تحقيقاتصحيفة البعث

استثنائية الدور.. وعزيمة الإعمار

 

مثل النواة أو البداية لمعظم الأشياء، يكون ذلك العامل البسيط تلك الحلقة الأولية التي تحرك الإنتاج في المعامل والمصانع، فالبداية تكون بوجوده ونشاطه، وتنتهي بجهوده ونشاطه أيضاً، وتتجلى حين يقدم جل ما لديه من جهد وتعب، لتدور عجلة الإنتاج، وتبث الحياة في شريان الجسد الاقتصادي، ومن المؤكد أن حقيقة كتلك تقتضي التقدير والتكريم والمكافأة لتلك القوى التي نهضت على أكتافها مشاريع حيوية واستراتيجية عديدة في سورية، ولعل لفكرة التكريم التي بدأت في استراليا يوم 21 نيسان عام 1856، لتنتقل منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي احتفلت بعيد العمال في الخامس من أيلول عام 1882 في مدينة نيويورك، ثم انتشرت لتصبح حدثاً عالمياً تكريماً للعمال في الأول من شهر أيار، ما يميزها في سورية، وعند العامل السوري تحديداً الذي كانت له جهود جليلة في بناء المنشآت الاقتصادية، ودوران العجلات في معاملها منذ أيام ثورة الثامن من آذار، ثم الحركة التصحيحية المجيدة التي نظرت للعمال كقوة حقيقية، وكجوهر أساسي للبناء الوطني والاقتصادي، خاصة حين انتقلت ملكية وسائل الإنتاج إلى أيديهم، ومثّلوا قيادة الإنتاج، وحققوا قيمه المضافة.

ظروف استثنائية
ولعل الظروف الاستثنائية التي مرت بها سورية في السنوات السبع الماضية، والعدوان الذي يشن عليها من دول الغرب، ومن الدول التي دعمت الإرهاب، وساهمت عبر أدواتها في تدمير البنى التحتية الأساسية التي تمتلكها الدولة السورية من معامل، ومصانع، ومؤسسات إنتاجية، تتطلب من الجميع، وخاصة العمال، سلوكاً استثنائياً، وعملاً يتناسب مع خطورة هذه الظروف، وهو ما بدا في جهود الكثير من العمال الذين كانوا بحق رديفاً لرجال الجيش العربي السوري، ومن منا ينسى التضحيات التي قدمها عمال الكهرباء، والشهداء الذين قدموهم في الساحات المختلفة وهم ينجزون أعمالهم، فعملوا على إصلاح الأعطال، وصيانة شبكات ومحولات الكهرباء التي استهدفها الإرهابيون في معظم الجغرافيا السورية، وعملوا عملاً مستمراً لا يعرف الملل، ولا التوقف، وكان مردودهم في حده الأقصى، ومثلهم عمال في منشآت حيوية عديدة كعمال الأفران والمخابز الذين استمروا بالعمل تحت أسوأ الظروف في سبيل تأمين وتعزيز صمود الشعب السوري، فالمؤكد أن ظروف الحرب تقتضي من كل العمال متابعة العمل، واستمرار الإنتاج حتى تحقيق الانتصار في المعركة، وتقتضي في المقابل التكريم الذي تستحقه تلك الطبقة بجدارة لتعزيز صمودها وعملها وعطائها.

دافع المحبة
في الأول من أيار الذي أصبح رمزاً لوحدة العمال ونضالهم، تتجدد الجهود، ويزداد الأمل لتحقيق التطلعات المشروعة في التقدم والتطور والدفاع عن الحقوق النقابية العمالية، والمكتسبات التي تحققت عبر سنين طويلة من الكفاح والعمل والنضال، ومنحت من خلالها المنظمات الشعبية دوراً فاعلاً، فكان للطبقة العاملة وتنظيمها النقابي الاتحاد العام لنقابات العمال دور هام وبارز في عملية البناء والتنمية التي تتطلع سورية لإعادتها بفضل الانتصارات المتتالية والمستمرة للجيش العربي السوري والدول المتحالفة معه، فيبدأ مجدداً النشاط الإنتاجي للعمال السوريين الذين يعملون دائماً بدافع الحب والإيمان بالوطن، وهو ما عبّر عنه السيد الرئيس بشار الأسد في الكثير من كلماته، وخاصة حين قال: “في نفسي إحساس عميق بالدور الأساسي الذي ينهض به العمال في نضال شعبنا وأمتنا، وهذا الدور هو امتداد لدور العمال النضالي الذي مارسوه في مختلف مراحل تاريخنا الحديث، وثابروا على أدائه بدافع حب الوطن، والإيمان بالقيم الوطنية والقومية.
محمد محمود