الصفحة الاولىصحيفة البعث

جرائم المعلوماتية

 

> المحامي عمر تقي الدين

إن تقدم العالم التكنولوجي والشبكي والحاسوبي سلاح ذو حدين، فله الوجه المشرق البنّاء الذي يطور ويفيد البشرية، وله بالمقابل الوجه الخطر الهدّام الذي يهدد الحضارات ويهدم المجتمعات، ومن الضروري ملاحقة، ودعم ما يفيد ويطور المواطن والمجتمع السوري ليستفيد وينهل من منظومة المعلوماتية، ويواكبها، ويطورها، ويبحث فيها بشكل بنّاء، وللمصلحة العامة، وأيضاً لم ينس ويغفل التشريع السوري عن مخاوف وأخطار التقدم بهذه المنظومة، فنراه قد لاحق وحارب التجاوزات والسلوكيات غير القانونية التي يمكن سلوكها من خلال هذه التكنولوجيا، فجاء بشكل خاص المرسوم التشريعي الذي أصدره السيد الرئيس خاصاً لحماية المجتمع والدولة من أية تجاوزات أو أفعال جرمية ترتكب من خلالها، وجاء بالمرسوم ما يسمى بجرائم المعلوماتية التي ترتكب باستخدام الأجهزة الحاسوبية، أو الشبكية، أو التي تقع على المنظومات المعلوماتية والشبكة، وما يسمى بجرائم المعلوماتية تتمثّل بكل سلوك غير قانوني مرتبط بأي شكل بالأجهزة الالكترونية يتسبب في حصول المجرم على مكاسب، مع تحميل الضحية الخسارة، وغالباً ما يكون هدف المجرم هو السيطرة، والسرقة، وقرصنة المعلومات الموجودة في الأجهزة، أو يهدف إلى ابتزاز الأشخاص بمعلوماتهم المخزنة على أجهزتهم، أو يهدف إلى السب، أو التشهير، أو تحقير شخص ما عن طريق نشر معلومات مغلوطة ومفتراة عليه على المواقع والشبكات، وهذا كله لم يكن موجوداً أصلاً قبل وصول تقنيات المعلوماتية لمتناول الجميع، لذلك اهتم المشرع السوري بهذه الجرائم، ونص المرسوم التشريعي على مؤيدات جزائية، منها الحبس، ومنها الغرامات لمرتكبيها، لما لهذه الجرائم من مخاطر خاصة بالأفراد، وعامة تمس الدولة والمجتمع، فالتطور والتسارع في تقنيات الأجهزة الالكترونية، والبرمجيات، وشبكة الأنترنت، وإتقان استخدامها من قبل بعض الأشخاص، ما يزيد احتمال وقوع جرائم المعلوماتية، ولما لها من تأثير سلبي على الواقع الاقتصادي للحكومات والمواطنين، وهذا أضحى ملموساً في بعض الدول التي تعرّضت للقرصنة.
وعليه أصدرت وزارة الداخلية قراراً بإحداث ضابطة عدلية بالقرار رقم 564 تاريخ 22/3/2012، وكان هذا القرار بناء على المرسوم التشريعي رقم 1 لعام 2012، وعلى المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2012، حيث أحدث فرع خاص بإدارة الأمن الجنائي لمكافحة جرائم المعلوماتية، والتحقيق بها، وكشفها، وتحليلها، وجمع أدلتها الجنائية الرقمية، وضبط مرتكبها، وتقديمه للقضاء، وسميت هذه الضابطة بفرع مكافحة جرائم المعلوماتية، وهذا الفرع حل محل قسم مكافحة الجرائم الرقمية المحدث بالقرار 1130 لعام 2009، وحددت طرق الإبلاغ عن هذه الجرائم إما عن طريق الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية على شبكة الأنترنت، أو عن طريق تقديم شكوى إلى النيابة العامة لإحالته إلى الفرع المختص بإدارة الأمن الجنائي.
ونختم بكلمة للسيد الرئيس بشار الأسد بهذا الخصوص: (خيارنا الوحيد هو التطلّع إلى المستقبل، وهذا الخيار نمتلكه عندما نقرر أن نصنع المستقبل بدلاً من أن تصنعه الأحداث، عندما نسيطر عليها بدلاً من أن تسيطر علينا، نقودها بدلاً من أن تقودنا).