صحيفة البعثمحليات

“نقلة نوعية”

 

قرارات مهمة وجريئة صدرت عن لجنة حماية المدينة القديمة بحلب فيما لو طبقت خطواتها وإجراءاتها التنفيذية في إطارها الصحيح وضمن الشروط والمقاييس الفنية والتقنية والمدد الزمنية المحددة، ستحدث فارقاً واضحاً في عملية إعادة الإعمار والبناء المتعثرة، وستحقق قفزة ونقلة نوعية على مستوى الحراك الاقتصادي المتنامي، إلى جانب مفاعيلها وتأثيراتها الإيجابية المستقبلية على المستويين المجتمعي والتنموي.
هذه القرارات وإن جاءت متأخرة إلا أنها نجحت هذه المرة في إيجاد الحلول والمخارج لمجمل القضايا الشائكة المؤجلة، وأجابت على كافة الأسئلة التي أثارت سابقاً الكثير من الجدل واللغط حول واقع المدينة القديمة وتشابكاتها وتداخلاتها بما يخص الملكيات العامة والخاصة ومجمل التفاصيل المتعلقة بتداعيات الحرب الإرهابية وما ألحقته من دمار كبير في البنية التحتية والفوقية للأسواق والمحال التجارية والمواقع التاريخية والأثرية والسياحية.
ولا شك أن هذه الخطوة المتقدمة ستضاعف من حجم المسؤولية والمهام الملقاة على عاتق الجهات المعنية واللّجان الفنية المشكلة، والمطلوب منها المباشرة فوراً بإجراء تقييم وتوصيف دقيق ومدروس بعناية للواقع الراهن والقيام بعملية جرد وتوثيق للأضرار الكلية والجزئية وإعداد الجداول الاسمية والتفصيلية، والمطابقة مع التوثيقات المتاحة والمتوفرة لفترة ما قبل الحرب وتشكيل لجنة فنية استشارية على مستوى عال من الخبرة توكل لها مهام المتابعة والإشراف على الأعمال التنفيذية لمنع عدم حدوث أي تغييرات في المشهد العام للمدينة والحفاظ على هويتها وصبغتها التاريخية والأثرية وعدم المساس بوظيفة الأسواق التجارية وإزالة كافة التعديات والتشوهات السابقة والحالية، والعمل على تصحيح أوصاف العقارات والتأكيد على الالتزام بشروط العمل والخطوات الواردة في دليل ايكوموس الذي أعدته منظمة اليونسكو وصدر عام 2017 كضامن لبقاء المدينة على لائحة التراث العالمي.
وبحكم استثنائية الظرف والمرحلة ثمة ما ينبغي عمله وإنجازه على مستوى توفير مستلزمات العمل على المستويين البشري والفني، وإحداث مركز خدمات خاص ضمن حرم المدينة لتسهيل وتبسيط الإجراءات الفنية والقانونية للشاغلين والمالكين، ومنحه الصلاحيات الكافية للتعاطي بالجدية والجرأة المطلوبتين مع حالات الطوارىء وأي مستجد، مع التأكيد على أهمية دور العمل المؤسساتي والتشاركي والتطوعي عبر زج كل الإمكانات والطاقات وتوظيفها بالشكل الأمثل لإنجاح هذا المشروع الحيوي والتنموي والاستراتيجي، والذي من شأنه أن يعيد لهذه المدينة ألقها ونضارتها وتميزها الحضاري والاقتصادي والتجاري.
معن الغادري