صحيفة البعثمحليات

أزمة محصول تكشف خلل الروزنامة الزراعية وهشاشة التصدير وبؤس التنظيم الفلاحي الدموع السخية و”رثاء البطاطا” لم تنقذ الموسم من الفاجعة الثانية بعد الحمضيات

 

طرطوس- لؤي تفاحة

يبدو أن قدر وتتالي نكبات المزارع في الساحل السوري لم تنتهِ مع الفشل في تسويق وتصدير مواسم الحمضيات ومتوالية الخسائر المتلاحقة بدءاً من غياب الدعم للتخفيف من غلاء مستلزمات الإنتاج والمبيدات وفتح جبهات التصدير من قبل اتحاد الفلاحين الذي طالما طبّلنا وهللّنا له كثيراً، حتى تبدأ النكبة هذه المرة عند وجع آخر ومماثل وربما أكثر إيلاماً لدى مزارعي البطاطا ومنتجي المادة التي هي عماد مونة كل عائلة، حيث علا الصراخ وباتت سيارات البطاطا كسابقاتها من سيارات الحمضيات تجوب كل شارع في المدينة حتى الريف القريب والبعيد عل وعسى من يخفف من حجم هذه الخسائر؛ إذ يباع الكيلو منها بما لا يتعدى 75 ليرة، وبكل تأكيد وأسف لا يتجاوز سعره من أرضه أكثر من 25 ليرة بحسب كلام بعض المزارعين، في حين تصل تكلفة الكيلو لأكثر من 100 ليرة!
أمام هذا الواقع جاء تصدي المؤسسة السورية للتجارة لمسؤولياتها لتقدم إمكاناتها وتتخلى عن هامش ربحها القليل مقابل إنقاذ ما يمكن إنقاذه لهذا المزارع الذي تخلت عنه جمعياته الفلاحية ومؤسسات أخرى قوية كثيرة، ومنها وزارتا الزراعة والاقتصاد والتجارة وغرفها الغارقة في السبات، وأيضاً تنظيم أخذ على عاتقه مهمات تصديرية لم يوفق بواحدة منها حتى الآن إلى أن يثبت العكس!
وإذا كان فرع طرطوس لـ ” السورية للتجارة” بحسب علي سليمان قام بشراء أكثر من 2000 طن بطاطا حتى تاريخه، وتم شحن أغلب هذه الكميات المسوقة إلى فروعها في المحافظات، وتحديد سعر الكيلو لديها 65 ليرة صافياً، ويصرف للمزارع من دون اقتطاع أي عمولة أو كمسيون أو أجور نقل وغيرها بالمقابل تباع في أسواق الهال من سعر 30-40 ليرة، وتأكيد المؤسسة أن استلام أي كمية لا يتم إلا بناءً على كتاب من الوحدة الإرشادية مرفق مع طلبية المزارع وذلك منعاً لاستلام كميات من غير المزارعين أنفسهم.
ومع ذلك فالصرخة في وادٍ وضجيج المعنيين في وادٍ آخر، وهنا نطرح الكثير من الأسئلة، ومنها أي دور لوزارة الزراعة التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها غير معنية بمزارعها وروزنامتها التي تتشابه كثيراً في تفاصيلها والمعدة مسبقاً وكأنها صالحة لكل زمان ومكان، أو ربما من وضعها منذ عقود وسنوات توقف الزمن عند وفاته أو تنحيته أو إحالته للتقاعد وبقي مكانه شاغراً.! الأمر الذي يتطلب من القائمين تفعيل عمل هذه الروزنامة وجعلها أكثر تطابقاً للواقع الزراعي ومناطقه.
بالمقابل نسأل التنظيم الفلاحي في محافظة طرطوس: هل دوره ينحصر بالتباكي على المزارع ومشاركته أحزانه عبر جولات جبر الخواطر، أم عليه التصدي لمهمة التسويق وتفعيل عمل روابطه وجميعاتها الفلاحية المنتشرة، وليس الاتكاء على رصيده البنكي المجمد حيث يمنع تحريكه مهما تقادم عليه زمن الإيداعات، في حين المزارع يستصرخ وجعاً حيث أسطوانة رئيس اتحاد فلاحي طرطوس مضر أسعد المشروخة بحسب رده”الفج” على سؤالنا بأنه هو الفلاح وأبوه وأمه ولكن من دون أن يقدم لنا أي دور قام به سوى مطالبتنا وتحويلنا لمشاهدته كنجم تلفزيوني مسجلاً عتبه علينا؛ لأننا لم نحمل منديلاً لتجفيف “دموعه السخية” وهو يرثي حال فلاحه..!
وهذا العتب على الغياب موصول لاتحاد المصدرين وغرف التجارة والصناعة والزراعة وتقصيرها “المتعمد والمزمن” بعدم القيام بما يجب سواء لجهة حماسها ورغبتها بفتح “كاريدورات” تصديرية إلى دول شرقية كما فهمنا من خلال تصريحاتها الخلبية! أو لجهة إقامة معامل خاصة برقائق الشيبس بدلاً من المستورد.
وأمام كل هذا هل علينا أن نلوم مزارعنا ونُعيب عليه تركه لأرضه بوراً، أو بيعها لصالح إقامة معامل للبلوك وغيرها، أو تحويلها لمستودعات لتجارة السيارات ومستلزماتها الميكانيكية، أو المطلوب شطب الخارطة الزراعية لمحافظة طرطوس وتحويلها إلى عقارات لا تصلح للزراعة وتقديمها على طبق من ذهب لأصحاب وتجار البناء والمعامل بعدما فشلت كل الروزنامات الزراعية عن فهم مشكلة المزارع واستيعاب وجعه، أو ربما تواطئها حيث تقف جميع هذه الجهات المشار إليها في قفص الاتهام وتتحمل نتائج وتداعيات هذه “الجريمة المستمرة” بحق الفلاح!