ثقافةصحيفة البعث

الأمومة الأولى!.

 

أكرم شريم

طفلة صغيرة لا تكاد تبلغ السابعة من عمرها، رأيتها في الطريق العام تدفع أخيها على كرسيه المتحرك وهي في الوقت نفسه تحدثه وتضاحكه!. والأمر الذي كان يلفت النظر أيضاً في ذلك أنها كانت تبدو حلوة كعروس صغيرة ترتدي فستاناً جميلاً كثير الألوان المتداخلة، وبخصر صغير واضح، وتسريحة أم محبة بل وعاشقة لابنتها الحلوة، وذات غرّة، ووردة على الغرة!.

وأهم ما كان يلفت النظر في هذه العناية الفعلية بأخيها، وعن محبة وتقدير وبكل سرور أنها كانت سعيدة بما تفعل، تدفعه بقوة وثقة! وبخبرة واضحة نجمت عن محبة لما تفعل، وكان هو سعيداً مسروراً يضحك وهو يحادثها ويتفرج على كل شيء حواليه، وخلفه هذه الوردة.. وردة الحياة!.. هذه الأم الصغيرة، والتي، وإلى كل من لا يحبون أن تولد لهم بنت، أقول: إنها ماما الصغيرة.. وهل يوجد أحلى من ماما أو أهم أو أعظم أيضاً؟!. وخاصة ما تقدمه الماما من خدمات منذ اليوم الأول من الولادة. خدمات نعرفها ولا نعرفها.. تبدأ ولا تنتهي!.. وتستمر مدى الحياة!.

وهذه طفلة صغيرة أخرى، لا يمكن أن تعطيها عمراً أكثر من خمس سنوات رأيتها في الطريق تمسك بيد أختها الصغيرة في نحو العامين من عمرها.. تمسك بيدها لكي تمر بها فوق طريق ترابي وفيه أكوام تراب هنا وهناك، وبكل رفق وعناية، وحرص وحب. وهي الأمومة منذ الطفولة، الأمومة الأولى، وتخطو بها وهي ترشدها وتحدثها مؤشرة لها: (من هنا.. نعم!.. على مهلك).. ويتحدث عن نفسه هذا الرفق بأختها.. يشرح ويستفيض، وهي تمسك بيدها وتؤشر لها، وتمشي بها خطوة خطوة!.. وهل يفعل ذلك غيرها، وبهذا الرفق وفي كل هذا العالم؟! إنها الحقيقة.. ويجب أن نعترف بها!.. وإلى ذلك، وكلنا يعرف ذلك، إنها تخدم الجميع ومنذ الطفولة الأولى، هذه الأم الصغيرة، تساعد أمها وبروح رضية وتمارس ذلك بشكل طبيعي، (تشفير إلهي) تخدم الكبير والصغير، وتحب الكبير والصغير، وهي كلما كبرت، وتعالوا نتوسع أكثر، فهي تحب أكثر وتحب أن تخدم أكثر، ولا تطلب مقابل ذلك إلا الرضا، مثل كل الأمهات وكأنها أم كبيرة، وذلك لأنها الأمومة الصغيرة، وهكذا تكون النصيحة اليوم: منذ اليوم الأول الذي تولد لك فيه ابنة يجب أن تفرح بل وتقيم الفرح إذا شئت، فقد ولدت لك ماما الصغيرة، نعم!..إنها ماما الصغيرة!.. وقد رأيتم كيف أنها ومنذ الطفولة الأولى، تمارس الأمومة الأولى، وهل يوجد على وجه الأرض أحلى من ذلك؟!