تحقيقاتصحيفة البعث

مشروع دعم الجريح في طرطوس برامج مساعدة لتأمين الرعاية الصحية والطبية وفرص العمل.. وأعمال داعمة من الناحية المعيشية والتعليمية

خلّفت الحرب التي تدور رحاها على الأراضي السورية وراءها العديد من الإصابات والمعاناة، وتعددت هذه الحالات، وكثرت، ورغم ما تقوم به الدولة ضمن إمكانياتها لرعاية هؤلاء الجرحى، وتقديم الخدمات لهم، إلا أن الواقع يتطلب تضافر وتعاون جميع الجهات والجمعيات والأيادي البيضاء.
معاناة صحية ومعيشية
يعاني ﺟﺮﺣﻰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ من ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﺠﺰ، وﺣﺎﻻﺕ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳة، ﺍﻟﺸﻠﻞ ﺍﻟﺮﺑﺎﻋﻲ، ﺍﻟﺸﻠﻞ ﺍﻟﻨﺼﻔﻲ، ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻗﺎﺳﻴة ﻭﻣﺆﻟﻤﺔ، ﻭﺑﺴﺒﺐ إعاقتهم ﺍﻟﺤﺮﻛﻴﺔ يتعرضون ﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺍﻧﺘﻜﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﺧﺘﻼﻃﺎﺕ ﻣﺆﻟﻤﺔ ﺗﻤﻨعهم ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﻪ ﺃﻱ ﻋﻼﺝ مثل ‏(ﺍﻟﺒﺤﺺ، ﺍﻟﺮﻣﻞ، ﻗﺮﺣة اﻟﻜﻠﻮﻥ، ﻭﺟﻮﺩ ﺧﺸﻜﺮﻳﺸﺎ ﺑﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ، ﺍﻟﺘﻬﺎﺑﺎﺕ ﺣﺎﺩﺓ ﺑﺴﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩ ﻗﺜﻄﺮﺓ ﺑﻮﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺜﺎﻧﺔ، ﺃﻭ ﻭﺟﻮﺩ ﻗﻨاة ﺑﺎﻟﺮﻏﺎﻣﻰ ﻟﺴﺤﺐ ﺍﻟﻤﻔﺮﺯﺍﺕ، ﺃﻭ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺫﻳة ﺑﺄﻱ ﻋﻀﻮ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ ﺣﺴﺐ ﺍلإصابة)، ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺳﻮﺀ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺗﺘﺄﺯﻡ هذه الحالات إلى ﺩﺭﺟة ﻛﺒﻴﺮة ﺗﺆﺩﻱ إلى ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ويتابع الجريح قائلاً: “ﺃﻧﺎ ﻛﺠﺮﻳﺢ ﺣﺮﺏ ﻋﻀﻮ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋة ﻟﺠﺮﺣﻰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺑﻨﺴﺒة ﻋﺠﺰ 100% ‏(ﺷﻠﻞ ﺭﺑﺎﻋﻲ، ﻋﻨﺪﻱ ﺿﻐﻂ ﻓﻘﺮة ﺳﺎﺩﺳة ‏) إﺻﺎﺑﺘﻲ ﻣﻦ 4 ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﺃﻧاشد، وأطالب الجهات المعنية ليكون هناك ﺑﺮﻳﻖ ﺃﻣﻞ ﻟﻌﻼﺟﻨﺎ، ﻭإدرﺍﻙ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻨﺎ ﻭﺁﻻﻣﻨﺎ”. وتتمثل معاناة جريح آخر في المجتمع الذي يحيط به وأسلوب التعامل، ويقول: حول مفهوم ﺍﻧﺨﺮﺍﻁ ﺍﻟﺠﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ، هو ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﺼﻄﻨﻊ ﻭﻣﻔﺘﻌﻞ، في حين يقول آخر: ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻴﺐ أن ﻳﻜﻮﻥ ﻫو ﺟﺮﻳﺢ في بلده من دون بيت يؤويه وﻟﻘﻤﺔ عيشه اليومية، أو كيفية تأمين تكاليف سفرة في الذهاب والإياب عند السماح له باستراحة، أو البحث عن شبر من الأرض التي يدافع عنها لتكون له.

جمعيات أهلية
كان لبعض الجمعيات والمؤسسات الأهلية في المحافظة الدور المهم في تقديم العلاج والخدمات الطبية لجرحى الجيش، وهنا يبيّن د. علي عبد الرحمن، رئيس الهيئة الإدارية في مؤسسة الوعد الصادق في طرطوس، أن المؤسسة سورية مرخصة لوزارة الشؤون الاجتماعية، مقرها دمشق، وفيها مجلس أمناء في العاصمة، ولها فروع في المحافظات، وقدمت الجمعية خلال العام الماضي خدمات طبية نوعية، حيث تم القيام بـ/48/ عملية جراحية نوعية لجرحى الجيش والقوات الرديفة، ويتم القيام بعمليات جراحية، وتركيب أطراف صناعية في مركز خاص في دمشق، إضافة للنشاط الاجتماعي بما معناه مساندة كل جريح والتعامل بمصداقية، كما يتم التواصل مع الجرحى من خلال المجتمع الأهلي، وليس من خلال الجهات الرسمية، بالإضافة لتقديم العلاج الفيزيائي للجرحى، والأدوية بشكل مجاني، وتجهيزات طبية لجرحى القوات الرديفة /عكازات، كراسٍ عادية، وأدوية إسعاف أولية ونوعية لعلاج جريح ميداني/.
ولا يتم تحديد الطبيب الذي يجري الجريح العملية لديه، بل يترك للجريح حرية اختيار طبيبه، والمشفى الذي يريد العلاج لديه، ودور الجمعية دفع فاتورة المشفى، وبالتالي توفير العديد من الإجراءات الروتينية والمشاكل، وبيّن أن للجمعية برنامج عمليات، وخلال العام يوجد ثلاثة برامج عمليات، والخدمات الأخرى هي خدمات مستدامة تُقدمّ بشكل يومي للجرحى.
وأضاف عبد الرحمن: تقدّم الجمعية المساعدات لمن لديه تقرير إصابة، ويحارب في صفوف الجيش أو القوات الرديفة، ويقدّم للمقاتل في أرض المعركة أدوية نوعية إسعافية لتمكينه من الثبات في أرض المعركة، والجرحى الذين لديهم إصابات في الحبل الشوكي وشلل رباعي وبتر الطرفين السفليين.
وأكد د.علي عبد الرحمن على ضرورة أن يتم التنسيق مع الجهات كافة التي تتعامل مع الجرحى، وأن تكون هناك غرفة عمليات، أو إدارة موحدة لها علاقة مباشرة مع الجريح في القطاعات كافة، وأن تشرف على عمل الجمعيات، وكل من يتعامل مع الجرحى، لافتاً إلى أن الجريح ليس صاحب إعاقة ولادية، وليس ضحية حادث سير، ولكن إصابته كانت في سبيل بقاء أبناء الوطن والدفاع عنه، يجب التعامل معه بكرامة وإعطاؤه حقه بصمت، لأن الجرحى مفضلون على الجميع، ويجب ألا يكونوا وسيلة للظهور الإعلامي، كما يجب التعامل بإنسانية مع الجرحى، وأن يأخذوا علاجهم اللائق من الجميع.
إجراءات إدارية
وعن دور مجلس مدينة طرطوس في تقديم الخدمات للجرحى أكد م.غسان بلال، نائب المكتب التنفيذي في مجلس مدينة طرطوس، عضو المكتب التنفيذي المختص بشؤون الجرحى والشهداء والمفقودين في المجلس، أنه تم إحداث مكاتب الشهداء والجرحى والمفقودين في مجلس مدينة طرطوس بتوجيه من السيد رئيس الجمهورية والذي يشمل في قطاع مدينة طرطوس /17/ حياً, فبعد زيارة الوفد الحكومي في الشهر السادس من العام الماضي تم إصدار القرار /927/ بإحداث مكاتب للشهداء والجرحى والمفقودين في كافة المناطق، وكافة الوحدات التابعة لمحافظة طرطوس، وبعد إصدار هذا القرار، اعتبر هناك /7/ فروع في المحافظات، ومجلس مدينة طرطوس أحد الفروع، وبمضمون القرار تم ضم /17/ منطقة لفرع مجلس مدينة طرطوس، وزار رئيس الحكومة والوفد المرافق مكتب الشهداء بمجلس المدينة وأثنى عليه، وبيّن بلال أنه تتم المتابعة من قبل المجلس مع مختار كل حي، ورئيس وحدة كل منطقة في عملية فرز أو إحصاء للشهداء والجرحى والمفقودين في كل حي، ولفت إلى وجود تنسيق مباشر مع مكتب الأمانة في المحافظة (مكتب الشهداء والمفقودين)، ويتم التزويد بمعلومات، وبيّن وجود برنامج معتمد من قبل وزارة الإدارة المحلية، وهذا البرنامج يتم عن طريقه تحميل كافة البيانات التي تخص الشهداء والجرحى والمفقودين، ويتضمن كافة المعلومات التي تخصهم، كما أن المكتب يلقى اهتماماً مباشراً وكبيراً من السيد المحافظ، وعلى صلة مباشرة معه بكل معلومة، كما يتم التواصل مع ذوي الشهداء والجرحى، وتسجيل طلباتهم في السجل الخاص بمكتب الشهداء والجرحى، ويتم تفريغ هذه الطلبات بكتب رسمية، وتحويلها للمحافظة، ومن ثم إرسالها للجهات المعنية، وتتم متابعتها لحين تنفيذها.
ولفت بلال إلى أنه بعد عملية الإحصاء التي جرت، والتي تم فيها التواصل من خلال مخاتير الأحياء، تبيّن أن عدد الشهداء في قطاع المدينة /821/ شهيداً، وعدد الجرحى /555/ جريحاً، وعدد المفقودين /49/ مفقوداً، وفيما يخص الوحدات الإدارية التابعة لمجلس المدينة، تبيّن أن عدد الجرحى فيها /844/ جريحاً، ويتم التواصل مع هذه الوحدات لتحديث البيانات كل /15/ يوماً للتزود بأية معلومة جديدة، وأوضح نائب المكتب التنفيذي أن أي عسكري مصاب لديه تقرير إصابة يحصل على معونة غذائية شهرية وبشكل دوري، أما المشاريع فإن دائرة الجرحى في المحافظة تمنح المشاريع للجرحى الذين لديهم حالات خاصة /بتر/، كما بيّن م. غسان بلال أن تصنيف إصابات الجرحى وفق نسبة العجز، وأكثر الحالات تتركز في الأطراف، ويتم العمل في مجلس مدينة طرطوس على استقبال يومي لطلبات ذوي الشهداء والجرحى والمفقودين، وتتم متابعتهم بالطريقة التي ذكرت، كما تتم زيارة الجرحى في منازلهم، والاطمئنان على صحتهم، ومعرفة حاجاتهم.
مشاريع وفرص عمل
وبيّن رفعت سليمان، رئيس دائرة الجرحى في محافظة طرطوس، أن هدف الدائرة الاستراتيجي رضى الجرحى، ويتمثّل في الوسائل التي من خلالها يتحقق هذا الهدف، وهي: تأمين العلاج والاستشفاء للجريح من اللحظة الأولى للإصابة، ومتابعتها على أعلى المستويات، وتوفير الراحة والاستقرار، وتأمين كل ظروف الحياة الكريمة للمعوقين من الجرحى، والعمل على تأهيل الجرحى، وتنمية الكفاءات والمهارات لديهم وتطويرها، وتأمين ظروف اندماجهم في المجتمع، بما يساهم في تجاوز الحالة النفسية التي خلّفتها الإعاقة، وتأهيل البيئة المحيطة، كما توجد أهداف تشغيلية من تطوير للمنظومة الإدارية، وبناء قواعد بيانات صلبة ومتشابكة مع كافة الجهات ذات العلاقة، وبناء منظومة تواصل مستمر مع الجرحى من خلال الاستفادة من مزايا البرامج المساعدة على هذا الموضوع، وتأمين الرعاية الصحية والطبية، وتأمين فرص عمل لهم، وتنفيذ الأعمال الشهرية والسنوية الداعمة للجرحى من الناحية المعيشية، والتعليمية، وأوضح سليمان بأن مشروع دعم الجرحى في محافظة طرطوس انطلق مع بداية عام 2015 بغية تقديم الدعم الصحي، والمعيشي، والمعنوي للجرحى المسرّحين بحكم الإصابة وفق خطة عمل استراتيجية تمت تسميته “رضى الجريح”، حيث تم إعداد قاعدة بيانات متكاملة، وذلك لتكون أداة تعتمد على الأتمتة لتحقيق العدل، والمساواة، والشفافية في توزيع الدعم، وتم إعداد ملف الكتروني وورقي لكل جريح بعدد /4649/ حتى تاريخه، كما تم التنسيق مع كافة الجهات الحكومية لمنح الجرحى خدمات بمختلف المجالات تساعدهم في تحقيق حياة مريحة، وكذلك الأمر مع القطاع الأهلي لتنفيذ الهدف التنموي الخاص بتأمين فرصة عمل لكل جريح على مبدأ “علّمني الصيد”، وسمي بمنحة من السيد الرئيس، وبالنسبة لفرص العمل، والمشاريع المقدمة للجرحى، بيّن رئيس دائرة الجرحى أن المشاريع التنموية بلغت /442/ مشروعاً، ومشاريع الأمانة السورية /38/ مشروعاً، والمشاريع التنموية من الجمعيات الأهلية /86/ مشروعاً، بالإضافة إلى تعلّم بعض الحرف، المهن مثل تعلّم مهنة الحدادة، والنجارة، وتوزيع عدة عمل للجرحى، وبلغ عدد المستفيدين منها /66/ مستفيداً، وتعليم مهنة تربية النحل، والحصول على خلايا النحل ومستلزماتها، /89/ مستفيداً، أما بالنسبة للمعينين في دوائر الدولة بنسبة 4% فبلغ عدد المستفيدين/91/ مستفيداً، أما عدد الذين حصلوا على قرض تنموي /319/ مستفيداً «قرض مشروعي»، وعدد الحاصلين على رخصة كولبة /389/ مستفيداً، أما عدد الحاصلين على معدات زراعية فبلغ /97/ مستفيداً، فيكون بذلك مجموع فرص العمل المقدمة للجرحى /1740/ فرصة عمل.

رشا سليمان