اقتصادصحيفة البعث

الادخار والاستثمار.. درس وعبرة..!

 

من أحد الدروس الاقتصادية العالمية التي استوقفتنا درس يوضح أهمية “الادخار للاستثمار”، الذي من المفيد عرضه بشيء من التصرف، عل وعسى الاستفادة منه في القائم والقادم من سياسات واستراتيجيات اقتصادية..ولاسيما بعد تعالي المطالبة بتوظيف المدخرات في الاستثمارات من خلال أسواق المال والشركات المساهمة..

وفقاً للدرس إن الادخار السلبي هو عندما يكون الإنفاق أكبر من الدخل، ويحدث حينما يعيش فرد معين على المدخرات السابقة.

وفي الفترات التضخمية، يفضل بعض الأفراد الذين يجدون أنه مع حدوث الانخفاض في قيمة النقود لن تستمر دخولهم في تزويدهم بمستوى المعيشة الذي اعتادوا عليه، طريقة السحب من المدخرات السابقة بدلاً من المعاناة من حدوث انخفاض في مستوى معيشتهم.

واليوم يعد الادخار جوهر الأزمة من خلال تشابك عناصر الاقتصاد العام والاقتصاد الاجتماعي؛ لذلك جاءت محاولات الإنقاذ لحماية موجودات المصارف ولمعالجة نقص السيولة بعد سياسات لم تراعِ أهمية الادخار بقدر ما ركزت على تسويق خدمات الإقراض المفرط (للعلم كان الفرد عام 1916 يدخر ما يعادل 5%  من راتبه، ومع نمو وتنوع الخدمات المصرفية في مطلع الثمانينيات وصولاً إلى 2003 أصبح 70% من راتبه الشهري يذهب لسداد القروض).

إن ما تعرض له الاقتصاد الدولي عائد لغياب الاستراتيجيات الادخارية من أجندة السياسات المالية التي أدركت أن واقع الأزمة كان نتاج التركيز المفرط على الإقراض وتسهيل عملياته على حساب قياس معدلات الادخار، نتج عنه ضياع لقيم ضمانات الاقتراض الاستثمارية من جهة، وضياع قيم المدخرات من جهة أخرى من خلال أسباب، منها مبالغة الإيمان بالعقار كضمانة ادخارية أدى إلى تضخم القيم السوقية للعقار يفوق واقع قيمتها الاستثمارية، وتبعه إقراض أنهك معه جودته كعنصر ادخاري طويل الأمد وتحوله إلى أداة مضاربة استثمارية. وضعف تحكم السياسيات الاقتصادية في ظروف ودرجات الادخار من خلال الأدوات المالية (الدخل، معدلات الفائدة، حجم الضرائب، التأمين الاجتماعي، الاستقطاعات التقاعدية). وعدم إدراك أهمية الادخار الاقتصادية من خلال تركيز الخطط الاقتصادية على المتغيرات قصيرة المدى وتجاهل استراتيجيات التنبؤ بالمتغيرات الاقتصادية متوسطة وبعيدة المدى. إضافة إلى أن المؤسسات المصرفية لم تدرك خطورة مؤشرات سلبية الادخار الفردي واعتمادها على أسواق المال والنشاط العقاري لتأمين السيولة التي نضبت اليوم، وأدركت أهمية بناء المصارف من جديد على الادخار واستثماراته. إلى جانب مبالغة السياسات المصرفية في تسويق الاقتراض وتسهيلاته كان لها أكبر الأثر على إضعاف الادخار. كما أن الخطأ في الادخار في مجال الطاقة البشرية تمثل في المراهنة على التعيينات والتدريب كأداة لتحقيق التطوير مع إغفال المحافظة على الخبرات؛ مما اضعف الثقة في القرارات الإدارية والاستثمارية.

وبالرغم من انهيار قيم الموجودات الاستثمارية، إلا أنه لا توجد مؤشرات معدلات قوية لنمو الادخار والأسباب عائدة لما سبقه من إقراض  فاق 170% لقيم الأصول والسداد اليوم تشوبه مهددات استقرار وظيفي كضمانة لدخل الأفراد.

وبإسقاط ما تقدم على واقعنا الادخاري والاستثماري سابقاً ولاحقاً.. نجد تطابقاً إلى حد كبير، الأمر الذي يدفعنا دفعاً للتساؤل أولاً حول إن كنا ندري أم لا ندري- جزءاً من هذا الواقع العالمي..؟ وبالتالي السؤول حول تلك المُحصَّنات التي كنا ندعيها بعدم ارتباطنا بالنظام الاقتصادي العالمي..؟!

أما الأهم من الأسئلة التي تُسأل اليوم فهو: هل يمكننا التعلم من تلك الدروس.. التي طالما كنا ندعي نأينا عنها، لكن واقع الحال بين أننا قد كنا في خضمها، ما ينفي أي ادعاء بخصوصية اقتصادية وطنية، وسياسة اقتصادية ومالية واستثمارية عصامية بنيناها بعقولنا..!

قسيم دحدل

Qassim1965@gmai.com