ثقافةصحيفة البعث

راميا بدور: الشعر قيمة مضافة لوجودنــــــا علــــــــى هـــــذه الأرض

دراستها للفلسفة لم تبعدها عمّا يهوى القلب، وتعشق الروح، الشعر؛ وكونها ذهبت نحو خيار خاص جدا في هذا الفن، -الشعر الغنائي الدرامي- فإنها راحت لتجمع كلماتها كنحلة، تارة من ذاك الغصن، وتارة من تلك الساقية؛ كتبت راميا بدور العديد من شارات الأعمال الدرامية التلفزيونية، منها: مسلسل حارة الياقوت التي غنتها كنانة القصير بالإضافة لأغاني الدبور الجزأين الأول والثاني وشارة أيام الدراسة ج1 التي غناها ريان كما كتبت أغنيتين إحداهما لديمة قندلفت والأخرى لفنان سوري، وهي تعمل على طباعة مجموعتها الشعرية، لتدخل بقوة في هذا المجال.

لنبدأ معها بالسؤال الكلاسيكي، ماهو الشعر؟

الشعر هو اتحاد الروح مع العقل والقلب، يجتمعون سوية لبناء كلمة اقل مايمكن أن يقال عنها مميزة، الشعر هو أسمى الحالات الإنسانية، وأرقى أنواع الوجود الحسي، هو قيمة مضافة لوجودك على هذه الأرض.

توظيف الشعر المحكي لصالح الدراما التلفزيونية، ألا يقلل من القيمة الشعرية للقصيدة، باعتبار أنها مضطرة لتناول مضامين جاهزة؟

بالنسبة لتوظيف الشعر لصالح الدراما لا اعتبره شيئا سلبيا بل على العكس هو وسيلة جدا بسيطة لإيصال الشعر بطريقة سهلة للجمهور الذي لا يجد متعة في تذوق الشعر المكتوب بالفصحى، وفي النهاية حتى وإن كان هذا الشعر على شكل أغنية بسيطة لكنه يبقى ضمن مؤسسة الشعر، ومبني على قواعد فيها شيء من الوزن والموسيقى والإحساس.

كيف تبتكرين قصيدتك، وبناء على ماذا؟

بناء على الحالة الحسية أو العاطفية أو الخيالية التي أعيشها أو أمر بها.

من هم الشعراء الذين تركوا بداخلك أثرا لا يمحى، وهل من مُعلم للشعر الغنائي الدرامي، يستطيع تعليمه، أم أنه هيمنة اللاشعور على عوالم الروح الماورائية والميتافيزيقية؟

غالبية من يكتبن الشعر من النساء وأنا منهن، متأثرات بشعر نزار قباني، بغض النظر عن أهميته كشاعر، لكن هو إنسان استطاع أن يختزل كل الحالات العاطفية والإنسانية، بكلمات بسيطة مفهومة، كما يعتبر سيد من كتب الشعر الذي يمكن وصفه بـالسهل الممتنع، الإضافة لمحمود درويش، الذي أعشق طريقة وصفه وتعابيره وتراكيبه، والتي هي غالبا أيضا تحمل أسلوب السهل الممتنع؛ متأثرة فيه لدرجة أنني أعتبره مصدر وحيّ بالنسبة لي، بالإضافة لمجموعة من الشعراء المخضرمين، كالحلاج والفرزدق وامرؤ القيس وبدر شاكر السياب والأصمعي، ولا أعتقد أن هناك معلم للشعر الغنائي، فهو عبارة عن أسلوب مشتق من القصيدة الشعرية، بلهجة محكية بسيطة، علما أنه ليس كل كاتب أغنية قادر أن يكتب القصيدة الفصحى، لكن العكس صحيح فمن يكتب القصيدة الفصحى، يستطيع كتابة الأغنية، قد يكون المعلم هو إتقان اللعب على الجمل والتعابير المحكية، ووضعها في قالب معين كي يصبح قابلاً للغناء ومناسباً للحن الذي يعطى له.

هل من طقوس معينة لهذا النوع الشعري، أي شعر الشارات الدرامية؟

ليس هناك طقس خاص أو معين بل هو يحتاج نوعا من التركيز والصفاء الذهني، وتفعيل الخيال لجلب مجموعة من التعابير والأوصاف المناسبة للحالة الدرامية التي أود الكتابة عنه.

هل يمكن أن تكون الأغنية منفصلة عن مضمون العمل؟ أم أنها يجب أن تعبر بشكل ما عن فكرته؟

لا يمكن أبدا أن تكون منفصلة عنه، إنما قد يكون الكلام معتمدا الأسلوب غير المباشر، بحيث نذهب نحو تعميم الحالة لا تخصيصها لتكون متعلقة فقط بهذا العمل، وغالبا نعتمد أسلوب الإيحاء أو التلميح، وليس التصريح المباشر.

متى تكتبين قصيدتك بعد مشاهدتك للعمل في عمليات المونتاج، أو بعد قراءتك للنص؟

بعد أن تقدم لي فكرة عامة عن النص الدرامي، وعن الخطوط الرئيسية التي يجب التعبير عنها في الشارة.

ماهي برأيك علاقة الشاعر بالنص الدرامي، بأي منظار يراه؟

بصراحة أعتبر نفسي في كل مرة أكتب فيها شارة، بأنني معنية تماما بهذا العمل، ومعنية بنجاحه، وأسعى دوما لتقديم الأفضل، لا سيما إن كان العمل مهما.

هل يختزل الشعر الدرامي الحكاية أم أنه مقدمة أو ملخص عام عنها؟

هو مقدمة وملخص في آن معا.

بالتأكيد انعكست دراستك للفلسفة، في شعرك الغنائي، هل تحملين نصوصك الشعرية أبعادا فلسفية؟

الشعر الدرامي غالبا يكون بعيدا عن الفلسفة، لكن تأثيرها يظهر فعلا في الكثير من الخواطر والقصائد، أي تصبح هناك ثقافة مختلفة ومميزة وجمل جديدة، لا يمكن أن يكتبها إلا من قرأ الفلسفة.

ما علاقة الفلسفة بالشعر المحكي، الغنائي منه تحديدا؟

لا أجد أي علاقة تربط بينهما.

كتبت في الشأن النقدي الاجتماعي، هل يحتمل هذا النوع من المقالات الشعر، أم أنك كنت تتخلصين منه لصالح المقال؟

الشعر شيء والمقال شيء آخر تماما، لا تشابه بينهما إلا بالقدرة على ابتكار جملة جديدة، ولا يمكن توظيف الشعر في كتابة المقال أبدا.

شارات العمل الدرامي اليوم، يعتبرها العديد من النقاد من دعائم العمل الأساسية، ما خلق سوقا للمنافسة بين شعراء الدراما، كيف تصفين هذه المنافسة؟

أجمل مايمكن أن يحدث فيما يتعلق بموضوع الشعر الدرامي هو المنافسة والسعي لإثبات الوجود، لا سيما أنه من النادر أن تجد أشخاصا يستمرون في هذا النوع من الشعر، وكتّاب الشعر الدرامي كثر، لكن الجمهور هو من يثبت الأفضل والأقدر والأجدر على كتابة هذا النوع من الشعر؛ بكل تأكيد هناك أسماء محددة برزت في هذا النوع من الشعر، أعتبر كل واحد وواحدة منهم منافسا لي، وأحاول في كل سنة أن أكون موجودة في أكثر من عمل؛ الاستمرارية في هذا المجال أصعب من غيرها من المجالات بكثير.

يبقى سؤال عن الأجور، هل هي عادلة، أم ماذا؟

بالنسبة للأجور يمكن القول أن هناك شركات إنتاج تحترم الشاعر وتنصفه وتعطيه أجرا لا بأس به، لكن الأغلبية منهم أجورهم غير عادلة، ولا تستطيع أن تحدد أجرك وليس هناك من جهة تحدد أو تقرر إنصاف الشاعر.

حوار: تمّام علي بركات