اقتصادصحيفة البعث

استفيدوا من الدروس..!

 

 

كل يوم تتكشّف لنا أهمية الاستفادة من أخطائنا التي تكتنف المشاريع الحكومية الخدمية والإنشائية، والإنتاجية!
لا بل يتكشف لنا أيضاً تسرع بعض مسؤولينا بإطلاق تصريحات –ربما- يخال لهم أنها كفيلة باستمالة الشارع إليهم من خلال تعبئته بمشاعر المناصرة لهم رغم عدم قناعتهم – أغلب الظن – بما يصرحون به..!
ففي الوقت الذي عرّت الأمطار الغزيرة الأخيرة – كالعادة – تقصير وزارة الإدارة المحلية والبيئة ممثلة بأذرعها التنفيذية ووحداتها الإدارية في عدد من المناطق لجهة تأمين الحد الأدنى لتدعيم البنية التحتية، سرعان ما دحضت هذه الأمطار تصريحات وزير النقل لدى مقارنته شوارع دمشق مع نظيرتها السويسرية، وخروجه بنتيجة مفادها أن الأولى أفضل من الثانية..!
مقصدنا من عرض هذه الصورة سريعة الوميض بعيداً عن الخوض في التفاصيل، هو تكريس مبدأ “من يتعلم من كيسه يعي تماماً حيثيات الخطأ والصواب”، وبالتالي فإن درء انزلاقات البنية التحتية ومحاولات مقارناتها مع غيرها الموجودة في أية دولة كانت، يستوجب بالضرورة أولاً عدم الاستسهال بعمليات تأسيس البنية التحتية وغض الطرف عن كثير من تفاصيلها، كفتحات تصريف مياه الأمطار مثلاً، وثانياً الحرص على عدم الإدلاء بتصريحات تستخف بعقول المواطن..!
إننا اليوم بدأنا بولوج عتبة إعمار يروج بأنه استثنائياً لجهة الحداثة ولحظ تصحيح مسارات التنمية قاطبة، ولكن هذه “الاستثنائية” لن تكون كذلك إذا لم تقترن بجدية حكومية تجاه العمل على التفاصيل مهما صغرت، فجمال أية لوحة أساسها إتقان التفاصيل نظراً لما تشكله من جوهر حقيقي للشكل الذي – ربما – لا يتعدى كونه إطاراً عاماً يجمع هذه التفاصيل برمتها..!
غالباً ما نجد أنفسنا مضطرين – ونحن نتحدث عن الإعمار والتنمية – التعريج على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهذا النوع من المشروعات الذي هو بالأساس تفصيل يستحق العناية المركزة، يضع الحكومة وسياستها التنموية على محك الجدية المطلوبة لترجمة نواياها تجاه هذا الملف إلى واقع ملموس، ونعتقد أن أول ما يجب العمل عليه في هذا السياق هو تظهير الورش القابعة في الأقبية بعيداً عن أعين الجهات المعنية، ومن ثم ضخ التمويلات الصغيرة في شرايين الاقتصاد الوطني لإنعاش المشروعات المتناهية الصغر بالذات..!
وعلى سيرة الاستفادة من الدروس أيضاً.. نُذكٍّر بوحدة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة السورية التي كانت ممولة من بنك الاستثمار الأوروبي قبل الأزمة، إذ كان أبرز مخرجات هذه الوحدة هو الخبرات الوطنية المؤهلة بشكل جيد، بعد عمل استمر لنحو عشر سنوات مع بنك الاستثمار الأوربي، فقد كان من المفترض الاستفادة منها لو أن الحكومة أقدمت على إحداث صندوق لدعم هذه المشاريع..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com