الصفحة الاولىصحيفة البعث

معمل حديد حماة يشكو من قلة توفر ما هو مشكو من زيادة تراكمه..!

الطامة الكبرى تتجلى في تعدد الجهات الرسمية – أفراد أو لجان – المشككة في نجاح منشآت القطاع العام الإنتاجي، بما في ذلك المنشآت التي مازالت تتابع إنتاجها، ولا تخجل هذه الجهات من قصورها المشين، وفسادها الإداري والمالي والإنتاجي والتسويقي، الذي يؤدي إلى مزيد إضعاف كمية ونوعية الإنتاج القائم، والخطر الأكبر يتجلى في قصورها شبه المتعمد عن استعادة تشغيل المنشآت الصناعية المتوقفة جزئياً أو كلياً، وتعمدها إثبات عدم الجدوى الاقتصادية من ذلك، وتعمدها اللاحق فيما يخص بعض المنشآت الجديدة الواجبة الإحداث.

في لقاء عمالي قبل أيام اعترض بعض النقابيين على ممارسات بعض المعنيين في معمل حديد حماة، وخاصة أولئك الذين يشككون في إمكانية استمرار العمل في المعمل، لأسباب متعددة، ومنها نقص الخردة الحديدية التي تشكل مادة أولية مطلوبة لتشغيل المعمل، وتجاهل البعض أن هذه الخردة التي يشكو بعض المعنيين في معمل حديد حماة من قلة توفرها في المعمل، إذ هي موجودة في جميع المحافظات بكثرة وبعشرات آلاف الأطنان، فمنذ عشرات السنين لازالت مئات الآليات المنسقة – بعد انتهاء العديد من المشاريع الكبرى – المتعددة النوعية والمتفاوتة الحجم والوزن، تشغل مساحات من الأراضي، بالقرب من هذه المشاريع أو بعيداً عنها، عدا عن آلاف آليات النقل، أو بقايا معدات ومكنات المنشآت المنسقة التي كانت تعود لأفراد أو شركات خاصة مضى على توقفها عشرات السنين.

وكثير من البلديات والمواطنين يشكون من إشغال هذا الحطام لبعض الأرصفة والشوارع والساحات والفسحات غير المستثمرة في أحياء المدن ومناطق الأرياف، هذه المساحات الواجبة الاستثمار لأغراض أخرى، عدا عن الشكوى البيئية والسياحية من مناظر هذا الحطام، وعلى الأغلب ما من جهة عامة أو خاصة – يعود لها هذا الحطام – ستعمل على ترحيل هذه المخلفات المتراكمة، ولا تتوقع أي مردود مادي مقابل من أية جهة قد تستثمرها.

كما أن هجمات الإرهاب التكفيري المستمرة على بلدنا منذ سبع سنوات، قد تسبب بوجود كميات كبيرة جديدة من حطام الآليات والمعدات المنشآتية والمنزلية، وحديد الأبنية المهدمة، وهذا الحطام بقديمه وجديده، وما هو مستمر منه، خاصة الحطام المتتابع لآليات النقل وبعض المعدات والآليات الأخرى، التي يتضح أن كثيراً منها غير معمر، كل ذلك يؤكد ضمان استمرارية توفر المادة الأولية (الخردة المعدنية) لمعمل حماة، بكميات كبيرة لفترة قادمة، خلافاً لما يشكو منه بعض مسؤوليه، بل مضمون الاستمرار لاحقاً ولو بكميات أقل.

لأسباب بيئية وسياحية واقتصادية وطنية، من حق إدارة المعمل وواجبها أن تعمل لاستثمار مجمل الخردة الآلية المتراكمة منذ عقود وفي جميع المحافظات، ومتابعة استثمار الخردة التي ستظهر لاحقاً، وليكن ذلك من خلال التنسيق مع وزارة الإدارة المحلية – عبر بلدياتها – للدلالة على أماكن وجود هذا الحطام المعدني، والتحضير لنقله المتتابع عبر أسطول نقل بري، عقب افتتاح طريق حمص حماة، باستخدام أسطول نقل بري، يتم التعاقد معه وبأجور اقتصادية مدروسة، ومن المفترض أن يكون قسم الصهر التابع للمعدن قادراً على صهر جميع أنواع الخردة.

في حال ارتأى البعض – تحليلاً أو تعطيلاً – ضعف الجدوى الاقتصادية من نقل خردة المحافظات، لتوقعاته بأن أجور التحميل والنقل ستكون كبيرة، عليه أن يضعنا بحل آخر..؟ ولن يكون مقبولاً منه أن يقترح استيراد الخردة من الخارج، فتنظيف مدننا وريفنا من الخردة المتراكمة حاجة وطنية ماسة، على غرار تنظيفها من أية مخلفات أخرى، وليكن معمل حديد حماة بمثابة محطة معالجة للمخلفات المعدنية، مكملاً لعمل المحطات التي تعالج القمامة، وإن شكونا كثيراً من تعثر وتأخر إنجاز محطات معالجة القمامة والصرف الصحي، فمحطة معمل حديد حماة جاهزة، وهي بأمس الحاجة لما هو مشكو منه، فلتتعاون كافة الجهات المعنية بهذا الشأن، ومزيد من التعاون المماثل لإعادة تدوير الكثير من المخلفات، والخلاص من حالات ضعف النظافة المشكو منها في جميع البلديات.

عبد اللطيف عباس شعبان

عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية