دراساتصحيفة البعث

روسيا– إفريقيا.. شراكة عسكرية

 

ترجمة: عناية ناصر

عن فالدي كلوب 31/5/2018

وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19 نيسان 2018، وثيقتين جديدتين حول تصدير الأسلحة التقليدية والطائرات من دون طيار إلى دول أجنبية. تعني هذه الوثائق تسهيلاً كبيراً لتجارة الأسلحة. والطائرات من دون طيار التي لا تمتلك قوة ضاربة قوية، ولكنها مزوّدة بخطوط إطلاق ليزر ومنصتي إطلاق، سيتم تصديرها دون تصاريح إضافية، وكان قد تم التحكم حتى الآن بتصديرها وتقييدها بشكل صارم.

هذه الأفعال المتمثلة بقرار القيادة الأمريكية بزيادة صادرات الأسلحة تعني شنّ صراع قوي ضد المنافسين في أسواق الأسلحة والمعدات العسكرية. روسيا هي المنافس الرئيسي. فهي تشغل 23٪ من صادرات الأسلحة العالمية، أما الولايات المتحدة فتشغل 33٪  بين 2012-2016.

ووفقاً لـمؤسسة “روزوبورن ايكسبورت” للصادرات العسكرية الروسية كان 25٪ من إجمالي صادرات  الأسلحة في العالم لأكثر من 14 مليار دولار في عام 2017 من حصة “روزوبورن ايكسبورت” رغم خضوعها لقائمة العقوبات الأمريكية.

على مدى السنتين الماضيتين، ازدادت شراكة مؤسسة “روزوبورن ايكسبورت” مع دول إفريقيا وآسيا. ويتضح ذلك من خلال جملة أمور، منها مشاركة العديد من الوفود من البلدان الإفريقية في مؤتمر موسكو السابع للأمن الدولي الذي جرى بين 4 إلى 5 نيسان 2018. وكان هناك عشرات الوفود الإفريقية التي ترأسها وزراء دفاع أو نواب وزراء من مختلف البلدان جمهورية الكونغو، وغينيا، والكاميرون، وجنوب إفريقيا، وأوغندا، وما إلى ذلك.

وفي معرض حديثه في المؤتمر، أشار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى “تعقيد الوضع في إفريقيا، فقد أدى التفكك الفعلي لليبيا إلى زيادة التهديد الإرهابي في الأجزاء الشمالية والوسطى من القارة”. وأكد استعداد روسيا لتطوير العلاقات العسكرية مع الدول التي تواجه التهديدات الإرهابية وغيرها.

وعلى هامش المؤتمر، وقّع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير دفاع موزامبيق اتاناسيو موموكي اتفاقاً لتسهيل زيارات السفن الحربية الروسية لموانئ موزامبيق، ومذكرة حول التعاون في المجال البحري بين وزارتيهما.

لقد تفجّرت الهجمات الإعلامية الغربية ضد روسيا نتيجة لتطور التعاون العسكري- التقني بين الاتحاد الروسي وجمهورية إفريقيا الوسطى، والتي تتهم روسيا بعزمها على إنشاء مركز نفوذ خاص في منطقة وسط إفريقيا، والاستيلاء على احتياطي اليورانيوم والماس في جمهورية إفريقيا الوسطى، والإطاحة بالشركات الفرنسية والكندية والصينية، لكن كل هذه الاتهامات خاطئة.

في تشرين الأول 2017، تمّ توقيع اتفاقية حول التعاون التقني العسكري بين روسيا وجمهورية إفريقيا الوسطى. في كانون الأول2017، وبإذن من الأمم المتحدة، التي استثنت إمدادات الأسلحة إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، قامت طائرة شحن من طراز IL-76 بتسليم دفعة من الأسلحة الصغيرة إلى بانغي، وهي عبارة عن مدافع رشاشة وبنادق آلية وقاذفات قنابل ومسدسات، وتمّ إيفاد مجموعة من المتخصصين الروس لتدريب الجنود في كتيبتين -1200 شخص- على استخدام هذه الأسلحة. وقد اجتازت المجموعة الأولى المكونة من 200 شخص الدورة التدريبية اللازمة.

أما بالنسبة لليورانيوم، فيمكن للمرء أن يفهم مخاوف الفرنسيين من مصير احتياطي اليورانيوم ذي الأهمية العالمية، ولكن هذه الحملة الدعائية المتزايدة كانت على الأرجح، مرتبطة بمنشورات “ويكيليكس” بشأن صفقات الفساد المتعلقة بامتيازات احتياطي اليورانيوم من قبل شركة “أريفا ريسورسيس” الفرنسية.

تتجلّى المصلحة الإفريقية في التعاون العسكري من خلال فعالية الأسلحة الروسية، التي أثبتت جدواها في الحرب على الإرهاب في سورية، والمفهوم الروسي لعمليات مكافحة الإرهاب. والأهم من ذلك، هناك ثقة إفريقية متزايدة بروسيا، إذ يدرك الأفارقة أنه لا توجد قوة أكثر قوة وحسماً في العالم تدافع عن مبادئ السيادة والمساواة وعدم التدخل في الشؤون الدولية ، مثل روسيا والصين. كل هذه العوامل تعزّز الاتجاهات الإيجابية لتطوير العلاقات العسكرية الروسية- الإفريقية، والتي يمكن أن تكون طويلة الأمد.