الصفحة الاولىصحيفة البعث

في ذكرى الإبادة الأرمنية أردوغان يواصل جرائم السلطنة العثمانية

 

 

فيما يحيي الشعب الأرمني، ذكرى شهداء الإبادة الأرمنية التي ارتكبتها السلطنة العثمانية بحقه في الرابع والعشرين من نيسان عام 1915، يصرّ وريث هذه السلطنة الحالم بإعادة نفوذها رجب طيب أردوغان على ارتكاب المزيد من المجازر في حق شعوب المنطقة، وخاصة الشعب السوري الذي تعمل عصابات أردوغان منذ ما يزيد على سبع سنوات على قطع صلته بأرضه عبر عمليات التهجير والقتل والتدمير الممنهجة، خدمة لمشاريعه التوسعية في المنطقة، في مشهد يدفع الشعبين السوري والأرمني إلى الإصرار على الاستمرار بالحياة وتعزيز الذاكرة الوطنية والإفادة من دروس التاريخ. وجريمة الإبادة الأرمنية التي ارتكبها الأتراك وراح ضحيتها نحو مليون ونصف المليون من أبناء الشعب الأرمني كانت بمنزلة إفناء وتهجير وتصفية لهذا الشعب على يد السلطات العثمانية التي اتبعت سياسة التتريك ضد الأقليات بين عامي 1915 و1923.
وفي حديث لـ”سانا” أكد سفير جمهورية أرمينيا بدمشق الدكتور أرشاك بولاديان، أنه رغم مرور 103 أعوام على تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الأرمن ما زالوا يناضلون لاستعادة حقوقهم وأرض أجدادهم المسلوبة، لافتاً إلى أنه يتم عرض قضية الأرمن في المحافل الدولية ويصرّ الشعب الأرمني على انتزاع الاعتراف بالإبادة وإدانتها فهي لا تزال جرحاً نازفاً لعموم الأرمن في العالم، وأوضح أن المأساة الأرمنية حسب التوصيف الدولي مزدوجة بين خسارة الشعب وخسارة الوطن، فهي كانت جريمة إبادة أمة بكاملها ومحو تراثها وحضارتها وجاءت نتيجة النزعة الطورانية وسعيها لإقامة إمبراطورية تركية من الأناضول إلى أقاصي آسيا شرقاً.
وأكد الدكتور بولاديان أن مرور كل تلك السنوات لا يعفي تركيا كوريثة للسلطنة العثمانية من مسؤولياتها التاريخية وتبعاتها الأخلاقية والمادية، مشيراً إلى أن مجلس الأمن القومي التركي اتخذ عام 2000 قراراً اعتبر فيه قضية الإبادة الأرمنية من أولويات الأمن القومي وقادت السلطات التركية في عام 2005 حملة دعائية لإنكار ونفي الإبادة الأرمنية محاولة رسم صورة متحضرة لها.
ويعترف البرلمان الأوروبي والعديد من دول أوروبا والعالم ومنظمات ومؤسسات وشخصيات دولية بالأحداث التي حصلت بحق الأرمن بأنها “إبادة جماعية”، بينما ترفض تركيا الاعتراف بذلك وتتنكر له حيث يسير نظام أردوغان على خُطا أسلافه العثمانيين بارتكاب المجازر بحق الشعوب.
ويرى بولاديان أن التاريخ يكرر نفسه فما يفعله الساسة الأتراك بالشعب السوري اليوم امتداد لما فعلوه مع الشعب الأرمني تاريخياً، في الوقت الذي احتضنت فيه سورية الأرمن الذين نزحوا باتجاه الأراضي السورية هرباً من القتل والتنكيل على يد الأتراك حيث تركت لهم خيارات الحرية والعيش الآمن.
وفي تصريح مماثل أشارت عضو مجلس الشعب الدكتورة نورا آريسيان، إلى أن الاعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية هو القبول الرسمي لحقيقة تعرّض الأرمن لتطهير عرقي بين أعوام 1915 و1923 بتخطيط من الحكومة التركية العثمانية بهدف إفنائهم، مبينة أن الأغلبية الساحقة من المؤرخين في العالم إضافة إلى عدد كبير من المؤسسات الأكاديمية الخاصة بالدراسات حول الإبادات الجماعية تقبل علناً حقيقة أن ما تعرّض له الأرمن إبادة جماعية وفق المعايير الدولية والقانون الدولي، وأشارت إلى أنه ينبغي اليوم على تركيا أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية بحق العديد من الشعوب مثل العرب والسريان والأرمن، إلا أنها لا تزال تنتهك القانون الدولي وخلال سنوات الحرب والعدوان على سورية لعبت دوراً كبيراً في دعم الإرهاب، إضافة إلى أوهامها التوسعية بالأراضي السورية التي تخالف الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي ما شكّل تهديداً جدياً للأمن والاستقرار الدوليين.
وتأتي الذكرى السنوية لإبادة الأرمن في هذا العام بالتوازي مع إعلان أردوغان عن انتخابات مبكرة في محاولة منه لتثبيت سلطته التي بات الآن يخشى فقدانها أكثر من أي وقت مضى، حيث تزداد في الأوساط الشعبية التركية مشاعر السخط والغضب على سياسة الاعتقالات والإقصاءات التي مارسها طوال سنوات حكم حزبه للبلاد، فقد اتهم أحزاباً معارضة بالسعي إلى تشكيل تحالف انتخابي هدفه الوحيد معاداته شخصياً.
جاء ذلك في كلمة له أمام الكتلة النيابية لحزبه “العدالة والتنمية”، تطرّق خلالها إلى تحالف الأخير مع حزب “الحركة القومية”، ومحاولات التحالف بين أحزاب المعارضة، لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة المزمعة في الـ24 من حزيران المقبل، وأضاف: عقدنا تحالفاً انتخابياً شفافاً وصريحاً مع حزب الحركة القومية، بينما الآخرون (بعض أحزاب المعارضة) يسعون في الخفايا، لتشكيل تحالف هدفه الوحيد، العداء لرجب طيب أردوغان”.
يذكر أن 15 نائباً من حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، انضموا مؤخراً إلى حزب “إيي” (الصالح) الناشئ الذي أسسه منشقون عن الحركة القومية، بغية تمكينه من تشكيل كتلة نيابية لخوض الانتخابات، وسط مخاوف من أن “حزب إيي” الذي يملك الآن خمسة نواب في البرلمان لن يتمكن من المشاركة في الانتخابات التي قام أردوغان بتقديم موعدها.
وفي خطوة غير مألوفة أثارت غضب أردوغان وتخوّفه، أقدمت المُعارضة على التحدّي، حيث قام 15 نائباً ينتمون إلى حزب الشعب الجمهوري بالانضمام إلى “حزب الصالح” لتأمين العدد الكافي من النواب للحزب كي يتمكن من المشاركة.
وبموجب القانون التركي فإن الحزب الجديد مع 15 نائباً إضافياً تحولوا إليه يمكن أن يشكل مجموعة نيابية تتيح له خوض الانتخابات، وبعد وقت قصير على هذه الخطوة أعلنت الهيئة العليا للانتخابات أن بإمكان “حزب الصالح” المشاركة في الانتخابات بشكل مؤكد، ما أثار غضب أردوغان الذي عدّ ذلك أمراً كارثياً.
وفي إشارة إلى انضمام النواب الـ15 لصفوف “الحزب الصالح”، تساءل أردوغان “هل يمكن أن يكون هناك جانب أخلاقي لهذا الأمر؟”.
ويعلق أردوغان على الانتخابات أهمية كبيرة لأنها ستدشن بدء سريان معظم الإجراءات التي تعزز سلطات رئيس الجمهورية بعد اعتمادها في استفتاء دستوري في نيسان 2017، ونصّت بالخصوص على التخلي عن منصب رئيس الحكومة. وتقول الحكومة: إنّ التغييرات ضرورية لتسهيل آلية اتخاذ القرار، لكن المعارضة تعتبر أنّ هذه التعديلات سوف تؤدّي إلى حكم الرجل الواحد.
وخلال جلسة خاصة للبرلمان واجه نواب حزب العدالة والتنمية رئيس حزب الشعب كمال كيليتشدار أوغلو بصيحات الاستهجان عندما اتهم الحكومة بالقيام بانقلاب في 20 تموز عام 2016 بعد أن فرضت حالة الطوارئ في البلاد.
ويتمثل التحدي الأكبر أمام أردوغان في ميرال أكشنار وزيرة الداخلية السابقة التي تحظى بشعبية وأسست الحزب الصالح القومي العام الماضي، بعد أن انفصلت عن حزب الحركة القومية اليميني المؤيد لأردوغان.