ثقافةصحيفة البعث

موفق مخول: “أعطني كتابك وخذ كتابي” في الحديقة الـتـبـادلـيــة

 

في مبادرة تربوية لدفع الكتاب إلى واجهة المشهد الثقافي كمصدر معرفة ووعي لأن يكون قريباً ومتاحاً تتخذ المكتبة شكلاً جديداً وفريداً، حيث يمكنك أن تضع كتابك وتأخذ الكتاب الذي تريده بدلاً عنه، فتخرج الثقافة من جدرانها إلى الأماكن العامة عبر مشروع قراءة للجميع يتم التحضير له هو “الحديقة التبادلية للكتاب” برعاية وزارة التربية (تربية دمشق) بالتعاون مع المحافظة وينفذه فريق “إيقاع الحياة”، وعن أهمية المشروع وخصوصيته يوضح المشرف العام للفريق وموجه التربية الفنية في مديرية تربية دمشق موفق مخول بأن: غاية المشروع أن نعيد الحياة للكتاب عن طريق تبادل الكتب بين الناس بناءً على مبدأ (أعطني كتابك وخذ كتابي) فالمهم أن لا نرمي الكتاب أو نمزقه بل أن نحبه ونحترمه ونحافظ عليه.

تواصل إنساني

ورأى مخول أنه من الضرورة أن نعيد للكتاب مكانته ضمن الظروف التكنولوجية  الحالية التي تعتبر تهديدا قويا للكتاب الورقي الذي يمتلك خصوصية وروحانية، مؤكداً أن احترام الكتاب دليل على رقي المجتمع وتعافيه، فالكتاب الجيد عنوان لحضارة الشعوب وثقافتها، معتبرا أن ظاهرة تمزيق أو رمي الكتاب في “القمامة” هي مشكله كبيرة يجب تداركها والتخلص منها لأنها منظر مؤذ ثقافياً وبصرياً وحضارياً ووطنياً، ويجب أن ننشر بدلاً عنها ظاهرة القراءة وتبادل الكتب، منوهاً إلى أن الحديقة التبادلية تقدم فرصة القراءة  للناس غير القادرين على شراء الكتب، وتوفر أيضاً مكاناً للكتب الفائضة الموجودة لدى البعض والتي قد تكون عبئاً عليهم، معتبراً أن هذا التبادل في الكتب ليس فقط تبادلا ثقافيا بل هو تبادل روحاني إنساني  حيث من الممكن أن يحمل الكتاب توقيع واسم صاحبه وبعض كلماته فيكون بمثابة هدية شخصية من صاحبه ورسائل إنسانية بين الأشخاص، فالكتاب مصدر سلوك إنساني وهذه هي غايتنا الأساسية من المكتبة.

الهواء الطلق

الحديقة التبادلية للكتب التي يتم التحضير لها في منطقة القصور بالقرب من المكتبة التربوية سيتم افتتاحها قريباً وتهدف- كما يؤكد مخول- إلى توظيف الحدائق العامة وتحويلها إلى أماكن ثقافية عبر استثمارها من أجل تبادل وقراءة الكتاب أو للموسيقى والفن والرسم، ويبين مخول أنه يوجد في المكتبة أماكن للقراءة الخارجية في الهواء الطلق وكذلك أماكن للرسم، كما يمكن استخدامها للمحاضرات الخارجية التي ليس من الضرورة أن تكون في القاعات الداخلية، مشدداً على ضرورة تفعيل الثقافة في الهواء الطلق وألا تبقى حبيسة الجدران ومحصورة بزوار الأماكن المغلقة، لأن هناك مجتمعا آخر يجب أن نذهب إليه في مكان تواجده ونوصل الثقافة إلى اكبر شريحة من المجتمع، منوهاً إلى أن فريق “إيقاع الحياة” الذي ينفذ المشروع يسعى إلى محاكاة الشارع وإيصال الفن للناس عبر عدة مشاريع ابتداءً من اللوحات الجدارية ومشروع الشجرة في حديقة المنشية، و”الحديقة التبادلية” هي آخر خطواتنا وبالطبع ليست الأخيرة.

دور التربية

وأشار مخول إلى أن وزارة التربية ستقوم بتفعيل رحلات للطلاب إلى الحديقة  للتأكيد على دور المدارس في تشجيع الثقافة، فهي تريد الخروج من الصف المدرسي وتعميم الثقافة خارج المدرسة كي تعطي سلوكاً إيجابياً فالآن يهمنا السلوك وليس المعرفة التي أًصبحت موجودة لدى الطالب، فالتربية تسعى لتحويل مناهجها إلى سلوك، ومع أن الكتب الموجودة حالياً في الحديقة تبرع من المكتبة التربوية إلا أنها ليست موجهة للطلاب فحسب بل إلى كل شرائح المجتمع وطبيعة الكتب فيها معرفية وثقافية وعلمية وأدبية ودواوين شعر وأيضاً مناهج مدرسية، ودعا مخول إلى انتظار النتائج لهذه الفعاليات وعدم الاستعجال فيها لأن هناك تأثيرات مباشرة ترى بالعين وتستغرق فترة قصيرة وهناك تأثيرات غير مباشرة تحتاج إلى وقت، فبمجرد أن يرى الناس حديقة الكتب تحدث تأثيرا بصريا ووطنيا وتربويا ونفسيا وسيكولوجيا، ويؤكد مخول: قد أكون أعمل من أجل قلة قليلة، ولكن هذا لا يجعلني أتوقف عن العمل فأنا أملك أملاً في التغيير ليصبح لدينا موروث ثقافي ومعرفي ويتحول إلى مشهد واقعي موجه للإنسان منذ طفولته، فالثقافة في النهاية هي محصول جمعي يساعد في تشكيل أخلاق وتصرفات ايجابية، كما أنني لا أتعامل مع المبادرات كتجارة فليس هناك ربح وخسارة، لأن الخسارة الوحيدة تتجسد فقط عندما لا نقوم بعمل شيء، منوهاً إلى أن الناس استقبلت فكرة الحديقة التبادلية للكتب بحماس كبير وبدأت بتشجيعنا منذ البداية، لذلك أنا متفائل بشدة فشعبنا معطاء ويجب أن نعرف كيف نحبه ونعطيه ووضع الكتب في الشارع هو تحية حب واحترام له.

لوردا فوزي