اقتصادصحيفة البعث

اجتماع وحيد للجنة دراسة إمكانية تطبيقه.. طرح التأمين الزراعي مرهون بالإحصاء الدقيق ورصد التوظيف التكنولوجي بالإنتاج

 

ثمة عوائق تقف أمام تطبيق التأمين الزراعي يتصدرها غياب المسوحات الرسمية والدقيقة لحجم المحاصيل الزراعية، وماهية الأخطار المحتملة التي قد تتعرض لها، إضافة إلى غياب خارطة توزع الثروة الحيوانية وإحصاء أعدادها، وذلك وفقاً لما بينه مدير عام هيئة الإشراف على التأمين سامر العش، مؤكداً أن هذا النوع من التأمين يحتاج إلى وقت طويل لإعداد الدراسات اللازمة له، وإيجاد استراتيجية مستقبلية تضمن تطبيقه بالشكل الأمثل، بالإضافة إلى ضرورة توفر عدة عوامل أساسية لوضع المعادلة الصحيحة التي يطبق وفقها التأمين الزراعي، واعتماد أقساط عادلة تضمن انتشاره واستفادة القطاع الزراعي منه، أهمها مسح دقيق لكافة أنواع المنتجات النباتية والحيوانية، وطبيعة الأخطار المحتملة والآفات التي تصيبها، إضافة إلى تحديد طبيعة كل منطقة وحجم المساحات المزروعة فيها، وبيان ملكية هذه المشاريع فيما إذا كانت استثماراً شخصياً أو شركات، كما يتطلب التأمين الزراعي رصد مدى استخدام التكنولوجيا في عملية الإنتاج الزراعي، وهي أحد أهداف التأمين الزراعي، إذ تعتمد وسائل التكنولوجيا الحديثة المتوفرة في القطاع الزراعي كضمانة لشركات التأمين التي ستطرح هذا المنتج.

معادلة
وفي معادلة التسعير لاحتساب أقساط التأمين الزراعي بين العش أن الهيئة والجهات المعنية تدرس إمكانية طرح أقساط مدروسة ومدعومة لضمان إقبال الفلاحين عليه لتحقيق الفائدة المرجوة منه، كما تدرس إمكانية إحداث صندوق برعاية هيئة الإشراف على التأمين تديره شركات التأمين ضمن صناديق وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، أما فيما يتعلق بالتأمين الحيواني لفت العش إلى أن هذا القطاع يواجه نفس المعوقات التي تواجه القطاع الزراعي النباتي، كالأعداد الصحيحة لقطيع الحيوانات وأنواعها وجغرافية توزعها، مؤكداً أته سيتم تطبيق التأمين على شكل شرائح، وسيتم اعتماد القسط الأساسي على أساس معادلة حسابية تتضمن سعر البقرة وعدد الرؤوس التي يملكها المربي إلى نسبة عدد الرؤوس الموجودة في كل القطر، مع نسبة حجم المخاطر المحتملة، وبالتالي تتم عملية التثقيل لتؤدي بالمحصلة إلى تحديد القسط النهائي.
دراسة اكتوارية
وفي استطلاع لمدى إمكانية طرح منتج التأمين الزراعي من قبل شركات التأمين، بينت أغلبية الشركات أن التأمين الزراعي لا يمكن تطبيقه، لكونه منتجاً جديداً ويحتاج إلى دراسة اكتوارية تعتمد على معطيات دقيقة من بيانات وإحصائيات تسهم في إعطاء المعادلة الصحيحة التي سيبنى عليها تفاصيل هذا النوع من التأمينات بما فيها مدى التغطية وقيمة الأقساط، منوهين إلى عدم وجود مختصين اكتورايين في سورية لتقديم مثل هذه الدراسات، إذ يتم حتى الآن الاعتماد على خبراء من لبنان أو الأردن لتقديم دراسات أو احتساب أقساط لمنتجات التأمين، كما أكدت إحدى الشركات رفضها لطرح هذا المنتج في حال تم اعتماده بناءً على تجربة من قبل إحدى الشركات، بسبب ارتفاع نسبة المخاطر.
عبء إضافي
لاشك أن التأمين الزراعي يصب في مصلحة الفلاح من حيث المبدأ، ولكن يبدو أن الاتحاد العام للفلاحين لم يخفِ مخاوفه من تطبيق التأمين الزراعي في الوقت الراهن، إذ يعتبره عبئاً يثقل كاهل الفلاحين والمربين بأقساط ورسوم تضاف إلى قائمة خسائر الفلاحين المتمثلة بارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من جهة، وفشل الجهات المعنية بدعمهم في تسويق محصولهم بالشكل الأمثل من جهة أخرى، وفي هذا السياق لفت عضو لجنة التأمين الزراعي في الاتحاد العام للفلاحين أحمد الفرج إلى إمكانية تطبيق مثل هذه التأمينات في حالة الاستقرار والرخاء التي تمكن الفلاح أو المربي من التفكير بشكل استراتيجي، وتوفر لديه الإمكانية المادية لدفع أقساط سنوية بغية حماية محصوله، مؤكداً أن البداية في النهوض في القطاع الزراعي يجب أن تتمثل بإيجاد آليات دعم حقيقية تؤمن مستلزمات الإنتاج بأنسب الأسعار، وإحداث صناديق فاعلة تساهم في تقليص نسبة الخسائر لدى الفلاحين عن طريق رفع قيمة التعويضات المادية أو التدخل الإيجابي في تسويق المحاصيل الزراعية بشكل مباشر يضمن هامش ربح للفلاحين، ويقلص حلقات الوساطة التي تجني معظم الأرباح.
ولضمان نجاح تطبيق التأمين الزراعي رأى الفرج أن يتم التأمين على محصول رئيسي كتجربة مبدئية، ومن ثم يعمم – في حال نجاحه – على باقي المنتجات النباتية والحيوانية، بالإضافة إلى جعله خياراً غير ملزم لجميع الفلاحين، وخاصة أن بعض العروض التي تم عرضها من قبل إحدى شركات التأمين تضمنت هامش ربح كبير، إذ تم عرض دراسة للتأمين على الأبقار بفائدة تصل نسبتها إلى 7%، وفي المقابل هناك صندوق لتأمين الأبقار في وزارة الزراعة بفائدة 2%، وتبلغ قيمة التعويض ضمن هذا الصندوق إلى ما نسبته 75% من قيمة البقرة الحقيقية، وهو ما يفرض بحسب الفرج ضرورة دراسة التأمين بشكل علمي لاعتماد أقساط عادلة للفلاحين والمربين لضمان إقبالهم على هذا المنتج.

مقترحات
وبين الفرج أنه تم تشكيل لجنة من عدة جهات لدراسة إمكانية تطبيق التأمين الزراعي تضم ممثلين عن وزارتي المالية والزراعة والإصلاح الزراعي، إضافة إلى الاتحاد العام للفلاحين، وهيئة الإشراف على التأمين، وهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، ومركز السياسات الزراعية، والغرف الزراعية، والمصرف الزراعي، لكنها لم تعقد حتى الآن سوى اجتماع واحد، تم خلاله اعتماد مقترح وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بتطبيق التأمين على محصولي البطاطا والبندورة كمنتج نباتي، والتأمين على الأبقار كمنتج حيواني، وقد طالب ممثلو اللجنة مركز السياسات الزراعية أن يقدم قاعدة بيانات لمخطط محصول البطاطا والثروة الحيوانية، إضافة إلى عدد الأسر العاملة في هذا المجال، واحتساب التكلفة الحقيقية ومدى الاستفادة المادية من هذه المشاريع، إضافة إلى رصد حجم الأضرار المحتملة، وذلك للانطلاق بقاعدة علمية متوافقة مع الإمكانات المادية المتاحة، كما طالب المعنيون بأن يتم إتباع هيئة التأمين الزراعي لهيئة الإشراف على التأمين، وليست للقطاع الخاص، كما شدد على ضرورة اعتماد لجان فنية من المنظمة الفلاحية للكشف عن الأضرار وتقدير حجمها، بدلاً من كوادر شركات التأمين غير المؤهلة في هذا المجال.
فاتن شنان