تحقيقاتصحيفة البعث

اختلاق الجرائم والافتراء

 

عمر تقي الدين
إن المادة /392/ من قانون العقوبات عرّفت الافتراء بأنه إخبار عن جريمة يعرف المخبر أنها لم تُقترف، حيث جاء في نص المادة: “من أخبر السلطة القضائية أو سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية عن جريمة يعرف أنها لم تُقترف، ومن كان سبباً في مباشرة تحقيق تمهيدي أو قضائي باختلاقه أدلة مادية على جريمة كهذه عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر وبغرامة لا تزيد على المائة ليرة أو بإحدى العقوبتين.
كما نصت المادة /393/ على “1- من قدم شكاية أو إخباراً إلى السلطة القضائية أو إلى سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية فعزا إلى أحد الناس جنحة أو مخالفة يعرف براءته منها أو اختلق عليه أدلة مادية على وقوع مثل هذا الجرم عوقب بالحبس من شهر إلى ثلاث سنوات.
2- وإذا كان الفعل المعزو يؤلف جناية عوقب المفتري بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر.
3- وإذا أفضى الافتراء إلى حكم بالإعدام أو بعقوبة مؤبدة فلا تنقص عقوبة الأشغال الشاقة عن عشر سنوات ويمكن إبلاغها إلى خمس عشرة سنة”.
والمادة /394/ “إذا رجع المفتري عن افترائه قبل أي ملاحقة خُفّفت العقوبات المنصوص عليها في المادتين السابقتين وفاقاً لما جاء في المادة /241/ “الخاصة بالأسباب المخفّفة”.
وهذا فإنه لا تتوافر في الإخبار الصفة القانونية ما لم يكن مكتوباً وموقعاً عليه من قبل صاحبه أو وكيله القانوني ولا قيمة له إذا كان قولاً مجرداً.
ولا يتم الافتراء إلا بوجود الإخبار المنظم وفقاً للقانون فإذا لم يوجد في القضية إخبار رسمي فلا يكون الافتراء قائماً.
وإن جريمة الافتراء تدور مع الجريمة المبلغ عنها فتقوم بقيامها وتنتفي بانتفائها. وإذا كانت الجريمة المبلغ عنها قد تلاشت بالتقادم فإنه لا محل لو صح المبلغ عنها بأنه مفترٍ.
هذا ويشترط لتطبيق نص المادة /393/ من قانون العقويات التي تنص على جرم الافتراء بحق المدعى عليه أن يكون هو الذي قدم الشكاية أو الإخبار.
وإن علم المدعى عليه ببراءة المفتري عليه لا يصح افتراضه ولابد من إقامة الدليل عليه.
ولا بد للإدانة بجرم الافتراء الجنائي من توفر ثلاثة عناصر هي:
أولاً: الشكوى الخطية من المفتري أو وكيله القانوني إلى النيابة العامة أو إلى سلطة يجب عليها إخبار السلطة القضائية.
ثانياً: توفر القصد الجرمي لدى المفتري وهو علمه المسبق ببراءة المفترى عليه من الجرم المعزو إليه قبل تقديم الشكوى.
ثالثاً: قصد الإضرار بالمفتري.
كما لا يشترط في الافتراء أن يحكم ببراءة المفترى عليه
حيث إن المادة /392/ من قانون العقوبات عرّفت الافتراء بأنه إخبار عن جريمة يعرف المخبر أنها لم تُقترف وعلى هذا لا يشترط في الافتراء أن يحكم ببراءة المفترى عليه بل يكفي لثبوت بأن المخبر عالم بأن الجرم لم يقع وعلى المحكمة في هذه الحالة أن تسير بالدعوى وتقوم بالتحقيق حتى تنجلي أمامها الحقيقة وحينئذ تصدر حكمها المنسجم مع النتيجة التي تصل إليها.
وأخيراً لا بد لقيام جريمة الافتراء من العلم ببراءة المفترى عليه وإقامة الدليل عليه وهي من الجرائم المقصودة فلا بد من توافر القصد الجرمي لدى المفتري.
ومؤدى ذلك أن العلم ببراءة المفترى عليه المسبق ركن من أركان هذه الجريمة فلا تتم من دونه ولا بد من التحدث عنه بصورة مستقلة وإقامة الدليل على وجوده ولا يمكن صدور الحكم بالبراءة ليكون أساساً للافتراء بل يجب التحدث عن العلم ببراءة المفترى عليه بصورة مستقلة وإقامة الدليل على ذلك.