دراساتصحيفة البعث

الحرب وإعادة الإعمار في العالم العربي.. دروس من التجربة اللبنانية

د. عبد الحليم فضل الله

تعاني الاقتصادات العربية منذ نيل دولها الاستقلال من مشاكل وأزمات بنيوية طويلة الأمد، كانت لها آثار اجتماعية وذيول سياسية، ولعل أخطرها ما تمر به المنطقة حالياً من حروب وتدخلات خارجية ونزاعات دامية.

ذلك أنه من مؤشرات هذه الأزمة على سبيل المثال أنّ متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي في الدول العربية غير النفطية يقارب نصف معدله العالمي، وأن معدل الاستثمار إلى الناتج انخفض خلال أربعة عقود ست نقاط مئوية من 30% إلى 23% فيما زادت النسبة في المدة نفسها في الدول متوسطة الدخل من 25% إلى 30% وفي البلدان الفقيرة من 13% إلى 24%.

إن انزلاق الاقتصادات العربية نزولاً على سلم التنمية هو نتيجة إخفاق مقاربتي التنمية التي اعتمدتها دولنا خلال مرحلتين من تاريخها المعاصر، ففي الربع الثالث من القرن العشرين وما بعده بقليل، سادت مقاربة التخطيط المركزي التي أعطت الدولة دوراً محورياً في الاقتصاد، ونجحت هذه المقاربة جزئياً بتعميم بعض الخدمات والمنافع والضمانات الاجتماعية، لكنها فشلت في إعطاء دفعة قوية Big Push تنتشل الاقتصاد من مستنقع التخلف الاقتصادي.

وابتداء من النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، هبت رياح الليبرالية الجديدة بصفتها الطريق الأسهل لتجاوز الدول الصناعية الكبرى أزمة الركود التي غرقت فيها، مستفيدة في ذلك من اضطراب موازين القوى الدولية على وقع زعزعة المعسكر الاشتراكي وسقوطه.

ولقد فشلت الوصفات التي حملتها المؤسسات الدولية وتعاليمها في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بل زادتها حدة وتدهوراً، وأضافت إليها مشاكل أخرى أبرزها: العجز المالي والمديونية العامة، ومشاكل الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وغيرها.

انعكس ذلك على تجارب إعادة الإعمار التي خاضتها دول عربية عانت من النزاعات والحروب وأخفقت في تحقيق أهدافها، وهذا ما رأيناه في لبنان مثلاً الذي راكم ديوناً عامة تساوي مرة ونصف حجم ناتجه الوطني، لكنه لم يتمكن حتى الآن من حل مشاكل البنى التحتية الأساسية فيه، ولعل ما ينطبق على لبنان ينطبق على بلدان أخرى كالعراق الذي لم يتخلص بعد من أعباء الحرب والاحتلال على الرغم من ثروته النفطية ووفرة موارده البشرية ومئات مليارات الدولارات التي أنفقها خلال عقد ونصف من الزمن في مجالات عدة.

وفي تجربة إعادة الإعمار في لبنان، تبرز أربعة نماذج هي النموذج المركزي في الستينيات والنموذج شبه المركزي أثناء الحرب الأهلية وعدوان إسرائيل عام 1978 و1982، والنموذج النيوليبرالي لفترة نهاية الحرب في عقد التسعينيات، والنموذج التضامني التشاركي لإعادة إعمار ما هدمته حرب تموز العدوانية عام 2006

أولاً: النموذج المركزي:

تؤدي الدولة في هذا النموذج دوراً محوريا في الإعمار، وتشغل البيروقراطية الحكومية الإدارية والمهنية موقعاً أساسياً في وضع الأهداف، وصوغ الهوية المعمارية، وتصميم أطر التمويل والتنفيذ.

وغالباً ما يكون القطاع العام هو المخطط والممول والمنفذ، ولقد استلهم لبنان هذا النموذج قبل نصف قرن تقريبا،ً وهو نموذج اجتماعي نزعة، وتزامن تطبيقه في ذلك الوقت مع تقدم مفهوم دولة الرعاية الشاملة، وزيادة الاستثمارات العامة، ومحاولة تطوير البنية المؤسساتية للدولة.

وعلى الرغم من القيم الوطنية الجامعة التي حملتها السياسات الاعمارية ذات التوجه المركزي، وخصوصاً في محاولتها تطويع المجال المديني لصالح مبادئ اجتماعية اقتصادية وطنية أعلى، فإن محاولة إخضاع الإنماء لمفاهيم تكنوقراطية مشوبة بالبيروقراطية، قلل من فعالية هذا التوجه وسهّل الانقلاب اللاحق عليه، وساهم في ذلك عدم تمثيل القوى الاجتماعية والسلطات المحلية على نحو كاف في رسم الصورة المتوخاة للمدينة.

وقد عزى الكتاب الأبيض الصادر سنة 1973 عن المديرية العامة للتنظيم المدني فشل سياسة تخطيط بيروت وضواحيها إلى المقاومة الخفية التي أبداها طيف واسع من المتضررين بدءاً بكبار المضاربين وأصحاب النفوذ، وانتهاءً بالمهشمين القاطنين في أحزمة البؤس وبيوت الصفيح، وتوقع هذا الكتاب أن يزداد الوضع سوءاً حتى عام 2000 ما لم تعتمد حلول تنظيمية جدية “وهذا ما لم يحصل”.

وكان من أسباب إخفاق محاولات التطوير المديني لبيروت هو ربط وظيفتها الاقتصادية باقتصاديات النفط، التي تتعرض لتقلبات وفورات من شأنها أن تقوض أسس التخطيط السليم، فمن الصعب التحكم بنمو مدينة تتلقى تدفقات مالية غير منتظمة من البترودولار، وتشهد فقاعات عقارية تارة وركود طويل تارة أخرى، تأثراً باتجاهات فوائض النفط وسلوك الدول والحكومات التي تتولى إنفاقها.

مع ذلك، يمكن منح الرؤية الاعمارية ذات الطابع المركزي التي اعتمدت في ذلك العهد تقديراً إيجابياً كونها:

– تبنت فكرة التخطيط بعيد الأمد.

– ربطت الرؤية الإعمارية بخطة شاملة للإنماء، وأنشئت بموجبها مراكز تنموية قطبية من فئات أولى وثانية وثالثة تغطي كامل الأراضي اللبنانية، بهدف تحقيق التنمية الشاملة.

– سعت إلى شد أواصر النسيج الاجتماعي الوطني، وتخفيف حدة التفاوت بين السمات العمرانية والمدينية المعبّرة عن تمايزات اجتماعية وطبقية.

لكن هذه الرؤية المركزية التي يطغى فيها حضور الدولة في كل المراحل، من التخطيط إلى التنفيذ، لم تول اهتماماً موازياً للجوانب الرمزية والجمالية، ولم تحقق التكامل العمراني بين المناطق، فبقيت الاستفادة من خصائص الموقع محصورة ببعض الأماكن التي حظيت باهتمام المستثمرين والوافدين، في حين كان ممكناً تعميم المزايا التفاضلية للبلد من خلال تقسيمه إلى محاور متجانسة تنموياً من جهة ومتكاملة تنظيمياً من جهة ثانية، يضاف إلى ذلك ما سبقت الإشارة إليه من ضعف مشاركة المجتمع المحلي في وضع التوجهات العامة للتنظيم والتخطيط، ما يعطي العملية هيكلية تراتبية تبدأ من قمة الهرم الإداري العام وتنتهي بأسفل سلم التنفيذ، مع غياب شبه تام لرأي السكان المعنيين بالعملية.

ثانياً: النموذج شبه المركزي:

تسجل الدولة وفق هذا النموذج حضوراً قوياً في مجالات التخطيط وإعادة الاعمار، لكن في سياق أكثر مرونة وتحديداً من النموذج المركزي، ومن خلال أطر ومؤسسات تتمتع باستقلال مالي وإداري نسبي، ويترافق دورها مع حضور أقوى للقطاعين الأهلي والخاص.

هنا يكون دور الحكومة أقوى في مراحل التخطيط مقارنة بالتنفيذ والتمويل، وتتخذ سياسات الإعمار طابعاً وظيفياً مناطقياً واضح المعالم ومحدد الجوانب والتوقيت، مثل “تنظيم منطقة لهدف محدد” ويتخذ التخطيط المديني مسارين متزامنين من الأعلى الأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى.

في تجربة إعادة الاعمار التي أعقبت انتهاء موجة العنف الأهلي الأولى عام 1977 اتفق على إلغاء وزارة التصميم بدعوى إخفاقها خلال طيلة عشرين عاماً في وضع المخططات الإنمائية موضع التنفيذ، وأنشئ بدلاً منها مجلس الإنماء والاعمار الذي أوكلت إليه أعمال إعادة البناء بعد الحرب، مع الحرص على إبقاء أصحاب الحقوق في أماكنهم.

وفي سياق هذا التوجه الاعماري الذي برز في أعقاب ما يعرف بحرب السنتين “1975-1977” واعتمد بصورة رئيسية على المساعدات العربية، وُضع مشروع إعادة بناء وسط العاصمة على أسس مشرقية، تبقيه ساحة اندماج وطني، فخصصت مساحات للأسواق الشعبية إلى جانب العمارات العالية والمقرات الحكومية ومكاتب الشركات الكبيرة، ومع أن الدولة أبقت لنفسها موقعاً رئيسياً في هذه العملية، فإن فكرة إشراك القطاع الخاص في التمويل بدأت تظهر منذ ذلك الوقت، على شكل شركات عقارية مختلطة تشمل أصحاب الحقوق والدولة.

يعد المشروع الأول لإعادة إعمار وسط العاصمة، والذي لم ينفذ بسبب استئناف القتال، استمراراً للمرحلة الشهابية، نسبة إلى الرئيس فؤاد شهاب، حيث القطاع العام هو المحرك والموجه، وعلى عاتقه ألقيت مهام وضع أهداف التخطيط، وتمثيل مصالح الفئات المستهدفة وأصحاب الحقوق، وتنسيق العلاقة مع الفئات الأخرى المعنية والمؤثرة مثل القطاع الخاص، السلطات المحلية والبلديات، وغيره الكثير.

ويعد المثال الأحدث والأبرز على النموذج شبه المركزي، هو المؤسسة العامة لترتيب منطقة الضاحية الجنوبية الغربية “اليسار” والتي جرى تأسيسها عام 1996 واستناداً إلى المادة 22 من قانون التنظيم المدني الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 69/1983 وذلك بعد جدل طويل بشأن الخيارات الإعمارية، وكان رأي رئيس الحكومة آنذاك هو تكرار تجربة سوليدير، أي إنشاء شركة عقارية تتولى “تطوير” المنطقة، وتطوير المداخل الجنوبية لبيروت وإعادة إسكان قاطنيها.

ولقد رفض أبناء المنطقة بحزم هذا الخيار الذي يهدد بتهجير جماعي للسكان، واستقر الرأي في نهاية المطاف وبعد أخذ ورد شديدين على إنشاء مؤسسة عامة.

وكانت المهمة الأساسية للمؤسسة هي ترتيب المنطقة وتطويرها، وإنهاء المخالفات، وحل مشكلة المهجرين الذين قصدوا هذه المنطقة بسبب الأحداث الأمنية أو بحثاً عن فرصة عمل، علماً أن هؤلاء كانوا قد أقاموا بصورة غير نظامية وشغلوا أملاكاً عامة في الغالب، وذلك بدءاً من خمسينات القرن الماضي، بتشجيع أحياناً من بعض القوى السياسية في خضم تنافسها مع قوى أخرى.

وكان من بين مبادئ المشروع، إعادة إسكان المقيمين بصورة غير نظامية وبواقع 30% في المنطقة نفسها بعد تسوية أوضاعهم وتشريع إقامتهم، وفق مخطط توجيهي جديد يعيد توزيع استخدامات الأراضي على وظائف متعددة هي : “سكن، مجمعات ذوي الدخل المحدود، صناعات خفيفة، مواصلات، خدمات، سياحة، مرافق عامة، الواجهة البحرية” ويأخذ بعين الاعتبار الموقع الحيوي للمنطقة ومواردها الكامنة، وكانت “اليسار” ستبدو بحلتها الجديدة، لو نفذ المشروع، موزعة على 17 منطقة، تختلف فيما بينها بنوع استعمال الأراضي ومعدلات الاستثمار السطحي، لتصير، باستثناء مجمعات ذوي الدخل المحدود، شبيهة إلى حد كبير بمناطق بيروت الأخرى، وكان جرى تقدير عدد السكان وقت إقرار المشروع ب 111020 نسمة موزعين على مناطق بئر حسن، الأوزاعي، الجناح، المرامل.

إن مراجعة أهداف المشروع تكشف بعض خصائص النموذج الإعماري شبه المركزي، الذي يضع الأهداف الاجتماعية لأي مشروع في كفة متوازنة مع الأبعاد العقارية والاقتصادية الأخرى، ويعطى الناس دوراً أكبر في إعمار أو إعادة إعمار مجتمعهم مقارنة بالنموذج المركزي، في حين تتخذ تلك الأهداف طابعاً موضعياً مؤقتاً ولا تندرج ضمن سياق تخطيطي طويل الأمد أو ضمن سياسات إنمائية شاملة.

ثالثاً: النموذج النيوليبرالي:

يتبنى هذا النموذج المحاججة الآتية، وهي: إن تمكين بيروت من منافسة المدن الإقليمية الأخرى يرتبط بهدف اقتصادي عام هو جذب التدفقات المالية على نطاق واسع لتحقيق نمو سريع، وهذا لا يتم إلا من خلال إطلاق العنان لقوى السوق، وإعطاء القطاع الخاص أفضلية على غيره من القطاعات، للتحكم بمفاصل السياسات الإعمارية، بما في ذلك تحديد طرق إعادة البناء والنسق المعماري.

إن أولى مساوئ هذه الرؤية هو أنها رؤية ضيقة للنمو، وقد أشعلت شرارة المضاربة العقارية في بيروت، وهددت بدور المدينة على الصعيد الاقتصادي الوطني، وصولاً إلى التفريط بتجانسها، وإحباط آمال فئات اجتماعية واسعة في الإقامة فيها.

ومن عيوبه أنه يقصي دور الدولة عن أي دور تنفيذي في إعادة الإعمار، ويهمش حضورها في مراحل التخطيط ووضع الأهداف، فالقائم على هذه العملية كما يشير البروفيسور الفرنسي إريك فيرداي هو في كثير من الأحيان “استشاري خاص” يعتمد في تقييم المشروع نهجاً مالياً محدداً، في حين يضع التصورات الاجتماعية والقضايا المدينية المركزية والأماكن العامة في مرتبة أدنى، كما يتخذ النسق المعماري النيوليبرالي، طابعاً مشهدياً مغرقاً في الفخامة، مع مبالغات تخطيطية وعمرانية، الغرض منها كسب الاهتمام وإثارة الدهشة أكثر من كونها وسيلة تحقيق أهداف محددة.

لقد ارتبط النموذج النيوليبرالي، بصعود الحريرية الاقتصادية في لبنان، والتي ركزت على ثلاثة مجالات: القطاع المالي، القطاع العقاري، والتدفقات المالية من الخارج. وعلى عكس “الشهابية” التي استلهمت صعود الرأسمالية الاجتماعية وتلمست عن قرب العلاقة التي لا يمكن التنكر لها بين الاستقرارين الاجتماعي والسياسي، فقد اتبعت الحريرية مساراً يعطي الأولوية للرأسمال المعولم الوافد على الرأسمال المقيم، وللأموال الساخنة المضاربة على الاستثمارات المنتجة طويل الأمد، وللقطاع الخاص الاحتكاري على القطاع العام، وللسياسات النقدية التي ترعى تفشي الأنشطة الريعية وصعود رأس المال المالي، على السياسات الاقتصادية والمالية التي شأنها تمتين البنية الإنتاجية.

وتعد شركة إعمار وسط بيروت “سوليدير”، العلامة البارزة في الرؤية الحريرية للاقتصاد اللبناني، لكنها لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقتها إرهاصات في عهد الرئيس الأسبق أمين الجميل، ففي عام 1983 بدأ العمل على تحديث مشروع إعمار الوسط المعلق منذ عام 1977 بسبب الحرب، وحسب البروفيسور فرداي فقد أجريت دراسات التحديث بسرية من قبل شركة أوجيه لبنان التي حددت مضمون المشروع واتجاهاته العميقة، وجرى الاعتماد على هذه الدراسات لاحقاً في وضع مشروع 1991.

ومنذ ذلك التاريخ رسم المشروع أفقاً جديداً لعمليات إعادة الإعمار، وكانت أداته التنفيذية شركات عقارية تحول الحقوق المادية والعينية إلى حقوق مالية هي “أسهم” يتشارك فيها أصحاب الحقوق الأصليين مع المكتتبين في رأس المال، ويتم اللجوء إلى السوق لتامين التمويل الرئيسي، من دون أن يكون للدولة أي دور تقريباً.

وتعد شركة سوليدير نقطة تحول في التخطيط المديني في لبنان، وشاهداً فاقعاً على الإعمار النيوليبرالي، وهذا ما يتضح في الطريقة التي جرى إقرار المشروع من خلالها، ومع غياب الحد الأدنى من التوافق الاجتماعي والوطني بشأنه، والمخالفات التي رافقته والمبالغات التي أحاطت به، والخلط غير النزيه بين المصلحتين العامة والخاصة، فضلاً عن المفارقة المتمثلة بإعطاء القطاع الخاص الحق، ودون رقابة تقريبا،ً بالاستحواذ على مساحة واسعة داخل العاصمة، ووضع اليد على نقطة ذات أهمية استثنائية على طول الشاطئ اللبناني، بل على الضفة الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.

لقد ركز المشروع على النواحي الجمالية والتجارية أكثر من الجوانب الاقتصادية، ومن دون أن اهتمام يذكر بالشأن الاجتماعي. ولم يضع المخططون بحسبانهم استعادة شيء من تراث المدينة ونسيجها المديني السابق ولو على نحو رمزي بهدف الإبقاء على الملامح العامة لهوية المنطقة التاريخية.

وبالتالي، لم ينجح المشروع كما وعد القائمون عليه، في جعل الوسط التجاري قلباً نابضاً لاقتصاد وطني تقوده عاصمة تتدفق إليها رؤوس الأموال دون توقف، وهذا الإخفاق له دلالة كبيرة، كونه الذريعة التي جرى الاعتماد عليها من أجل تبرير ما حفل به المشروع من تمييز وانحياز.

فالأثرياء وكبار المتمولين والشركات الكبرى والمطورون والمضاربون العقاريون، كانوا هم الشرائح المقصودة بالمشروع، في حين جرى إعطاء أصحاب الحقوق أولوية متدنية، وهذا قبل أن تعمل التخمينات المجحفة والمضاربات المدبرة على طرد معظمهم لاحقاً خارج أرض وملكية المشروع، والمفارقة أنه لأسباب نفعية فقد تم تفضيل المهجرين والساكنين غير النظاميين على أصحاب الحقوق الأساسيين.

لقد أنشئت شركة سوليدير في كانون أول 1991 بموجب القانون 117 الذي عدّل الفقرة ” 6″ من المادة ” 5″ من المرسوم الاشتراعي 5/1977 بهدف السماح للشركات العقارية بتنفيذ أي مشروع يكلفها به مجلس الوزراء في مناطق وسط بيروت، وكان قد صدر قبل ذلك المرسوم الاشتراعي رقم 69 في أيلول 1983 في عهد الرئيس الجميل والذي عدل قانون التنظيم المدني ليجيز إنشاء شركة عقارية لأجل ترتيب إجمالي منطقة أو جزء منها.

وفي تموز 1992 صدر المرسوم 2537 الذي أنشأ شركة مغفلة باسم “الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط مدينة بيروت، وقد تعرضت الشركة لاعتراضات واسعة، وتقاطعت معظم الآراء على أن القانون 117 الذي أتاح إنشاء الشركة قد خالف المبادئ الدستورية والقانونية من نواحٍ عدة، ومن بينها: أنه خرق المادة 15 من الدستور اللبناني التي تحظر نزع الملكية الفردية لأسباب لا علاقة لها بالمصلحة العامة المحققة، والتفريط بحرية التعاقد المكفول دستوريا،ً ومخالفة المادتين 21 و 22 من قانون التنظيم المدني رقم 69/1983 القاضي بالإبقاء على أصحاب الحقوق وأهالي  المناطق المنوي إعادة ترتيبها في مناطقهم “بإعطائهم مساحة موازية لحقوقهم مع اقتطاع 25% لصالح الدولة” كما خالف القانون أيضاً وثيقة الطائف التي نصت على عودة كل مهجري الحرب إلى المناطق التي هجروا منها.

وبعد إقرار القانون 117 عينت سبع لجان تخمين بدائية ولجنة تخمين عليا وأربع لجان لتخمين حقوق نحو خمسة وستين ألفاً من أصحاب الحقوق، ثم صدرت ثلاث صيغ للمخطط التوجيهي للوسط بين عامي 1992 و1994 وأدخلت عشرات التعديلات لصالح الشركة، وأتضح أن كل مرسوم لم يكن يخدم شركة سوليدير جرى تعديله وتصحيحه بمرسوم جديد، في حين لم تستفد الدولة من هذه التعديلات، كما سمح القانون للشركة ومن دون مبرر بوضع يدها على عقارات إضافية، لترتفع المساحة الإجمالية الواقعة في عهدتها من 1,117 مليون م 2 بين أملاك خاصة وأملاك عامة إلى 1,980 مليون م 2 بزيادة مقدارها 836 م 2 ونسبتها 77% إضافة إلى ارتكاب شركة سوليدير مخالفات فادحة على حد ما ذكره أحد الوزراء، وهو أنها حصلت على نحو 75 ألف متر مربع باستثمار كلفته 1800 ليرة لبنانية كما جرى تميدي عمل الشركة بموجب مرسوم في مجلس الوزراء عام 2005 من 25 سنة إلى 35 سنة.

رابعاً: النموذج التضامني التشاركي:

يؤدي المجتمع المعني بعملية إعادة الإعمار وفق هذا النموذج دوراً محورياً في رسم الأطر العامة لإعادة الإعمار، بحيث تتحقق المصلحة العامة من خلال مراعاة أوضاعهم ومصالحهم.

على أن ذلك يتطلب تنسيقاً نشطاً وتوزيعاً دقيقاً للأدوار بين الفاعلين الأساسيين المعنيين بالعملية وهم: الدولة والقطاع العام، المخططون والمشرفون، أصحاب الحقوق، السلطات المحلية، الهيئات الأهلية، والقطاع الخاص. وهذا التنسيق يمكن أن تقوم به منظمات مدنية أو سياسية لا تبتغي الربح.

ويقدم مشروع “وعد” لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية صورة دقيقة وناجحة لهذا النموذج التضامني، وهو على حد وصف البروفيسور الأميركي سكوت بولينز يعد خياراً بديلاً لإعادة إعمار متجذر في الأعماق الاجتماعية والإنسانية في حياة المدينة التي يجري التخطيط لها، ولقد جرى إطلاق المشروع في مؤتمر صحافي عقده مديره المهندس حسن جشي في أيار 2007 والذي يعد بحسب المنظمين الجهة الممثلة للمالكين الحقيقيين، ويقوم بإدارة هذا الملف نيابة عنهم لإعمار المباني المهدمة كلياً وجزئياً وفقاً لتكليف قانوني واضح وصريح.

وبتسم هذا المشروع بمزايا ايجابية، من بينها:

– الديناميكية والمرونة الناشئتان عن عمل منظمة غير حكومية تعمل بالاستقلال عن الدولة وهذا يأتي في إطار تعريف هذه الأخيرة للمصلحة العامة المتمثلة في إعادة المهجرين بسبب العدوان إلى بيوتهم بأسرع وقت ممكن.

– الترابط العميق بين القائمين على المشروع والسكان إلى حد التماهي.

– المحافظة على النسيج الاجتماعي والبيئة الحضرية كما هي.

– عزل عملية الإعمار عن المضاربات وجني الأرباح التي يمكن أن تلحق تشويها بأهداف المشروع وسياساته.

وحسب بولينز، فإن الدور المعطى لجمهور أصحاب الحقوق في التخطيط والتنفيذ كان كبيراً جداً ومبالغا فيه، وبرأيه يجب أن تكون مشاركة الناس معتدلة لتحقيق أهداف التنمية في زمن مقبول.

ومع ذلك لم تعطل المشاركة الكثيفة للناس حركة المشروع، وربما أبطاته قليلاً، لكنه حافظ على مساره المرسوم، محققاً أهدافه في مدة زمنية مقبولة لا تهدد عقد المجتمع بالانفراط.

فما هو هذا المشروع؟

لقد أدى العدوان الواسع الذي شنه العدو الصهيوني على لبنان في تموز 2006 واستمر ثلاثة وثلاثين يوما، إلى أضرار كبيرة بالمناطق المدنية الأهلة بالسكان، وفي مقدمها الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث تضرر جراء الغارات والقصف الصاروخي الكثيف 1232 مبنى يضم 30 ألف وحدة سكنية وتجارية، ومن بينها 951 مبنى متضرراً و281 مبنى مهدماً.

وفي أعقاب توقف الأعمال الحربية برز خياران لإعادة الإعمار، وكان الأول ينص على أن يقوم الناس بإعمار مبانيهم اعتماداً على التعويضات الحكومية وبمساعدة من جمعية جهاد البناء، والثاني على أن تتولى جمعية جهاد البناء بنفسها إعادة الإعمار بتوكيل من المالكين، وقد جرى اعتماد الخيار الثاني الذي يتناسب مع طبيعة السكن في الضواحي، حيث تنتشر الأبراج العالية.

لكن في أثناء النقاش بشأن سبل إعادة إعمار المناطق المدينية المهدمة، برزت ثلاث مقاربات:

المقاربة الأولى: إعادة إعمار شاملة مع تقديم منظور جديد للمنطقة يسمح بتطويرها وحل مشاكلها التخطيطية المزمنة، أي أن عملية التحديث ترتكز على المجال العمراني للمنطقة بأكملها، وتستهدف إيجاد هوية معدلة لها، وقد دعا إلى اعتماد هذه المقاربة عدد من مجموعات العمل المتخصصة غير الرسمية، ويمكن اعتبارها المدخل العمراني الوظيفي كونها تعتمد التدخل التنظيمي شبه الشامل لحل المشكلات والمحافظة على سلامة المواصفات والشروط أكثر من اهتمامها بالعناصر الأخرى، وتتطلب هذه المقاربة شركة عقارية أو مؤسسة عامة تتولى تنفيذ المخططات الجديدة.

المقاربة الثانية: إعمار المنطقة على أساس المخطط المعمول به حالياً، لكن مع إدخال ما يمكن من تعديلات لإشادة مرافق بلدية واجتماعية، ورفع مستوى البنى التحتية والخدمات العامة، أي أنها تقوم على التدخل الإشرافي المحدود لتحسين أوضاع المنطقة من جهة ولمساعدة السكان على تنظيم أنفسهم من جهة ثانية.

وبينما ترتكز المقاربة الأولى على حل المشكلات في الحيز العام المشترك تقوم الرؤية التطويرية للمقاربة الثانية على الحيز الخاص عبر تحسين مواصفات الأبنية والمساكن، وتعتمد هذه المقاربة المدخل السياسي الاجتماعي كونها تضع في صدارة أولوياتها إعادة السكان في أسرع وقت لتخفيف معاناة التهجير مع إعطاء الأولويّة للتفضيلات الفردية التي يتبناها أصحاب المساكن على التفضيلات المشتركة التي تنبع من احتياجات التطوير الشامل للمكان.

وهذه المقاربة التي تبنتها مؤسسة جهاد البناء عبر مشروع “وعد” لا تتطلب تغييراً في الوضع القانوني للمنطقة ويمكن القيام بها من طريق التعاقد المباشر بين أصحاب الحقوق والجهات الرسمية أو البلدية أو الأهلية المشرفة أو من خلال المتضررين أنفسهم.

المقاربة الثالثة: وهي المقاربة التي اعتمدتها الحكومة وتقوم على عدم التدخل في عمليات الإعمار، وترك المتضررين يواجهون بمفردهم مهام شائكة تتطلب تنظيماً عمودياً ين أصحاب الملكيات المشتركة، وأفقياً بين الوظائف التي تشغل الحيز الجغرافي، والاكتفاء من ثمّ بمنح المتضررين تعويضاً من دون ضبط الكيفية التي سيستعمل بها لاحقاً.

وتتقاسم عائلات عدة أقساماً مشتركة، ويندر العثور في هذه الأبنية على جمعيات مالكين فعالة وقادرة على إدارة ملف معقد كإعادة الإعمار.

ولقد تمحورت أهداف مشروع وعد التابع لجهاد البناء حول الأمرين الآتيين:

– عودة السكان سريعاً إلى أماكن إقامتهم وعملهم منعا لحدوث فجوات ذاكرة “تبدد هوية المكان”.

– بناء المناطق المهدمة ضمن رؤية معمارية متكاملة هندسياً واجتماعياً وبيئياً.

أما السياسات العامة للمشروع وقيمه العامة المعلن عنها، فكانت حسب وثائقه المنشورة: العمل بروحية خدمة الناس، مراعاة السلامة العامة، السرعة القصوى في الانجاز، تحقيق نموذج معماري متقدم، احترام القوانين، التكامل البلديات والمؤسسات الرسمية، إشراك الناس في عملية إعادة الإعمار، مراعاة الجوانب الجمالية وعناصر الجودة.

وخلال خمس سنوات من العمل المضني أعيد بناء 1,050,000 م 2 بكلفة 400 مليون دولار أميركي، وتحمل المشروع حوالي 33% منها تقريبا،ً ومولت الدولة الباقي من خلال تعويضات للسكان.

وتوزعت المساحات المعاد تشييدها على 4000 شقة سكنية مهدمة و1700 قسم تجاري مدمر، وقد أدخلت تحسينات كبيرة على مواصفات المباني، فصارت مقاومة لزلازل وتلبي شروط السلامة العامة، وأضيفت مرائب للسيارات، بسعة 1000 سيارة إضافية، وزودت كل المباني بمولدات وآبار ارتوازية، مع تشجير الطرقات والساحات العامة.

لقد نجح المشروع بإعادة النسيج الاجتماعي للمناطق المدمرة إلى ما كان عليه، مع إدخال التحسينات الممكنة، وواكب أصحاب الحقوق هذه العملية على نحو يومي وحثيث، وقد استفاد هؤلاء من المرونة الفائقة التي وسمت آليات عمل المشروع، فشاركوا في تصميم منازلهم وأعادوا النظر بها مع تقدم أعمال البناء، ليصل عدد طلبات التعديل التي لباها المشروع إلى 10500 طلباً، عدا التعديلات التي نفذت في مرحلة الدروس، ولم تكن هذه المرونة على حساب المواصفات العامة للمشروع الذي حافظ على خصائصه المخطط لها.

تقويم النماذج الأربعة:

لقد حقق النموذج التضامني التشاركي أهدافه كاملة تقريبا،ً وعلى رأس ذلك إعادة النسيج الاجتماعي إلى ما كان عليه قبل الحرب، في حين نجح النموذج النيوليبرالي في الوصول إلى بعض أهدافه العمرانية المباشرة، لكنه أخفق في بلوغ غاياته الاقتصادية والمالية، تلك التي احتلت الحيز الأكبر من اهتمام المخططين على حساب الجانب الاجتماعي.

وبالمقابل حالت العقبات السياسية والمالية دون انطلاق المؤسسة العامة لترتيب الضاحية الجنوبية الغربية “أليسار”، على الرغم من شبه الإجماع الداخلي بشأنها.

ويعزى ذلك إلى الإدارة الراهنة لشؤون الاقتصاد والتنمية، التي تمنع إحياء النموذج المركزي فالعودة إلى “الشهابية” عمرانياً يتطلب العودة إليها إنمائياً واقتصاديا،ً بما في ذلك الاعتراف بدور الدولة في التخطيط والإنماء.

كما لا يمكن فصل مشروع إعادة إعمار الضاحية الجنوبية عن المنظور السياسي والاقتصادي الأوسع الذي يعبر عنه، فهو يرتبط بمشروع المقاومة ويحاول تمثيل مصالح مجتمعها، كما يتصل أيضاً برؤية اقتصادية منصفة اجتماعياً لطالماً طبعت أداء حزب الله الداخلي، ومع أن ذلك المنظور لم يحقق حتى الآن اختراقات كبيرة في البناء الاقتصادي اللبناني القائم على الريع والاحتكار، فإن مشروع “وعد” هو بحد ذاته بارقة أمل في إحداث تقدم ما في هذا الاتجاه، وهو مثال بارز على قدرة النموذج الاجتماعي التضامني التشاركي على التصرف بواقعية، وتسجيل نجاحات تفوق بكثير تلك التي يمكن للنموذج الليبرالي الإقصائي تحقيقها.

وبالمقابل، فقد استندت سوليدير بدورها إلى رؤية سياسية اقتصادية لكنها لم تتسم بالحد الأدنى من الواقعية، فضلاً عن نزعتها المجافية للفئات الشعبية، كما استندت إلى ثلاثة ورهانات لم تتحقق: السلام الإقليمي “التسوية مع العدو”، واستعادة لبنان دوره الإقليمي السابق، والثقة بقدرة الدولة على تعبئة ما يكفي من الموارد للتخلص من العجز المالي وتحقيق فوائض كافية لمواكبة مرحلة ما بعد الإعمار.

ووفق هذا المنظور، لم تكن التفاوتات الاجتماعية مهمة بنظر الشركة ورعاتها، ولم تستحق معالجة منفصلة بدعوى أن النمو سيؤدي تلقائياً إلى التخلص منها دون عناء، كما لم تتحقق هذه الرهانات، وانشغل واضعو السياسات بلملمة الآثار السلبية لفشل مشروعهم ومن بينها “ارتفاع الدين العام، تباطؤ النمو، تراجع الاستثمارات” بدلاً من جني ثمار الدور الإقليمي المزعوم، وغدت سوليدير في خضم ذلك جزيرة اقتصادية نائية.

وفي حين فشلت سوليدير في تعبئة موارد إضافة بشرية يمكن استخدامها لتطوير المدينة، تمكنت وعد من تعبئة موارد متنوعة مالية وبشرية واقتصادية مثل الاعتماد على فرق من المتطوعين تضم آلاف الاختصاصيين، والمساهمات شبه التطوعية للعديد من الخبراء والاستشاريين، فضلاً عن القيمة الإضافية التي مثلتها جهود تنظيم أوضاع السكان مشاركاتهم أثناء عمل المشروع.

خاتمة:

إن مراجعة ما سبق تجعلنا أمام نموذجين، الأول يكتفي بالفعالية المؤسساتية والثاني يضيف إليها الفعاليّة الاجتماعية، التي تجلت في إتمام إعادة الإعمار بأقصى سرعة ممكنة وبانتظام لافت.

ولا يمكن أن نغفل هنا الدور الفعال للتعاون والثقة، إذ يسجل لمشروع إعادة الإعمار الحالي نجاحه في تعبئة رأسمال اجتماعي من شأنه المساعدة على تخطي الصعوبات، والصعود على سلم متين من التضامن الشامل الرأسمال الاجتماعي، ما يعني وجود مخزون كاف من الحوافز التي تجعل من كل وحدة اجتماعية، فرداً أو مؤسسةً، شريكاً محتملاً في إتمام العملية وتطويرها وتحمّل أعبائها.

إن هذا الدخول الجماهيري إلى نطاق العمل لا يقلّل التكاليف فحسب، بل يخلق قيم إعادة إعمار تسمح بالتغلب على الممانعة التقليدية التي تواجه برامج التطوير والتنمية، أو التي تعرقل إمكانية قيام تعاون بدرجة كافية، واللافت أنه في عقد التسعينيات جرى تبديد الرأسمال الاجتماعي عبر إحلال الرأسمال المادي محله، وحل الإلزام “القانوني والإداري بدل أنماط التعاون الاجتماعي التلقائي، وهذا ما أدى، من بين أسباب أخرى معروفة، إلى اعتماد أطر تقوم على الإكراه والقهر  وتعد “الشركة العقارية” مثالاً عليها، وبدعوى أنها الشكل الوحيد المتاح لتنظيم المجال المشترك، وبمعنى آخر، جرى إحلال القوانين والهياكل المؤسسية الإجبارية، محل القيم التي تسمح بقيام تعاون طوعي يستند إلى الثقة ولا يتطلب تدخلاً شاملاً من قبل طرف ثالث هو الدولة.

لكن لم يكن للنسيج الاجتماعي في مشروع وعد أن يرمم وتعود المنطقة أفضل مما كانت لولا تضافر أنواع أربعة من الرساميل:

– رأس مال مادي يتضمن موازنات المشروع وتجهيزاته.

– رأس مال بشري ضم آلاف المهندسين والمخططين والإداريين والإحصائيين والفنيين، متطوعين وغير متطوعين.

– رأس مال رمزي يتمثل في الإجماع على العمل دون كلل.

– ورأس مال اجتماعي يتمثل في منسوب الثقة المرتفع بين الشركاء المعنيين بهذه العملية، فضلاً عن الشبكات الأهلية والمدنية المساندة.

باحث وأكاديمي لبناني / رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق في لبنان