ثقافةصحيفة البعث

شآم مليكة الأزمان

 

منال محمد يوسف

شآم يا مليكة الأزمان في موعد نصرك العظيم تخضرُ سنبلات الزّمان على جنبات بردى وتبيض أحجاركِ ونهدي إليك الورد والرحيق, وقبلات متوهّجة الاشتياق والفخار, نهدي قصائد تغزلها الشموس من أجلكِ ونُلقي السلام على من طهروا ترابكِ القدسيّ.. نلقي سلام المحبة على بطولات الزمن الإعجازيّ, على من حملوا قاسيون على أكتافهم, ووضعوا بردى بين رموشهم، وتنفّس الصبحُ لأجل ما صنعوه, تنفّس بعطرهم, بقولهم الملتحن حتى أصبح حال صوتنا يقول: فائض من المحبّة يُهدى إليكِ يا شام، يُهدى من أجل عينيكِ, عندما تستعير الشمس نورها من وهج الحضارات الواقفة عند أبوابكِ السبع, ونبصم على جرحكِ عندما تتأوهين وجعاً, تتأوهين بلغة المنادى على جمالكِ المستفيض, على أيامٍ ستعود ويعود معها بُشر الكلام، وفيض الشيء الإعجازيّ الذي نعشق ونحبّذ ونسألُ على غفلةٍ من الزمن, هل يضيع عشقنا لكِ يا شام وأنتِ مليكة كل الأزمان.. أنتِ شهد العسل الرائب على مرّ العصور والشاهقات الممجّدات إذ شهق الزّمان مجداً وسمواً, وبين شهقة وأخرى قلنا: وفائضٍ من المحبة يُهدى إليكِ يا شام وبعينُ دامعة تتلهّف ليسكنها الضياء وتتمنى بقاءك كما أنتِ تغنيّ قصائد الحياة من بدء التكوين, وتجيدي النقش الحضاريّ على جدار الأزمنة وكلّ فنون التلوين، وفائضٍ من المحبة يُهدى إليكِ يا شام في موعد انتصاركِ العظيم وأنت تكتبين مجدكِ من جديد وتملئينَ حقولكِ قمحاً من خوابي الدهر الممجّدة الذكر والأمجاد، حتى إذا ما رحلت الرُّوح إليكِ محبّةً وعشقاً يعتّق الذهب أبجدية الكلمات أوزاناً تذوب ولهاً بقوافي شعركِ.
من أجلكِ يا شام تكتبنا الكلمات, وتزرعنا على سفوح أيّامكِ على كتف نهرٍ لم يعشق من اللغات إلاّ لغات الحب والتسامي فوق كل نبض جريح, لم يكن يعشق إلاّ أنتِ أميرة الأزمنة, أميرة الملاحم البطوليّة التي تُقرأ في ذاكرة كل شيءٍ جميل، وتُكتبُ وتبعثُ من جديد وكأنها حافظة لكل إشراقة ما زلنا ننتظر أن تتودّد إلينا.
لكِ يا شام تصّطفُ القبلات لتضع أحلاها ووسامها على جبين التاريخ وأنتِ التاريخ لم يلد، أنت جماليات من الغناء الفيروزيّ وأدبيّات ممتدة من عصور التكوين الأولى، أنتِ السيفُ وذاك القلم أو اليراع الذي ما نزال نكتب من مداده الأجمل ماذا نكتبُ وكل اللغات ابتدأت من عندكِ, من حيثُ ابتدأ النبض الأول، وما زلتِ روح الاستمرار المتّقد تحملين رسالات كل العصور التي لا تقبل الانكفاء على ذاتها, لا تقبل الانكفاء على بيارات ضوءٍ لا تخص البشرية جمعاء، لا تخص الهمّ الإنسانيّ الذي يجب أن يكون مثقلاً بما فعلوه بكِ يا شام، بوجهكِ الذي اغتسل ذات زمان بماء الذهب, وماء الورد, وماء التودّد إلى الأمجاد أينما كانت، وفائضٍ من المحبة نرسله إلى حيث يكون وقت التلقي الدائم، تلقي بشائر السمو والرفعة وأنتِ مليكة التاريخ, مليكة الترفع فوق جراحات الأزمنة, فوق نوائب الدهر.
أنتِ إلياذة الخير ونبع العطاء الوجوديّ الذي لا ينضب.. أنتِ مفازة النصر العظيم, وإرادة الحياة, إرادة البقاء، لكِ يا شام فائضٍ من المحبة يهدى إليكِ, وفائض من المحبة نمضي على ولهٍ, على شوقٍ, على وجعٍ لا يهدأ إلاّ عندما ينطق اسمكِ وتتهافت الأسماء لتكوني مليكة الأسماء كلها, مليكة الأزمنة, مليكة النصر وبناة فخره العظيم، وبسملة الياسمين إذ نطق كلمته العُليا وألقى سلامه على رجال الجيش العربي السوري، وعليكِ يا مليكة الأزمان.