صحيفة البعثمحليات

عصفور باليد!

 

 

تتشاطر اليوم النقابات العمالية والحكومة خلال لقائها في الدورة العاشرة  لمجلس الاتحاد العام لنقابات العمال المسؤولية عن الكثير من الملفات التي لم تغلق بعد رغم انقضاء فترة زمنية طويلة على انطلاق الحوار بشأنها، كتثبيت العمالة المؤقتة بكل تصنيفاتها، وتعديلات القانون 50 والقانون 17 وغيرها من القضايا المتصلة بتحسين  المستوى المعيشي،  وفي مقدمتها زيادة الرواتب بشكل مباشر أو بطرق أخرى، وضبط الأسعار ولجم الغلاء.
وكالعادة ستكون على طاولة اللقاء الكثير من المواقف والآراء التي ستتعارك على ساحة تقييم الأداء النقابي العمالي من جهة، والحكومي الوزاري من جهة أخرى، وقد يتخذ بعضها منحى الأحكام القطعية بمضامينها الإلغائية لحقيقة الحضور والفاعلية لكل طرف وخاصة النقابية لكونها الخاصرة الأضعف في سلم المسؤوليات التنفيذية، وليس المقصود هنا استثمار الأوراق الرابحة لرفع رصيد القيادة النقابية الحالية التي تتولى مهامها ومسؤولياتها القيادية بحسب المعطيات والشواهد بأمانة وإخلاص، بل نحاول محاكاة الواقع الذي تمخض عن اللقاءات السابقة حيث كان هناك العديد من المذكرات والمراسلات النقابية التي طرقت أبواب مجلس الوزراء أكثر من مرة  لتجدد الحوار مابين المؤسستين ( النقابية والتنفيذية ) ولتفرض عليهما مسؤوليات كبيرة وعملاً جاداً لتغيير لغة التخاطب ورفع سقف الحوار تحت مظلة التفاؤل والتعاون لمعالجة كافة المشكلات العالقة في ميادين العمل بما يخدم الواقع ويؤمن  ممراً آمناً للخروج من الأزمة بالاعتماد على الذات والإمكانات الموجودة.
ما نريد قوله أو بالأصح ما يجب أن يقال الآن هو أن الفكر المؤسساتي الجماعي يجب أن يكون  الوحيد الناشط والفاعل على ساحة العمل الميداني المشترك بين الطرفين، وبشكل يخرج أي لقاء جامع بينهما من دائرة الحوار الاستعراضي إلى ميادين الواقعية والاحتكام لمتطلبات المرحلة وهواجس ورغبات المواطن بكل تسمياتها وتصنيفاتها، فإيجابية المواجهة مابين الاتحاد العام والجهات المعنية المتمثلة بالوزارات المختلفة ستنعكس بسرعة نتائجها على أرض الواقع، ومدى قدرتها على إخراج الأولويات ومطالب الناس (العمال) الملحة من متاهة التجيير من عام إلى آخر إلى ساحة العمل والتنفيذ.
وليس من باب الدفاع عن أحد أو تبرير الأخطاء والتقصير والادعاء بالكمال في الأعمال، بل من باب التوثيق والإيضاح  يمكننا القول: إن  الاختباء وراء مثالية الصمت في العمل والتي يسميها البعض استراتيجية النفس الطويل لم تعد مجدية خاصة للجهات التي تبحث عن رضى المواطن الذي مل النفخ في القرب المقطوعة كما يقولون، وبات أكثر قناعة بأن اقتحام حياته بضخ المزيد من الوعود لم يعد يجدي، فهو يؤمن الآن باستراتيجية (عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة).
بشير فرزان