صحيفة البعثمحليات

مراوحة في المكان

 

ما يصرّح به الكثير من مديري المؤسّسات والشركات التابعة للقطاع العام، وخاصة الإنتاجية منها، منذ أكثر من عام ونصف عن إجراء عمليات التقييم والجرد ووضع الدراسات والخطط والبرامج للإقلاع بالعملية الإنتاجية مجدداً، لا يتطابق مع الواقع الراهن لهذه المؤسسات والتي ما زالت متعثرة ومعطلة تماماً، وتراوح في المكان لأسباب ومشكلات تبدو في ظاهرها أنها مشكلات (مالية وفنية وتقنية).
وعلى الرغم من الجدل والخلاف القائم حول مصير هذه المؤسسات، سواء لجهة إلغائها أو إعادة تفعيلها ودمجها ضمن منظومة العمل الاقتصادي الإنتاجي، يبدي البعض ممن هم في سدة المسؤولية والقرار مرونة واضحة لحلحلة هذا الملف وفق مقاربات ورؤى قد تكون أقرب للواقع، وبما يحقّق في المحصلة الجدوى النفعية والربحية لهذه المؤسسات مستقبلاً، ويتماهى مع متطلبات واحتياجات المرحلة المقبلة والحاجة الماسة للتغيير وفق آليات محدّدة تتعاطى بجدية وحسم مع مفرزات وتداعيات الحرب الإرهابية.
وقد يكون الرأي الأرجح في هذا الإطار هو إجراء عملية تقييم وتوصيف جديدة تستند إلى قواعد وشروط وحسابات اقتصادية ومالية غير قابلة للخسارة والانكفاء، وهو ما يعتبره البعض من المراقبين والاقتصاديين عادلاً ومنصفاً ومدخلاً لحسم هذا الملف المتداخل والمتشابك، وسيحدّد لاحقاً مدى إمكانية استمرار هذه المؤسسات والشركات في وظيفتها أو سيتمّ تغيير طبيعة عملها أو شطبها نهائياً من خريطة الاستثمار الاقتصادي.
وفي الحالات كلها، المطلوب الاستفادة ما أمكن من التجارب السابقة، وبالتالي عدم تدوير هذه القضية وحسمها بأسرع وقت ممكن بعيداً عن الشعارات الفضفاضة والتصريحات الرنانة، والمطلوب أيضاً أن تبادر الوزارات المعنية باتخاذ القرارات المناسبة والجريئة، لوقف نزيف هذه المؤسسات والشركات الإنتاجية المتعثرة والتي تُقدّر خساراتها قبل وبعد الأزمة بمليارات الليرات.
ومن المهم التذكير بأن الكثير من الشركات والمؤسسات الاقتصادية الإنتاجية في حلب وبالنظر إلى الأضرار الجسيمة التي تعرّضت لها جراء الإرهاب لم تعد مجدية وصالحة للعمل والإنتاج، وبالتالي لا بد من إدراجها على لائحة الشركات المنكوبة ووضعها في سلم أولويات الفريق الحكومي الاقتصادي وفي سياق الحلول والإجراءات المقترحة العاجلة، لتمكين هذه المدينة من استكمال مشروع نهوضها الاقتصادي والتنموي.
معن الغادري