوا بأغلبية– لإفشال- القرار الذي ينص على عدم مساعدة الولايات المتحدة للسعودية في حربها على اليمن، وبفارق 44-55، قال أغلبية الجمهوريين وبعض الديمقراطيين: إنه لا يزال بوسع الولايات المتحدة مساعدة الرياض، وذلك بإعادة تزويد طائراتها بالوقود، وتقديم معلومات استخباراتية في الحملة الجوية الوحشية التي تشنها السعودية على اليمن.
ادعى مؤيدو القرار أنه سينهي تورط أمريكا في الحرب بشكل فوري، بينما قال منتقدو القرار: إنه لن يُجدي نفعاً. وحتى الآن، حصدت الحرب حياة أكثر من 13500 مدني، قضى معظمهم بسبب غارات جوية، ومن تعداد سكان بلغ قبل الحرب 28 مليون نسمة، أصبح ما يقارب من 20 مليون يمني بحاجة لمساعدات إنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية – بما في ذلك الغذاء والماء- ويعاني ما يقارب من مليون شخص من الكوليرا، ومع ذلك فالظروف سيئة للغاية، حيث يصعب الحصول على إحصاء يمكن الاعتماد عليه، ما يعني أن الوضع قد يكون أسوأ بكثير.
ولعل أحد أسباب صعوبة التنقل في اليمن هو حملة الرياض الوحشية، حيث نفذ الجيش السعودي ما يزيد عن145،000 مهمة في اليمن على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وقال جنرال سعودي لصحيفة “وول ستريت جورنال”: إن نحو 100 ألف من هذه المهمات كانت مهمات قتالية، بمعدل 300 مهمة في اليوم، وأحصت إحدى الفرق العاملة لدى حقوق الإنسان ما يقارب من 16،000 غارة جوية سعودية أدت إلى مقتل آلاف المدنيين، وخلال حصارها في العام الماضي، فرضت السعودية شتى القيود على المجال الجوي والموانئ اليمنية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5000 مدني، ما يربو 20 بالمئة منهم أطفالاً.
شدد مايك لي أن الضغط لتمرير القرار كان أيضاً للإدلاء بتصريح حيال كيفية دخول أمريكا في الحرب، وقال: “لدينا مجموعة من المؤشرات التي يجب اتباعها”، مشيراً إلى أن الكونغرس يتمتع بسلطة دستورية لإعلان حرب. “إذا كان المدافعون عن هذه الحرب داخل حكومتنا واثقين من أهميتها لمصلحة الأمن القومي لأمريكا، فيجب عليهم إبراز هذه الحجج وطلب تصريح”، وتابع: “ولكن من دون ذلك، لا مصلحة لنا بالمشاركة في مثل تلك الحرب”.
لقد مارست إدارة ترامب ضغوطاً للتغلب على هذا الإجراء، وفي الأيام الماضية وجّه وزير الدفاع “جيمس ماتيس” رسالة إلى الكونغرس يطلب فيها من المشرعين بعدم تقييد دعم الولايات المتحدة للقوات السعودية، وزعم أن وقف المساعدات الأمريكية “يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدد الضحايا بين صفوف المدنيين، ويعوق التعاون مع شركائنا في مكافحة الإرهاب، ويحد من نفوذنا على السعوديين – وكل ذلك من شأنه أن يزيد من تفاقم الوضع والأزمة الإنسانية”، وتوجّه ماتيس إلى مدينة “هيل” لتشجيع أعضاء من كلا الحزبين لمنع القرار.
إنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الكونغرس التصدي للرئيس في توريط الولايات المتحدة في اليمن، وفي تشرين الثاني الماضي، أصدر مجلس النواب قراراً مماثلاً لنسخة قرار مجلس الشيوخ، ورأى مجلس النواب أن الولايات المتحدة مخولة فقط بمحاربة الجماعات الإرهابية مثل “داعش أو تنظيم القاعدة”، وقال المشرعون: إن الولايات المتحدة لا تمتلك الحق في محاربة الحوثيين.
وفي مقابلة مع النائب “رو خانا” الذي ترأس جهود مجلس النواب، أعرب عن عدم رضاه عن التصويت، لكن أدهشتنا نبرة التفاؤل، وقال: “في النهاية، سنحقق النجاح، لأننا نقف إلى جانب الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، بما يتوافق مع القيم الأمريكية الأساسية”، “علينا فقط مواصلة التكلم عن السلام وعن الوضع الإنساني لأطفال اليمن”.
لم يكن سكوت بول، المسؤول عن السياسة الإنسانية في منظمة “أوكسفام أمريكا سعيداً بالأخبار، وقال لي: “كان يجب على مجلس الشيوخ التحرك لإنهاء التدخل الأمريكي في هذه الكارثة”، لكنه يرى أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ قد صوتوا ضد هذا الإجراء، لأن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ قد تتناول هذه المسألة قريباً، وقال: “نتوقع أن يتخذ الكونغرس إجراء حاسماً في وقت قريب”،
لكن في الواقع، كان التصويت منذ مدة قريبة، وهذه مسألة مهمة في حد ذاتها.
من الجدير بالذكر أن ترامب رحّب في البيت الأبيض بولي العهد السعودي والقوة الفاعلة في الحرب على اليمن لمناقشة العلاقات المزدهرة وصفقات الأسلحة بينهما.
وفي تصريحاتهما العامة جنباً إلى جنب، لم يذكر ترامب “اليمن” مرة واحدة.
خلاصة القول.. رجل واحد يقود الحرب السعودية على اليمن هو محمد بن سلمان القائد الفعلي للمملكة العربية السعودية الذي تخلّص من 11 أميراً وعشرات من المسؤولين ورجال الأعمال الآخرين في تشرين الأول الماضي لتعزيز سلطته بشكل أكبر في المملكة، ولتوجيه حرب الرياض في اليمن.
والأهم يواصل ترامب دعم محمد بن سلمان، حيث ذهب إلى حد الموافقة على ما فعله بأمراء ورجال أعمال سعوديين في تغريدة له عبر التويتر في السادس من تشرين الثاني الماضي، وفي ظهورهما المشترك في البيت الأبيض، واصل ترامب إظهار دعمه لمحمد بن سلمان وللسعودية، وقال ترامب: “العلاقات بيننا الآن أقوى من أي وقت مضى، ونحن نفهم بعضنا البعض”.