الصفحة الاولىصحيفة البعث

الفلسطينيون يحيون يوم الأرض والاحتلال يتأهب لقمع مسيرات العودة

 

يحيي الفلسطينيون، اليوم، يوم الأرض هذا العام على وقع تداعيات القرار المشؤوم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، في كانون الأول الماضي، منتهكاً كل الأعراف والقوانين الدولية، يضاف إلى ذلك قراره أيضاً بتخفيض مخصصات الـ “أونروا”، إلى جانب الأحاديث عما يسمى “صفقة القرن”، وما تتضمنه من تصفية للقضية الفلسطينية، ولحق الشعب الفلسطيني في العودة والتحرّر والاستقلال. ورغم مؤامرة التهويد المتواصلة، وبدعم أمريكي وغربي وخليجي، يؤكد الفلسطينيون تمسّكهم بأرضهم وحقوقهم وهويتهم وحقهم المشروع في الدفاع عن وجودهم وانتمائهم الوطني الفلسطيني والقومي العربي.
وبهذه المناسبة، دعت الفصائل الفلسطينية الشعب الفلسطيني إلى أوسع مشاركة في فعالية مسيرة العودة الكبرى، التي ستخرج اليوم الجمعة إحياءً لذكرى يوم الأرض، كما دعت القوى الوطنية في مدينة القدس المحتلة إلى شد الرحال وإعلان النفير العام إلى المسجد الأقصى المبارك، وناشدت الفلسطينيين في المدن والبلدات والقرى والمخيمات المحيطة بالمسجد الأقصى القيام “بواجبهم الديني والوطني” في حماية المقدسات في القدس، وأن تغلق جميع المساجد المحيطة، وأن يتوجه الجميع للصلاة والتواجد في ساحات الأقصى المبارك.
من جهتها قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها: “إننا مطالبون اليوم جميعاً.. قوى وفصائل ومؤسسات وشخصيات وطنية ومجتمعية، الارتقاء لمستوى خطورة التحديات التي تواجه شعبنا الفلسطيني وقضيتنا الوطنية، بما يحمي ويحصّن ويحافظ على وحدة الشعب والأرض معاً”، داعيةً الشعب إلى المشاركة الواسعة والفعّالة، في مسيرات العودة الكبرى، وأضافت: “إن وحدة الوضع الداخلي الفلسطيني، وتعميد الوحدة الوطنية والاجتماعية الشاملة، تتطلب أن ترتقي الفصائل والقوى الفلسطينية إلى مستوى تضحيات وتطلعات شعبنا، الطامح إلى الحرية والعودة والاستقلال، وليس في استمرار الرهان على التجارب الخاسرة، في مقدمتها نهج التسوية والمفاوضات”.
بدورها أكدت هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني أن المبادئ الوطنية والقومية التي تمسك بها الشعب العربي الفلسطيني في يوم الأرض وفي كل مراحل نضاله ضد العدو الصهيوني هي حجر الأساس الذي يؤسس للنصر وهي نفس المبادئ التي يتمسك بها أبناء سورية العروبة في دفاعهم عن أرضهم ووطنهم، وجددت تمسكها بحقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة ونهج المقاومة المشرف والدعم المطلق لصمود الفلسطينيين في الأرض المحتلة، مؤكدة مواصلة مسيرة الوفاء لسورية والوقوف معها في خندق المواجهة ضد الإرهاب، ولفت البيان إلى أن سورية كانت أبداً السند الرئيس لنضال الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه وهي اليوم تسير من نصر إلى نصر وتكتب اليوم صفحات المجد في الغوطة الشرقية بفضل جيشها المقاوم وشعبها الصامد وقائدها السيد الرئيس بشار الأسد.
كما دعا اتحاد العام الفلاحين والتعاونيين الزراعيين العرب جميع أبناء شعبنا العربي للتمسّك بالحقوق الثابتة لشعبنا الفلسطيني، كحق العودة وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، والتصدي لمشاريع يهودية الدولة والاستيطان، وإعادة التضامن العربي ووحدة الصف العربي باعتبارها الطريق الوحيد الذي يكفل استعادة الحقوق الثابتة لشعبنا، ومطالبة الفصائل الفلسطينية بتحقيق وحدتها وإنهاء الانقسام من خلال توجيه بوصلة العمل العسكري تجاه قوى الاحتلال الصهيوني، وتكريس نهج المقاومة في العمل العربي الفلسطيني والثقافة الجماهيرية بعد أن منيت كل الأساليب الأخرى بالفشل، ولأن المقاومة هي اللغة الوحيدة التي تفهما “إسرائيل”، وجدد البيان العهد والوعد بأن يعمل الفلاحون العرب بما يحملون من إرث نضالي ضد مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية ومحاولات تقسيم الأمة العربية حتى تتحقق أهداف شعبنا في التحرير والعودة وإقامة الدولة العربية الفلسطينية وعاصمتها القدس.
إلى ذلك، هدد كيان الاحتلال بقتل المشاركين في مسيرات العودة في قطاع غزة المحاصر، وقال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي ايزنكوت: “إن جنودنا سيطلقون النار إذا اقترب الفلسطينيون من الحدود”، فيما هدد مندوب كيان الاحتلال لدى الأمم المتحدة بالتصدي بحزم للمتظاهرين الفلسطينيين، وقال في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي: “نظراً للاستفزاز الذي نظم له وخططه الفلسطينيون خلال الأسابيع المقبلة أؤكد حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها”، حسب زعمه، وطالب المنظمة الدولية بمنع موظفيها في قطاع غزة من المشاركة في المسيرات.
وواجه الناشطون الفلسطينيون والعرب، على مواقع التواصل الاجتماعي، الإجراءات الإسرائيلية المكثّفة لمنع خروج مسيرات العودة بالـ “سخرية”، وربما نال الناطق باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، القسط الأكبر منها، في معرض تعليقات الناشطين على تغريداته في موقع تويتر.
وأصدرت اللجنة المنسقة لمسيرة العودة الكبرى بياناً حددت فيه المبادئ العامة للمسيرة، وأهمها أنها “مسيرة شعبية ذات طابع سلمي من بدايتها إلى منتهاها بشكل كامل، ويجب أن تخلو من أي مظاهر للسلاح، لتعميق مأزق الاحتلال وهو يواجه الشعب مباشرةً، وحرمانه من تسويق دعاية دولية لتبرير العنف ضده”.
وتعتمد المسيرة أسلوب الاعتصام المفتوح والتقدم المتدرج، ونصب الخيام وإقامة حياة اللجوء بالقرب من السلك الفاصل، واستجلاب وسائل الإعلام الدولية لإيصال رسالتها إلى كل العالم.
وسيستخدم الطابع الشعبي والسلمي للمسيرة لضمان عدم حرفها عن رسالتها وستبدأ باعتصام قبل السلك العازل بـ700 متراً على الأقل، ثم يكون التقدم تدريجياً على مراحل، لإطالة أمد التحشيد الداخلي والخارجي.
ميدانياً اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس 22 فلسطينياً خلال حملة مداهمات قامت بها في الضفة الغربية، وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية معاً أن قوات الاحتلال اعتقلت خمسة فلسطينيين غرب سلفيت وشرق نابلس واثني عشر آخرين في مخيم  بلاطة وقلقيلية ورام الله ومناطق أخرى متفرقة فى الضفة الغربية، وخمسة فلسطينيين بينهم طفل من بلدة العيسوية شرق القدس المحتلة، فيما اقتحمت منزل الأسير قاسم أبو سنينة في الخليل وعاثت فيه خراباً.
وفي نفس السياق، حمّلت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، حكومة الاحتلال، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج وتداعيات التهديدات التي صدرت عن قوات الاحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين، وقالت: إن “التهديدات العلنية بالقتل والإعدام الميداني بحق أبناء شعبنا، عشية مسيرات العودة، تفويض مفتوح بالقتل لشعبنا عامة، ولأهلنا في قطاع غزة بشكل خاص”، واصفة هذه الدعوات بأنها “امتداد لعقلية الاحتلال الداعشية والعنصرية والفاشية، القائمة على القوة العمياء والعنف، وإرهاب الدولة المنظم، وتصدير العنف ونشر ثقافته”، واعتبرت التهديدات العلنية بالقتل والإعدام الميداني التي صدرت عن أكثر من مسؤول إسرائيلي هي “انتهاك صارخ وعلني لكل المواثيق الدولية”، وتابعت: “إن إعطاء “أيزنكوت” تصريحاً بالقتل لمئات القناصة المنتشرين على حدود القطاع والمتربصين بالمواطنين الفلسطينيين العزّل المشاركين في مسيرات احتجاجية سلمية، هو حرب علنية على المدنيين”.
يذكر أن “يوم الأرض” يعود إلى ما شهدته الأراضي الفلسطينية المحتلة من هبة شعبية في 30 آذار من عام 1976، بعد أن أعلن الإضراب الشامل في مختلف المدن والقرى الفلسطينية رداً على قرار سلطات الاحتلال مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة تحت غطاء مخطط تهويدي أطلق عليه اسم “مشروع تطوير الجليل”، والتي أثارت موجة من المظاهرات العارمة شملت مختلف القرى والمدن الفلسطينية، والتي واجهتها قوات الاحتلال بالقمع والرصاص الحي، ما أدى إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين وجرح واعتقال مئات آخرين من الشبان والرجال.

وكالات