دراساتصحيفة البعث

من يتلاعب بقرارات ترامب؟

 

ترجمة البعث-
عن صحيفة واشنطن بوست 14/4/2018
منذ اللحظة التي أبلغ فيها رئيس هيئة الأركان في البيت الأبيض جون كيلي في وقت متأخر من ليلة 7 نيسان أن الجيش العربي السوري بات على بعد أمتار من آخر معقل لـ “داعش”، حدّد الرئيس ترامب خياره بضرب سورية.
بالنسبة له، كان السؤال الوحيد هو كيف؟ كان هذا تغييراً مفاجئاً في النغمة لرئيس كان قد قال قبل أيام قليلة فقط إنه يريد سحب القوات الأمريكية من سورية، وكما قال في مهرجان في ولاية أوهايو: “دع الآخرين يمتلكون زمام المبادرة”.
في الحقيقة لا أحد يعلم من الذي همس في أذن ترامب للقيام بهذا العمل العسكري، وأدى إلى ستة أيام متواصلة من المداولات المتوترة مع فريق الأمن القومي الذي أُعيد تنظيمه حديثاً -وكذلك شركاء التحالف من فرنسا والمملكة المتحدة- حول الخيارات العسكرية، وكانت النتيجة سقوط 105 صواريخ ليلة الجمعة على سورية، وفي صباح اليوم التالي قام ترامب بالتغريد، مستلهماً إعلان الرئيس جورج دبليو بوش السابق عن النصر في العراق “المهمة أُنجزت!”، إنه شيء مثير للسخرية.
حتى مع استجابة ترامب المبتهجة للضربة العسكرية، قال العديد من المستشارين المقربين من الرئيس إنه ليس لديهم أي مؤشر على وجود إستراتيجية طويلة المدى لمنطقة الشرق الأوسط، وهو الموقف نفسه بعد هجوم نيسان الماضي على سورية. لقد جاءت الضربات الصاروخية ليلة الجمعة في لحظة مؤلمة للرئيس ترامب بشكل خاص، فقد كان القائد العام قد تحرك بشكل متزايد خلال الأسبوع الماضي، حيث تقاربت الأزمات القانونية والشخصية حول ترامب، وأظهرت ومضات من الغضب العام، وتوقف عن العمل على تويتر.
وفي الوقت الذي وضع فيه المسؤولون العسكريون التفاصيل النهائية حول خطة ضرب سورية، كان ترامب يتابع إجراءات محكمة نيويورك التي تضم محاميه الشخصي مايكل كوهين، ويركز على التغطية الإعلامية للمذكرات الجديدة لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس ب. كومي، حيث يروي الكتاب صورة لاذعة لتصرفات الرئيس في منصبه وشخصيته، وقد شارك ترامب شخصياً يوم الجمعة في صياغة البيان الحازم الذي هاجم كومي، وقرأته السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض سارة هوكابي ساندرز من المنصة يوم الجمعة، وفقاً لمسؤول كبير في الإدارة.
كانت الضربات التي وقعت يوم الجمعة غير فاعلة وغير الصور التي حاول ترامب استحضارها في تغريداته القتالية، ولكن في اجتماعات الأمن القومي المغلقة، كانت نبرة كبار المسؤولين أكثر دقة، كان التعليق على المناقشات هو القلق من أن هجوماً أمريكياً في سورية قد يثير نزاعاً مع روسيا التي كانت قد هدّدت بالرد، ولعلّ غياب إستراتيجية واضحة في سورية أدى إلى تعقيد المناقشات.
يشرح انطون ترويانوفسكي ولويزا لوفلوك من صحيفة واشنطن بوست، السبب في أن الضربة العسكرية الأمريكية المشتركة ضد سورية لم يكن لها أي تأثير يذكر كونها أتت في سياق حفظ ماء الوجه، ولكن حتى بالنسبة لفريق الأمن القومي لترامب، بدا العمل من نوع ما مطلباً، حيث قال المسؤولون إنهم استمعوا إلى الرئيس يستهزئ بسلفه، باراك أوباما، وحتى في حفل عشاء في البيت الأبيض قبل أيام من الضربة الجوية، رأى ترامب أن المشكلات في سورية كانت “بسبب عدم قيام أوباما بتطبيق خطوطه الحمراء”، حسب ألان ديرشوفيتز الأستاذ المتقاعد في كلية الحقوق بجامعة هارفارد الذي كان حاضراً، لكن ماذا يعني ذلك…؟!.