الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

البيض الأبيض!

 

– قرأت في إحدى القصاصات الورقية من مجلّة (المختار) التي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، أنَّ أحد الكتّاب الأمريكيين قد أمضى هو وعائلته فترة من الزمن في روما، وقد اعتادت الخادمة الإيطالية إحضار وجبة الفطور الصباحية له، وهي عبارة عن بيضة مسلوقة، وعندما سئِم من أكل البيض كل صباح، لم يعرف كيف يخاطبها بلغتها، فاستعان بقاموس انكليزي- إيطالي ليعدَّ جملة واحدة يعبِّر فيها بلطافة عن سأمه من أكل البيض، وكانت النتيجة أن تلقَّى صفعة من الخادمة جعلته يستفسر عن معناها الذي صدمه (لا تخلعي ثيابك في المطبخ أيتها البيضة).

وفي إحدى قرانا كان الأب والأم يُرمِّمان سطح إحدى غرف بيتهما الطيني، عندما حان وقت الفطور، طلب الوالد من ابنه سلق بيضتين له ولوالدته. وهما في غمرة العمل، سقطت الأم من سطح البيت سقوطاً حراً، فصاح الوالد فزعاً قائلاً: يا ولدي، يا ولدي.. بيضة واحدة تكفي!.

وفي مشهد كاريكاتوري بالغ الدلالة، عبَّر أحد الرسامين العالميين عن واقع الحال بلوحة تمثِّلُ دجاجة تهرب من بيضتها التي تلاحقها على منحدر قاس.

وسبق أن رسمتُ عملاً كاريكاتورياً يمثِّلُ دجاجة في حالة مخاض حقيقي، وبعد خروج بيضتها، تبيّن أنها أكبر من الدجاجة، فالطموح أصبح أكبر من الواقع.

من حديث البيض إلى قصص الطبخ الكثيرة، كطبخة “العم سام” المعروفة، التي يُطعم فيها الجنرال الأمريكي شعبه أوسمة ونياشين متعددة الألوان والأشكال والتصاميم والمذاق.

ولم أجد في معجم الوسيط ومعجم اللغة العربية المعاصر وصفاً دقيقاً أو تعريفاً أو شرحاً لصفقات السلق والتقشير والخبز والملح وتنظيف الصحون.

ولم يذكر ابن البائس في كتابه الشهير”صبر أيوب في تفريغ الجيوب” سطراً واحداً عن مذاق آخر غير الذي أجبرونا عليه من طبخات البيض الأبيض الحارقة، أقصد، البيت الأبيض..؟

رائد خليل