ثقافةصحيفة البعث

“أماسي” تكرّم الفنانة نادين خوري

 

نادين خوري التي تخفي وراء ابتسامتها حزنها على فقد أفراد عائلتها وتؤمن بمخاطبة الأرواح، هي ملاك الدراما السورية التي جسدت بأعمالها عوالم المرأة بين الكوميديا والتراجيديا، والأدوار التاريخية وبرعت بأعمال البيئة الشامية، كانت ضيفة أماسي وكُرّمت من قبل وزارة الثقافة ممثلة بمستشار السيد وزير الثقافة محمد الأحمد الأستاذ نزيه الخوري، في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة – بإدارة الإعلامي ملهم الصالح، وقد أبدت نادين سعادتها بالتكريم كونه من جهة رسمية من وزارة الثقافة في هذا المكان الراقي الذي له وقع خاص بالذات.
وركز الإعلامي ملهم الصالح على مرحلة الطفولة في حياة نادين من خلال عرض صورها مع أسرتها، ليصل إلى أن التربية المثالية في البيئة التي عاشت فيها هي التي تفسر سلوكياتها الإيجابية في الحياة والفنّ، وفي احترامها للآخر، لتعود نادين بذاكرتها وتستحضر صورة والدها الذي فقدته وهي في السابعة من عمرها وكونها أصغر أفراد العائلة بقيت متأثرة به من خلال علاقتها الحميمة بأخيها الفنان العالمي أنطون خوري الذي يكبرها بست سنوات، ورحيله ترك جرحاً بليغاً في حياتها كونها كانت تعيش معه، فتحدثت عن شخصية والدها الخواجة لطفي الذي كان صاحب قرار من وجهاء حي القشلة ويكتب الشعر، وعن والدتها التي تعشق الفلسفة فعاشت في مناخ بعيد عن العنف يؤمن باحترام أدبيات الحوار، مما هيأها لتذهب باتجاه الفنّ مع أنها لم تكن تحلم بذلك.

المرأة السورية القوية
المحور الأساسي في الندوة تركز حول المرأة السورية التي مثلتها نادين في شخصياتها وفي أسفارها وفي مشاركاتها العربية، فتوقفت عند مكانتها عبر التاريخ وحتى الآن، فقد دخلت جميع المجالات وتبوأت أهم المناصب، وفي الحرب السورية كانت المرأة المقاومة والصامدة وأظهرت جانباً لم نكن نلحظه سابقاً، لتخلص إلى أن المرأة السورية موضع فخر واعتزاز بكل ما قدمته بالحرب السورية.
وبرأي نادين أن الدراما لم تنصف المرأة رغم كل ماحققته ومازالت هناك جوانب مهمشة من حياتها، لتوجه سؤالاً إلى الكتّاب والمنتجين حول تغييب منجزات المرأة السورية في تاريخ سورية الحديث مثل شخصية نازك العابد وليلى صباغ وكثيرات لماذا لاتجسد حياتهن في عمل درامي؟ ونوهت إلى دور الدراما بالتوعية والثقافة وفي إيصال الأفكار إلى كل بيت والقدرة على التغيير، مؤكدة بأن الندوات عنصر هام وفعّال لكن تأثير الدراما أكبر بكثير.

العودة إلى السينما
وتوقف الصالح عند محور السينما ومشاركتها بفيلم”صحفية حسناء ثم حبيبتي يا حبّ التوت” لتكون البداية الفعلية في فيلم “القلعة الخامسة” عام 1982 لتتوقف نادين عن السينما وتعود بعد ثلاثة عقود بمشاركتها بفيلم مريم مع المخرج باسل الخطيب،عام 2012، ثم بالفيلم اللبناني- السوري”محبس” مع المخرجة صوفي بطرس والذي يتناول إشكالية العلاقات السورية –اللبنانية بأسلوب لطيف وفق ما وصفته بلعبة الدراما، وعبرت نادين عن سعادتها بهذا العمل الذي جمعها مع كبار النجوم اللبنانيين مثل جوليا بطرس وسعيد سرحان وعلي الخليل مشيرة إلى تعاونها السابق مع المخرج انطون ريمي ورفيق حجار.
وعرض الصالح رسالة صوتية من الفنان أيمن زيدان يصفها بفنانة مختلفة تتميز بشغفها اللامتناهي لتقديم الأفضل، وتشارك في فيلم أمينة الذي يخرجه من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وتؤدي فيه نادين دور البطولة بتجسيد جوانب من حياة الأم في ظل الحرب السورية وانعكاساتها وتبعاتها، فنوّهت إلى هذا المشروع الإنساني مرهف التوصيف، الذي عمل فيه زيدان باختزال شديد واشتغل ببراعة وهو المسكون بالهمّ الوطني والإنساني والفني بكل ما يحمله من قلق لتقديم الأفضل.

مشروع إخراجي
ووجه الصالح لنادين سؤالاً حول ما أشيع عن تفكيرها بالإخراج؟ لكنها لم تنف الخبر وتابعت بأنها حينما تستكمل أدواتها الإخراجية وتجد مادة مكتوبة تغريها ستقدم على هذه التجربة.
وحول سؤال عن مشروعها الخاص أسوة بالفنان الكبير دريد لحام وياسر العظمة بعد أربعة عقود من العمل الفني من خلال الكتابة أو بورشات عمل؟ أجابت بأنها من الممكن أن تتبنى الفكرة، إلا أن المشروع بحدّ ذاته يحتاج إلى اختصاصيين، لاسيما إذا كان الموضوع يتعلق بالتاريخ.

الكوميديا خطرة
ومن السينما إلى الدراما وإلى البداية حينما اكتشفها الفنان سليم صبري الذي حضر أماسي وتحدث عن صعوبة الدور الذي أسنده إليها في عمل “حارة الصيادين”، وقفت فيه أمام نجوم الدراما السورية طلحت حمدي وسلوى سعيد، ثم عملت معه “برحلة المشتاق” الذي غلب عليه الطابع التاريخي باللغة الفصيحة مع الفنانة الكبيرة ثناء دبسي وياسر العظمة، وتوقف الصالح معها حول مشاركتها بيوميات مدير عام الجزء الأول وحول الكوميديا لتصفها نادين بالخطرة، لأن الممثل إما أن يجد نفسه بموقع التهريج أو بكوميديا الموقف، ولم تشارك في الجزء الثاني لأنها لم تجد نفسها فيه.

عوالم المرأة
الانطلاقة الأهم في مسيرة نادين الفنية هي دخولها عوالم المرأة الغنية، وإلقاء الضوء على مسائل حساسة من خلال الأعمال الاجتماعية وأعمال البيئة الشامية، التي ظهرت فيها نادين بدور مغاير لصورة المرأة التقليدية، لتبدو قوية وصاحبة قرار ضمن بيئة تسيطر عليها السلطة الذكورية على سبيل المثال مسلسل الدبور.
والمنعطف الهام الذي توقفت عنده نادين هو بداياتها إذ وجد المخرجون بجمالها صورة الأنثى الأرستقراطية الإيجابية، وصورة الملكة إلا أنها لم تستسلم لهذا الإطار، وبحثت عن الأدوار المركبة الصعبة البعيدة عن التنميط التي تظهر جوانب القوة والشر وفي الوقت ذاته تظهر الجوانب الخفية للشخصية الشريرة.
والمنعطف الثاني كان حديثها عن أمراض الدراما السورية فتجد نادين بأن الغيرة بين ممثلة وأخرى مشروعة طالما المنافسة هي الهدف، إلا أن الأمر الصعب والذي لاتجد له نادين تفسيراً هو غيرة الممثل من الممثلة لاسيما بأنها لاتأخذ دوره ولا يأخذ دورها. وقدم الصالح شهادة للفنان عباس النوري الذي ارتبط مع نادين بصداقة منذ بداياتهما، والفنانة جيانا عيد التي تتقاطع بشهادتها مع الفنانة نادين بالالتزام والأخلاقيات واحترام الآخر.
مساحة كبيرة كانت للحوار المباشر بين نادين والجمهور، حول الدراما وتطور أدوارها، وتوقفت حول الخطأ الكبير الذي وقعنا به باستخدام التكنولوجيا التي تفكك روابط الأسرة والمجتمع، وأثار الفنان سليم صبري قضية محاولة استبعاد المرأة من خلال التدمير الذي واجهته سورية مركزاً على دعوته بالخروج من آثار الحرب السورية بالتوعية والثقافة وتفعيل دور المرأة.
ملده شويكاني