اقتصادصحيفة البعث

الجميد السوري يتصدر الواجهة

 

مرة أخرى تثبت منتجاتنا ذات الميزة النسبية امتلاكها مقومات من الجودة تجعلها محطّ استقطاب وجذب من قبل الأسواق الأخرى.
فبعد أن استقطبت أسواق مصر منتج “قمر الدين” السوري، وحجزت له حيزاً لا يُستهان به على رفوف محالها التجارية، وكذلك فضّلت أسواق العراق “صابون الغار” السوري ذا الصبغة الحلبية، على نظيره التركي والإيراني، وأيضاً بعد أن غزت الحلويات الدمشقية أسواق أوروبا وغيرها من هذه المنتجات التي حملت البصمة السورية.. ها هي مادة الجميد تغزو الأسواق الأردنية باعتراف المسؤولين الأردنيين أنفسهم، حيث صرح مدير التسويق والتجارة الدولية لدى وزارة الزراعة الأردنية: “إن 90% من مادة الجميد التي يستهلكها المواطنون الأردنيون في طبخ المناسف، تستورد من سورية”!.
يبدو أن لكل بلد خصوصية إنتاجية يمكن تشبيهها بـ”نفس الطبخ” الذي يضفي نكهة مميزة للطعام، كذلك الأمر بالنسبة للإنتاج، فللعديد من منتجاتنا خصوصية مستمدة ربما من الطابع التراثي والثقافي العام للبلد، تضفي بالفعل نفحة جاذبة يصعب أحياناً توصيفها، ويحتار المرء تجاه إمكانية إدراجها ضمن خانة “الاقتصادي” أم “الاجتماعي”!!.
لكن أياً يكن الأمر.. فالغاية المحققة من المُنتَج النهائي من خلال ولوجه بقوة الأسواق الخارجية، وهي أس المطلوب مبدئياً، لكن هذا لا يكفي، إذ يستوجب لاحقاً، العمل باتجاه تكريس مثل هذه المنتجات في الأسواق التي بادرت الأخيرة باستقطابها، عبر زيادة إرضاء المستهلكين لهذه المنتجات من خلال رفع مستوى جودتها، بالتوازي مع حملة تسويق وترويج لتسهيل عبورها إلى أكبر قدر ممكن من الأسواق الخارجية الأخرى.
وبالعودة إلى الجميد.. نذكر أنه كان هناك مسعى من قبل القطاع الخاص لإنشاء معمل لمادة الجميد –مع الإشارة هنا إلى أن مادة الجميد لمن لا يعرفها عبارة عن لبن مجفف- إلا أن هذا المعمل لم يرَ النور لأسباب غير معروفة!.
فإذا كان 90% من استهلاك الأردن لهذه المادة مستورد من سورية في ظروف قاسية لا تخفى على أحد، ومنتجة –أغلب الظن- من قبل ورشات تقليدية قد تفتقد لأدنى مقومات الإنتاج المادية، فكيف هي الحال لدى توفر الظروف المناسبة للصناعة والتجارة معاً.. وبالنهاية ما ينطبق على الجميد ينطبق على غيره من السلع.
هامش: إن التبادل التجاري بين الأردن وسورية ظل مستمراً طيلة فترة الأحداث الراهنة على الرغم من ندرته، وقد استمر الأردن باستيراد مادة الجميد السوري إضافة للبهارات والأعشاب. وبلغ هذا التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي 132.8 مليون دولار، منها 65.8 مليون دولار هي صادرات الأردن إلى سورية، مقابل واردات بقيمة 66.9 مليون دولار.

حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com