اقتصادصحيفة البعث

الشركة العربية للإسمنت بنية تحتية “صفر” وعروض النهوض بها حبيسة الأدراج..!

يبدو أن ذريعة الحرب التي تمسكت بها الكثير من الشركات طوال سنوات الأزمة لتبرر ركود أو توقف عملها لم تكن مقنعة لنتلمس العذر الكافي لإخفاقها وعدم رغبتها بنفض غبار الحرب عنها بعد تحرير المناطق الموجودة بها منذ سنوات، والشركة العربية للإسمنت في حلب واحدة من هذه الشركات المتوقفة عن العمل منذ 2012، والتي تدور حول سباتها إلى اليوم عشرات إشارات الاستفهام، فبعد مرور أكثر من عام ونصف على تحرير المحافظة إلّا أن هذه الشركة مازالت “مكانك راوح”، ولم تخطو حتى اليوم خطوة جدّية في طريق الإقلاع من جديد تتناسب مع المدة الزمنية التي مضت على تحريرها ومع العروض المقدّمة للنهوض بها..! في حين يرى أصحاب القرار أن الخطوات كبيرة والجهود ضخمة، لكن الإمكانات المادية ضئيلة، وبالتالي ما تم إنجازه في هذه الشركة حتى اليوم يتناسب طرداً مع الإمكانيات المتاحة..!

تساؤلات

لم يخفِ الاتحاد المهني لعمال البناء والأخشاب في أعمال مجلسه العام الذي عقد منذ أسبوع قلقه إزاء موضوع ركود هذه الشركة ليطلق جملة من التساؤلات حول إهمال ملف هذه الشركة وعدم دراستها حتى الآن للعرضين المقدمين من قبل القطاع الخاص لإقلاع هذه الشركة التي تحتاج كحد أدنى إلى 14 مليار ليرة سورية للإقلاع الجزئي”مطاحن إسمنت وأقسام مساعدة”. ليأتي رد وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس حسين عرنوس معتبراً أن إعادة عجلة دوران عمل هذه الشركة من جلّ اهتمام الوزارة، وأنه تم مراسلة النقابة بحلب بهذا الخصوص للوقوف على الفرق بين العقدين المقدمين للوزارة من قبل القطاع الخاص، حيث بلغت القيمة الإجمالية للعقد الأول 20.041.829 يورو متضمنة الضرائب، في حين بلغت القيمة الإجمالية للعقد الثاني 28.500.000 يورو، بالتالي سيتم دراسة أسباب الفرق بين قيمة العقدين، وبعد الانتهاء من دراسة العروض سيتم تأهيل الشركة.

بنية تحتية صفر

صناعة الإسمنت كبيرة وضخمة وتعمل بها شركات متخصصة ومؤهلة بشكل كبير، وبالتالي لا تستطيع أية شركة العمل بهذه الصناعة، من هنا وجد طلال إبراهيم مدير عام مؤسسة الإسمنت أن وضع الشركة العربية للإسمنت مقبول ضمن الظروف الراهنة؛ ذلك لأن البنية الكهربائية التحتية للشركة “صفر”، ما يستوجب بالنتيجة البدء بهذه البنية أولاً للنهوض بالشركة كلها، ومع ذلك فقد انتهت المؤسسة من المرحلة الإسعافية للشركة والمتضمنة تمكين العمالة وتمديد خطوط كهرباء صغيرة، وتأمين مياه الشركة وتهيئة المكاتب، كما تم إعادة بناء 3 مستودعات وترتيب قطع تبديل أُخرجت من تحت الأنقاض، وكل ذلك باعتمادات مالية من قبل وزارة الإدارة المحلية، أما المرحلة الثانية فهي تشغيل جزئي لمطحنتي إسمنت، وهذا يحتاج لـ 46 كم من أكبال الكهرباء، ولمحولات رئيسية وفرعية للكهرباء.

خطط مدرجة

مدير مؤسسة الإسمنت أكد أن المؤسسة تضع كل ثقلها للنهوض بهذه الشركة وغيرها من الشركات المتوقفة، ولم ينفِ لنا أن شركة إسمنت الشهباء مدمرة بالكامل وخالية من جميع تجهيزاتها نتيجة سرقتها من المجموعات الإرهابية المسلحة، وبالتالي لا يمكن النهوض بها ولا الاستفادة منها، ليبقى الحل الوحيد لها إقامة معمل جديد بطاقة 3 ملايين طن بالسنة، وهو ما تسعى إليه المؤسسة. أما شركة إسمنت الرستن فهي قائمة وتحتاج لأقل من شهرين لإعادة صيانتها وتشغيلها.

وعن توقف شركة البورسلان في حماة أكد إبراهيم أن الشركة كانت تنتج البورسلان بأبعاد صغيرة 15/15، ولأن خطي التكنولوجيا لصناعة البورسلان قديمان ولم يعد إنتاجهما مرغوباً من قبل المواطنين توقفت الشركة عن الإنتاج قبل الأزمة، وحالياً تم إدراج مشروع تطوير خط لإنتاج البورسلان خلال الخطة الاستثمارية لعام 2018، وتم تقديم إعلانات لجذب مستثمرين، لكن لم تتقدم أية شركة استثمار حتى اليوم.

نسب تنفيذ

ولم ينفِ مدير المؤسسة تراجع إنتاج الإسمنت الذي يأتي معظمه من معامل القطاع العام التي تأثرت بالحرب الإرهابية، ليقتصر الإنتاج اليوم على معامل إسمنت طرطوس وحماة وعدرا والتي تعمل بالطاقة الإنتاجية المتاحة، مشيراً إلى أن تأكل خطوطها الإنتاجية جعلها بحاجة دائمة للصيانة، لافتاً إلى أنه وفي ظل جميع الصعوبات فإن هذه المعامل تغطي جزءاً هاماً من الاحتياجات الراهنة للبلاد من هذه المادة الاستراتيجية، ولا سيما في ظل المرحلة الراهنة من إعادة الإعمار التي تحتاج لكميات كبرى من الإسمنت بأنواعه المختلفة، مبيناً أن كمية إنتاج الإسمنت المخطط لها خلال العام الماضي بلغت 3.568 ملايين طن، بينما بلغت كمية التنفيذ 1.782 مليون طن، أي بنسبة 50%، في حين كانت مبيعات الإسمنت المخطط لها بنفس العام 3.568 ملايين طن، وبلغت كمية التنفيذ 1.751 مليون طن بنسبة 49%، كذلك كانت نسبة إنتاج مادة الكلنكر المخطط لها العام الماضي 3.318 ملايين طن، وكان التنفيذ 2.008 مليون طن  بنسبة 61%.

ضرورة حتمية

إن بناء المنشآت والضواحي السكنية تحتاج لكميات كبرى من الإسمنت بأنواعه المختلفة، والطاقات الإنتاجية القائمة اليوم غير كافية، ولكنها تشكل الركيزة الأساسية وخاصة معامل القطاع العام لتوفير هذه المادة والتوسع في إنتاجها عبر إجراء الصيانات والعمرات اللازمة، وإدخال خطوط إنتاج جديدة للمعامل القائمة، وإنشاء معامل جديدة بتكنولوجيا حديثة بحسب ما أكده خلف حنوش رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال البناء والأخشاب، مضيفاً أن تطوير قطاع الإسمنت ضرورة راهنة، وفي إطار المؤسسة العامة للإسمنت واعتماداً على القطاع العام الإنتاجي إضافة للمنشآت الخاصة الجديدة الإنتاجية في إطار خطة وطنية لإنتاج كميات كافية لاحتياجات إعادة الإعمار، وفيما يتعلق بالاستفادة من العمالة في الشركات المتوقفة تمت الاستعانة ببعض خبرات هؤلاء العاملين، ففي شركة عدرا للإسمنت أعطت هذه الخطوة نتائج إيجابية رفعت إنتاج الخط الواحد في الشركة من 600 إلى 750 طناً من خلال الاستعانة بخبرات شركات إسمنت حلب.

ميس بركات