الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

أرقامنا ليست هندية

على مدار سنين طويلة تعلمنا في مدارسنا أن الأرقام التي نكتب بها هي أرقام هندية، وأن العرب أخذوها من الهنود، في حين أن أرقامنا التي نكتب بها اليوم  برأي الباحث أحمد المفتي الذي أكد  في  في سلسلته الشهرية “أغاليط من التاريخ” التي اعتاد تقديمها شهرياً في ثقافي أبو رمانة أن أرقامنا التي نكتب بها اليوم هي أرقام مشرقية ولا علاقة للهند بها.

وبيّن المفتي في بداية كلامه أن الحضارات القديمة جداً عرفت الأرقام واستخدمتها لسنوات طويلة، وأول من أشار أليها البابليون، وقد أخذ عنهم الهنود طرائقهم في النظام العشري، أما العرب فكانوا يستخدمون الأرقام  من خلال الأبجدية العربية أي إن العرب استخدموا طريقة أبجد هوز حطي كلمن وأن نقش مثل نقش النيمارة وجد أنه في نهايته جملة لو جمعنا الحروف فيها بطريقة معينة لوجد التاريخ الذي كتب به النقش.

وعرف العرب الأرقام كما بين المفتي في العصر العباسي زمن الخليفة أبو جعفر المنصور، وقد شهد زمنه وجود أربعة علماء  كبار في فنونهم الفراهيدي وابن المقفع وأبو حنيفة والفرازي، وهو الذي وضع أشكال الأرقام المشرقية والبداية كانت عندما وفد إلى بلاط الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور فلكي هندي، ومعه كتاب مشهور في الفلك والرياضيات هو سدهانتا لمؤلفه براهما جوبتا الذي وضعه في حوالي عام 6هـ \ 628م واستخدم فيه الأرقام التسعة، وقد أمر المنصور بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية، وعهد بذلك للفرازي الذي رأى فيه أن الهنود يستخدمون أشكالاً ورموزاً للأرقام، فابتدع من فكرة هذه الأرقام شكل الرقم العربي ممهداً الطريق للخوارزمي، ونوه المفتي إلى أننا لو اطلعنا على اللغات الهندية القديمة وغير القديمة سنجد أن الأرقام  فيها تختلف عما نكتبه، وبالتالي الشكل الذي ابتدعه الفرازي هو الشكل الذي نكتب به اليوم، وهو عربي أصيل ولا علاقة للهنود به الذين كان لديهم أشكال متعددة للأرقام.

وختم المفتي كلامه بأننا اليوم نتعرض لهجوم شرس على تراثنا وحضارتنا لتحطيمها من خلال أشكال مختلفة، منها محاولة التأكيد على استعمال الأرقام الغربية التي انتشر استخدامها اليوم، ولا سيما في منطقة الخليج العربي على الرغم من تنويه المفتي إلى أن هذه الأرقام الإفرنجية هي أيضاً من أسرة الأرقام العربية.

أمينة عباس