اقتصادصحيفة البعث

فاخرة ولكن..!.

قد يتحمل أصحاب العقارات الفاخرة -بقصد أو بغير قصد- مسؤولية تطرف سوقنا العقارية ولو بشكل غير مباشر، وذلك نظراً لما يوظفونه من كتل نقدية كبيرة في هذه السوق من خلال تحويل إيرادات أعمالهم إلى أصول عقارية فاخرة مقارنة بتوسيع استثماراتهم، ليصل الحال ببعض رجال أعمالنا إلى التركيز على المضاربة بالعقار على حساب الاستثمار في القطاعات الأخرى الخدمية منها والإنتاجية..!.

ليس هذا وحسب بل إن كثيراً ممن يملكون محاضر أو أجزاءً منها يبقونها على أمل ارتفاع الأسعار أكثر وأكثر، وتكون المحصلة الإخلال بمشهد قطاع أعمالنا، الذي يفضل رواده الظهور بكامل بريستيجهم الاقتصادي والاجتماعي وكأنهم صناع اقتصادنا الوطني، في حين استثماراتهم الحقيقية تملأ الدنيا تحت مسميات أجنبية برّاقة…!.

لا يخفى على المتجول في أحياء أتوستراد المزة والمالكي وغيرها من هذه المناطق ملاحظة خلو نسبة كبيرة من مساكنها، لدرجة قد ينتاب البعض شعوراً بأنها مهجورة..!.

كما ويلاحظ كل من يسبر أغوار العقارات الفارهة وحيثيات أصولها، بأنها  بمنأى عما آلت وتؤول إليه السوق العقارية، وما أصابها ويصيبها من اهتزازات، سواء خلال فترة الأزمة، أم قبلها، ما يؤكد أنها خارج إطار تجاذبات السوق العامة، وأنها تخضع لبورصة مخملية خاصة بكبار المستثمرين، ممن يعتبرون امتلاك المنزل الفخم ضرباً من البريستيج الاجتماعي، ومؤشراً يدل على مدى الملاءة المالية لدى مالكه، وليس حاجة ضرورية وملحة حسب ما هو متعارف عليه لدى بقية الفئات، وبالتالي لا يدخل في معادلة العرض والطلب في معظم الأحيان، لأن ملاك هذا النوع من العقارات لا يشترونها بغية المتاجرة بها وارتفاع أسعارها لاحقاً، وإنما بهدف (المباهاة) بها اجتماعياً في حفلاتهم وولائمهم الخاصة…!.

مؤكد أننا لا ننظر إليهم بعين الحسد – على الأقل عملاً بالمثل الشعبي المعروف (لكل مجتهد نصيب) – ولكن ألا يحق لنا التساؤل هنا عن الكتل النقدية المجمدة في هذه القطاع دونما تحقيق قيم مضافة يمكن الحصول عليها فيما لو وظِّفت في قطاعات إنتاجية لاسيما إذا ما علمنا أن سعر الفيلا يصل إلى مئات الملايين؟ أو لو تم استثمارها في نفس القطاع لبناء ضواحي سكنية من شأنها المساهمة بحل مشكلة السكن..!.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com