صحيفة البعثمحليات

“الحل معطل”

كانت لافتة جدية النقاشات والطروحات التي دارت حول المدينة القديمة وأسواقها العتيقة، وأهمية الحفاظ على هويتها وصبغتها التاريخية، والتأكيد على إزالة آثار الخراب والدمار الذي خلفه الإرهاب، عبر آليات تنفيذية محكمة ودقيقة تعيد للأسواق ألقها وحضورها التجاري الفاعل.

ولا تخفي اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع مشاريع إعادة الإعمار في حلب قلقها من حالة الجدل القائمة حول مجمل القضايا الشائكة والمتشابكة، خاصة بما يتعلق بالأضابير الخاصة بالمحال والأسواق التجارية المدمرة جزئياً وكلياً، وكيفية التعاطي مع هذه الحالة بصفة مستعجلة واستثنائية، كمدخل برأي أصحاب الرأي والقرار المجتمعين على طاولة المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حلب لحلحلة كافة المشكلات ذات الصِّلة، وبما يضمن ويحفظ حقوق المالكين والمستأجرين، وبالتالي البدء على الفور بوضع الخطط والمشاريع المقررة موضع التنفيذ.

ولعل التباين بالرأي والطروحات وعدم الاتفاق على صيغة نهائية لمعالجة هذا الواقع المعقد زاد من حالة القلق لدى كافة الشركاء والجهات المختصة والمعنية، وفِي ضوء ذلك لا نتوقع أن نشهد خلال الفترة القريبة أي تحرك أو تدخل، وبالتالي سيبقى الواقع على ما هو عليه، وقد يزداد تعقيداً وسوءاً مع غياب وانعدام الحلول العملية والتنفيذية.

ومع أهمية وضرورة تحديث التشريعات واستصدار قوانين خاصة واعتبار هذه المناطق منكوبة، يبدو توصيف وزير السياحة للحالة الراهنة وما قدمه من مقترحات وحلول منطقياً وواقعياً، ويمكن البناء عليه حالياً ومستقبلاً، فبالنظر إلى خصوصية المكان الأثرية والتاريخية وأهمية تعزيز موقعه على لائحة التراث العالمي، نجد الحاجة أكثر من ماسة لتشكيل هيئة عليا تضم خبرات فنية عالية المستوى للتعاطي بحرفية وتقنية مع عمليات الترميم والتأهيل لضمان عدم حدوث أي تغيير في ملامح المدينة وأسواقها التاريخية، والبحث عن مصادر تمويل عن طريق بعض المصارف، والتعاون مع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المهتمة بالتراث لإعادة الألق لهذه المدينة وأسواقها العريقة بالتشارك مع الجهات الحكومية والأهلية.

مما سبق وفِي ضوء المعطيات والمؤشرات ومخرجات الاجتماع الوزاري الذي عقد قبل يومين، يتضح  أن هذا الملف وعلى الرغم من أهميته وحيويته لم يحسم، وسيبقى مؤجلاً ومعطلاً، وبالتأكيد هذا التأخير سيؤثر سلباً على واقع المدينة الاقتصادي والتنموي، والمطلوب توحيد الرؤى والأفكار وعدم تجزئة المشكلة، واستمرار العمل بصورة فوضوية والذي قد يؤثر بشكل أو بآخر على خصوصية المكان والزمان ويوسع من حالة التعديات والتشوهات والتي قد تكون سبباً بإسقاط المدينة القديمة من لائحة التراث العالمي.

معن الغادري