صحيفة البعثمحليات

“الأستذة” لا تصنع استثمارات سياحية ومن لا يعمل في الدولة ليس عاطلاً التعثر أصاب أغلب المشاريع في مقتل سوء التخطيط وعيوب التنفيذ والإدارة غير الكفوءة

 

طرطوس- رشا سليمان
لم يشفع لطرطوس سياحتها الامتيازية لتستطيع تقديم نفسها على بوابات المواسم الصيفية بجدارة التوصيف وقيافة التقديم الذي نالته صفعات التقصير من الإدارة طوراً ومن الواقع غير الميمون طوراً آخر، لبيئة لم تستح من هدر الإمكانيات وتضييع الفرص، ففعلت ما شاءت بقطاع يعوّل عليه الكثير، إن كان في استقطاب السياحة الداخلية “المتأزمة”، أو جذب الأجنبية المنكفئة على إيقاع صيت الحرب الضاربة في البقاع السورية، حتى مع تبلور انتعاش ميداني وسياسي يعطي ملامح تعافي البلد وإقباله على مرحلة الهدوء والاستقرار الذي أول ما تقطف السياحة ثماره.
ومع أن ثمّة محاولة من قبل الفريق الصحفي في طرطوس لتقليب الآمال والوقائع على طاولة الحوار الذي لم يجلب تغييراً حقيقياً على الأرض –كما تسجل التواريخ– إلا أن فرص التسويق لبداية الموسم السياحي في المحافظة لم تفلح أمام سيطرة عناوين وحيثيات التعثّر والفشل التي أصابت أغلب المشاريع والخطط في مقتل سوء التخطيط وعيوب التنفيذ ومآخذ التمويل وثغرات الإدارة غير الكفوءة لمعشر الإدارة السياحية التي من المفترض أنها مؤتمنة على محجة السوريين وملاذهم الآمن في رحلات الصيف والشتاء لهذه النافذة البحرية الأهم والأعتق في آن.
لم تأتِ الشهادة هنا ادعاءً من غريب أو ناقد من خارج القطاع بل هي اعتراف لا يقبل الطعن لأن فيه قرينة على “سيد الأدلة”، ففي فرع اتحاد الصحفيين كان الموعد مع أربعة محاور رئيسية حول الواقع السياحي والمشاريع السياحية القائمة والمتعثرة، لتحضر تجربة السورية للنقل والسياحة في الاستثمار السياحي ودورها الإيجابي في الإقلاع ببعض المشروعات السياحية، وأهم المشاريع السياحية في مدينة طرطوس ومشكلاتها وآفاق الحل، وفي الختام التطرق إلى مدخلات ومخرجات السياحة ومتطلبات سوق العمل.
في استعراض يزن الشيخ مدير السياحة في طرطوس إفادة تستحق التوقف لجهة المواصيل الكارثية لمدّعي الوصاية على شغف السياحة السورية ومشاريعها الحيوية، فمن وجهة نظر الشيخ فإن أهم المشاريع المتعثرة في المحافظة ثلاثة (مشروع انترادوس، ضاحية الفاضل، فندق أساس) ليتبيّن السبب الرئيسي في تعثرها عدم وجود مخطط تنظيمي، رغم محاولة وضع جميع هذه المشاريع على الخط الصحيح وتدبيج أسس العمل لها وبرامج زمنية ملزمة للمستثمر تحت طائلة اتخاذ إجراءات شديدة قد تصل إلى فسخ العقد، حتى أن تشكيل لجان لمتابعة العمل في هذه المشاريع، لا يعدو عن كونه مصيدة لوأد المشاريع حتى قبل أن تولد، في وقت تحبو الأخرى ببطء التنفيذ غير المفعّل كما تستأهل “عروس الساحل”، والجواب كما جاء على لسان الأمين على دفة السياحة عدم وجود أيدي عاملة ومدربة خبيرة للعمل في المنشآت السياحية.
وبدا عرض نورس علي مدير الاستثمار في مجلس المدينة متقاطعاً مع شهادة مدير السياحة عندما أقرّ بوجود أربعة مشاريع متعثرة في مدينة طرطوس (مخيم الكرنك وعمريت، فندق أساس، مشروع مدينة الفاضل، مشروع انترادوس). وعزا تعثر هذه المشاريع إلى جملة أسباب لم يكن أصحاب العقود وشركات التنفيذ ببراءة منها رغم جلّ الحلول التي أُقيمت لحل مشكلات هذه الاستثمارات، ولاسيما أنه في حال عدم الالتزام سوف يتم دفع بدلات استثمار اعتباراً من اللحظة التي ينتهي فيها العقد.
في المقلب الآخر راح ياسر دياب مدير الشركة السورية للنقل والسياحة يسترسل حول إنجازات الشركة على صعيد محافظة طرطوس كإنجاز مشروع منتجع “بلو بي” السياحي بسوية ثلاث نجوم وتم خلال عام 2017 استثمار المبنى الإداري، وأصبح هناك غرف فندقية ستوضع في الاستثمار صيف 2018، ومشروع إعادة تأهيل فندق الدريكيش (Rose Maey) بعد توقفه لمدة 25 عاماً عن العمل بسوية ثلاث نجوم، وحالياً المحلات التجارية في الطابق الأرضي للفندق موضوعة في الاستثمار، وتحلق الطموحات نحو استثمار أرض على الشاطئ تابع لمجلس مدينة طرطوس (الكرنك) بعد إلغاء العقد مع الهلال الأحمر، في وقت يتم العمل حالياً على دراسة استثمار الشاطئ وإقامة شواطئ مفتوحة ومنشآت قابلة للإزالة.
وغير بعيد عن المواجع بيّن م.مدلج عمران مدير المعهد الفندقي في طرطوس أن 100 طالب في المعهد الفندقي غير قادرين على التأثير على الواقع السياحي في المحافظة، وأمل بزيادة عدد المقبولين في المعهد الفندقي في طرطوس خاصة وأن المعهد قادر على أن يستوعب 400 طالب. ليلفت د. أديب برهوم عميد كلية السياحة إلى أن ثقافة الأستذة والتنبلة هي الثقافة السائدة في مجتمعنا وليس لدينا ثقافة العمل، ويجب إعادة تربية الشباب من المنزل والسلوك هو الأساس، مبيناً أن الموارد البشرية في سورية من أفضل الموارد، مشيراً إلى أنه في مجتمعنا من لا يعمل في الدولة هو عاطل عن العمل وهذا دليل على أن القطاع الخاص لا يؤتمن، وأكد أن محافظة طرطوس ليست سياحية فقط فهي زراعية بالدرجة الأولى بالإضافة إلى كونها علمية واقتصادية.