اقتصادصحيفة البعث

من يعرفون وليس ما يعرفون..؟!

في قراءة لما قاله مدير عام هيئة الاستثمار السورية خلال ورشة العمل الأخيرة حول سياحة الأعمال والمغتربين، استوقفنا تركيزه على ثلاثية وصفها بالذهبية.

ثلاثية – برأيه – إن ما تم تطبيقها ستكون كفيلة بتأمين الاستثمار الناجح، وبالنتيجة قاده التطبيق – في حال تم – للتأكيد على أنه “في الاستثمار الناجح الكل رابح”.

الثلاثية هي: التشريع الموحد والجاذب والواضح، والمرجعية الواحدة، والمستثمر الجاد ذو الكفاءة.

من كلام الرجل نقرأ أن ذلك الثالوث لغاية الآن غير متوفر.. وإذا ما أردنا البحث والتقصي للأسباب التي تحول دون ذلك، فلن نتوه؛ لأن عصي الفساد في عجلات ذلك الثالوث – شئنا أم أبينا – لا تزال تفعل فعل التعطيل والعطالة لأي جهد وعمل مخلص يدأب للتخلص من آثار وتداعيات الفساد على كل مناحي الحياة!

ما يعزز قراءتنا لقاء جمعنا مع أحد المطلعين عن كثب في أحد قطاعاتنا الاقتصادية، لقاء كان حافلاً بكثير من المعلومات والحقائق التي تظهر كم للفساد والمفسدين من سطوة ودور مهدم لأية خطوة بالاتجاه الصحيح..لقاء استمعنا فيه للعديد من التفاصيل واطلعنا خلاله على دراسات تؤكد ارتكابات يمكن وصفها بجرائم اقتصادية بحق اقتصادنا ووطنا، وتكشف وتفضح مدى الفساد الموجود، والذي لا نعلم حقيقة إن كان معلوماً أم مجهولاً للجهات المعنية لغاية الآن!

لكن ما نعلمه أن هناك من استطاع كشف ذلك رغم كم العصي والعراقيل التي حاولت الحيلولة دون الوصول إلى ما تم اكتشافه!

كما علمنا أن هناك بالمقابل معنيين بالأمر، يحاولون – على ما يبدو – عدم الخوض فيما تم اكتشافه، والدليل ما يتعرض له المكتشف من محاربة ومضايقات ومحاولات تهميش لإبعاده عما كلف بدراسته والتحقق منه؟!

صاحبنا ورغم كل ما يواجهه، مصمم على إيصال ما خلص إليه، ووضع أصحاب القرار في صورة ما كشفه، على الأقل من باب “اللهم إني بلغت”..وكُلِّف به!

عطفاً على بدء، ما نود قوله هو: أن الجميع يعلم أن للفساد جذوراً عميقة وعواقب وخيمة على الاقتصاد، حيث يقوض قدرة الدولة على تحقيق نمو اقتصادي احتوائي ومستدام، وأن ارتفاع مستوى الفساد يرتبط بانخفاض ملحوظ في النمو والاستثمارات والاستثمار الأجنبي المباشر والإيرادات الضريبية..

كما أن الفساد والحوكمة الضعيفة يرتبطان بارتفاع عدم المساواة وانخفاض النمو الاحتوائي، فنحن نعلم أن الفساد يضعف قدرة الحكومة على تحصيل الضرائب، ويشوه الإنفاق بإبعاده عن الاستثمارات ذات القيمة في مجالات، مثل الصحة والتعليم والطاقة المتجددة، وتوجيهه نحو المشروعات المهدرة للموارد التي تحقق مكاسب قصيرة الأجل.

ونعلم أن الفساد يضر بالفقراء، ويعوق الفرصة الاقتصادية والتحركية الاجتماعية، ويقوض الثقة في المؤسسات، ويتسبب في تفكيك النسيج الاجتماعي، والفساد عقبة كؤود أمام تحقيق “أهداف التنمية المستدامة”.

ونعلم أن الفساد بمثابة ضريبة على الاستثمار أو أسوأ من ذلك، نظراً لعدم اليقين بشأن ما يُطلب من رشاوى في المستقبل. ونعلم أيضاً أنه يؤدي بالشباب إلى عدم الاستثمار في مهاراتهم وتعليمهم؛ لأن التقدم يعتمد على من يعرفون وليس ما يعرفون.

نعلم والكل يعلم.. ويظل السؤال الغصة هو: لماذا لا تتم المعالجة، وإلى متى سنظل سلبيين في مواجهة الفساد، ولمصلحة من استدامة هذه الحال..؟! رغم إدراكنا أن دوام الحال من المُحال.

قسيم دحدل

Qassim1065@gmail.com