الصفحة الاولىصحيفة البعث

انسحاب ترامب من “النووي” يزيد من عزلة أمريكا روسيا والصين: سنحمي الاتفاق.. الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بالكامل.. إيران: لم يفاجئنا

 

 

يتماهى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني مع قراراته المتهورة التي دفعت الولايات المتحدة إلى الانسحاب من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونيسكو” مروراً باتفاقية باريس للمناخ في خطوات تثبت إصرار ترامب على مخالفة إرادة المجتمع الدولي دون النظر إلى النتائج الكارثية المترتبة على تلك القرارات.
قرار ترامب قوبل بردود فعل منددة من قادة العالم ما يدلّ على أن سياسات ترامب المستهترة تزيد من عزلة أمريكا عن العالم، وتؤكد أن واشنطن لا تلتزم بالمعاهدات والمواثيق الدولية.
وفيما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران مستمرة في الوفاء بالتزاماتها النووية، أعربت الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي عن أسفهم لقرار ترامب، وشددوا على التزامهم بالاتفاق، في حين أكدت إيران أن السلوك القبيح للرئيس الأمريكي لم يكن مفاجئاً، فقد مارسه الرؤساء السابقون بطرق مختلفة في كل مرحلة، وشددت على ضرورة الحصول على ضمانات عملية في الاتفاق النووي مع الدول الأوروبية، وإلا فإنها ستفعل ما فعلته أمريكا.
وفي التفاصيل، أعربت الصين عن أسفها لقرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وقال قنغ شوانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في إفادة صحفية: إن بكين ستحمي الاتفاق، وتدعو كل الأطراف المعنية إلى التحلي بالمسؤولية تجاهه، وأضاف: إن خطة العمل المشتركة هي اتفاقية متعددة الأطراف، تم التوصل إليها من قبل إيران ومجموعة خمسة زائد واحد من خلال المفاوضات، وأيدها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وفي ظل الظروف الحالية فإن ضمان سلامة خطة العمل المشتركة يؤدي إلى دعم النظام الدولي لعدم انتشار الأسلحة النووية وتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأشار قنغ إلى أنه ينبغي على جميع الأطراف المعنية تعزيز الحوار والتنسيق والتعامل بشكل صحيح مع الاختلافات ومواصلة الوفاء بالتزاماتها بطريقة مخلصة، مؤكداً أن الصين ستظل على اتصال وثيق مع جميع الأطراف المعنية، وستبقى ملتزمة بدعم وتنفيذ خطة العمل المشتركة في موقف موضوعي ومحايد ومسؤول.
بدوره أكد الاتحاد الأوروبي التزامه بالاتفاق رغم قرار الولايات المتحدة الانسحاب منه، وقال الاتحاد في بيان صادر عن حكومات الدول الأعضاء فيه: إنه طالما واصلت إيران تنفيذ التزاماتها النووية، فإن الاتحاد الأوروبي سيظل ملتزماً بالتنفيذ الكامل والفعال للاتفاق النووي. وشدد البيان على أن رفع العقوبات المتعلقة بالشؤون النووية جزء ضروري من الاتفاق، ويؤكد الاتحاد الأوروبي التزامه بضمان استمرار هذا الرفع.
إلى ذلك أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستبقى ملتزمة بالاتفاق النووي مع إيران.
وفي طهران أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ارتكب خطأ كبيراً بقراره الانسحاب من الاتفاق.
وقال: إن كلام ترامب حول الاتفاق النووي سخيف، وتضمن أكثر من عشر أكاذيب، وينطوي على تهديد للشعب الإيراني ونظامه، وأشار إلى أنه رغم موافقة إيران على الاتفاق إلا أن العداء لها لم يتوقف، وستبقى صامدة ومقتدرة، مبيناً أن تهديدات ترامب لن تخيف الشعب الإيراني الذي سيصمد بصلابة.
وقال الخامنئي: إن عداء أمريكا لإيران يعود إلى أنها كانت تهيمن على البلاد بينما الثورة منعتها من ذلك، مضيفا: إنه حتى لو وافقنا على ما يطرحونه بشأن وجودنا في المنطقة والصواريخ، فإنهم سيطرحون قضايا أخرى، ولفت الخامنئي إلى أن السلوك القبيح للرئيس الأمريكي لم يفاجئنا، فقد مارسه الرؤساء السابقون بطرق مختلفة في كل مرحلة، وقال: إن الأمريكيين يريدون حكاماً على رأس دول المنطقة ينفذون الأوامر، ويقدمون الأموال، ويتصور ترامب أنه قادر على مخاطبة الشعب الإيراني بالأسلوب نفسه.
وأضاف الخامنئي مخاطباً ترامب: عليك أن تعلم بأن الشعب الإيراني شعب مستقل وأبي، وعليك أن تعلم أيضاً أن المليارات التي صرفت للهيمنة والسيطرة على العراق وسورية لم تفعل شيئاً، ولن تتمكنوا من ذلك.. فاذهبوا إلى الجحيم.
وشدد الخامنئي على ضرورة الحصول على ضمانات عملية في الاتفاق النووي مع الدول الأوروبية، وإلا فإنها ستفعل ما فعلته أمريكا، وقال: إذا لم نحصل على ضمانات نهائية، فلا يمكن الاستمرار بالاتفاق النووي.
من جهته أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علي لاريجاني أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يفهم سوى لغة القوة، موضحاً أن قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي يعكس عدم أهليته العقلية لحل المشكلات الدولية، وقال: إن عدم الثقة بتعهدات أمريكا وصلت إلى ذروتها عقب انسحابها من الاتفاق النووي، وفي المقابل أثبت الشعب الإيراني أنه يتبع الحوار وتسوية القضايا عبر الطرق السياسية، مشيراً إلى أن إيران أعطت الاتحاد الأوروبي مهلة أسابيع لإثبات مكانتها في حل القضايا الدولية.
وأضاف لاريجاني: إذا قامت أوروبا ودول مهمة كروسيا والصين بملء هذا الفراغ الدولي، فمن الممكن مواصلة هذا الطريق، وإلا فمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية في حالة جاهزية كاملة لاستئناف الأنشطة النووية، وهي لن تكون ملزمة بالالتزامات السابقة في الاتفاق النووي.
من جانبه أعلن رئيس اللجنة النووية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني مجتبى ذو النور عن صياغة وإعداد مشروع بصفة عاجلة جداً يلزم الحكومة بتنفيذ قانون الإجراء المناسب والمتبادل بعد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وأوضح أن مشروع القرار الذي وقع عليه نواب المجلس يتضمن ثلاثة أجزاء، ويلزم الحكومة بأن تأخذ الضمانات اللازمة من الأوروبيين ومجموعة خمسة زائد واحد ما عدا أمريكا، موضحاً أن هذه الضمانات يجب أن تكون كاملة وشاملة ومتقنة.
بدوره أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة عبر حسابه في تويتر: أنه سيقوم بناء على إيعاز من الرئيس حسن روحاني بجهود دبلوماسية لدراسة ما إذا كان بقاء طهران في خطة العمل المشترك الشاملة سيضمن المنافع الكاملة لبلاده، لافتاً إلى أن نتيجة هذه الجهود ستحدد الرد الإيراني.
من ناحيته لفت رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري إلى أن الاتفاق النووي لم يكن بالاتفاق المرغوب في إيران، وقبلنا به فقط لإلغاء الذرائع الغربية، ورغم ذلك لم تلتزم أمريكا بتوقيعها، وقال: إن القوات المسلحة والشعب الإيراني تمكنا من الخروج من حرب شاملة مرفوعي الرأس، واليوم هذا الشعب يمتلك نفس القدرة لدعم الحكومة، داعياً إلى تعزيز قدرات إيران الدفاعية لمواجهة المعتدين.
في الأثناء أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني رغبة فرنسا في الحفاظ على الاتفاق النووي، وقال بيان للرئاسة الفرنسية: إن ماكرون أكد لروحاني رغبة فرنسا في الحفاظ على الاتفاق النووي بكل جوانبه، ودعا إيران إلى القيام بالمثل.
وأضاف البيان: إن ماكرون أعرب خلال الاتصال عن رغبة بلاده في بدء محادثات على نطاق واسع مع كل الأطراف المعنية انطلاقاً من اتفاق 2015 للتوصل إلى إطار يكون لمصلحة الجميع حول ما بعد الاتفاق النووي وأنشطة إيران البالستية ودورها في المنطقة، وأشار إلى أن الرئيسين اتفقا على مواصلة التعاون مع جميع الدول المعنية حفاظاً على الاتفاق النووي وحماية للاستقرار الإقليمي، لافتاً إلى أن وزيري خارجية البلدين سيعقدان قريباً اجتماعاً بهدف مناقشة مواصلة تطبيق الاتفاق النووي.
كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس عن قلقه الشديد حيال قرار ترامب وإعادة العمل بالعقوبات ضد طهران، داعياً الدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق إلى الوفاء بالتزاماتها تماماً بموجب هذا الاتفاق.
في الأثناء جددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التأكيد على أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ستبقى ملتزمة بالاتفاق النووي الإيراني رغم قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب منه، وقالت: إنه ينبغي عدم التشكيك في الاتفاق النووي مع إيران، معربة عن أسفها وقلقها حيال قرار ترامب في هذا الصدد، ومشيرة في الوقت ذاته إلى أن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي حتى الآن.
بدوره دعا وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى عدم إعاقة الآخرين عن تطبيق الاتفاق النووي مع إيران، معتبراً أن هذا الاتفاق حيوي لأمن بريطانيا.
وقال جونسون أمام البرلمان البريطاني: أحث الولايات المتحدة على تجنب أي عمل يمكن أن يمنع الأطراف الأخرى عن مواصلة المضي في تطبيق الاتفاق بما فيه مصلحة أمننا الجماعي.
إلى ذلك أصدر مكتب رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بياناً بعد اتصال هاتفي أجرته مع ماكرون وميركل جاء فيه: نحث الولايات المتحدة على عدم المساس بهيكل الاتفاق النووي، وتجنب اتخاذ إجراءات تعرقل تنفيذه بالكامل من قبل الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق.
بدورها دعت وزارة الخارجية الهندية إلى بذل الجهود الدبلوماسية لحل الخلاف حول الاتفاق النووي الإيراني، وقالت: يجب أن تتواصل كل الأطراف على نحو بنّاء لمعالجة وحل القضايا التي أثيرت فيما يتعلق بخطة العمل المشتركة الشاملة حول الاتفاق النووي الإيراني.