اقتصادصحيفة البعث

التوجه نحو القطاع الصناعي والتجاري لا يحمي الأحياء السكنية من أعين الضابطة في يوم واحد فقط.. استجرار 1.3 مليون (ك.و.سا) بشكل غير مشروع قيمتها 75 مليوناً في عدرا الصناعية

 

 

دمشق– نجوى عيدة
شجع التحسّن الملحوظ الذي طرأ على المنظومة الكهربائية في مختلف المناطق المعنيين في وزارة الكهرباء على المطالبة بحقها المشروع تجاه الحفاظ على الطاقة وترشيدها ووقف نزيف الاستجرار. ولأن السنوات السبع العجاف وما شهدته من مآزق كهربائية لم تتجرأ الوزارة فيها على ذاك الطلب، لكنها باتت اليوم قادرة ومن مكان قوة على ترصد المستجرين بشكل غير مشروع، وخاصة التجاريين والصناعيين وتسجيل الضبوط بحقهم، حيث وجّه وزير الكهرباء المهندس محمد زهير خربوطلي بتكثيف حملات الاستجرار غير المشروع في المناطق الصناعية والمحال والأسواق التجارية، ويبدو أن الستار قد أُسدل عن عدد الضبوط وقيمتها الكبيرة، ليأتي قرار الوزارة صائباً لجهة لحظ كبار المستجرين ولاسيما أن الانتقادات لاحقت “الكهرباء” طويلاً بهذا الخصوص.
بحق 12 مركزاً
وفي حديث خاص لـ”البعث” كشف خربوطلي أن حصيلة الضبوط المسجلة بحق 12 مركز تحويل في منطقة عدرا الصناعية، كانت قد سجلتها الضابطة العدلية خلال جولة يوم واحد للمنطقة والتي ترأسها الوزير شخصياً، فقد بلغت الكمية المستجرة بشكل غير مشروع 1.3 مليون كيلو واط ساعي قيمتها 73 مليون ليرة، في وقت قامت الضابطة العدلية خلال يومين بتنظيم 4 ضبوط في منطقة الحريقة والجزماتية واستبدال 30 عداداً تجارياً ليصار إلى فحصها أصولاً في المخبر. كما تمّ ضبط عدة محلات تتغذى من أكثر من عداد وتم توجيه شركة كهرباء دمشق لمعالجة هذه الحالات، إلى جانب الجولات التفتيشية التي قامت بها الضابطة العدلية التابعة لكهرباء ريف دمشق في منطقة السوق التجاري بضاحية قدسيا وضبط العديد من المحال التجارية التي تستجر الطاقة بطرق غير مشروعة. وأشار الوزير إلى الحملات المكثفة التي تقوم بها الشركات التابعة للوزارة في مختلف المحافظات وتسعى للأهداف والغايات نفسها. ومن الجدير ذكره أن محافظة السويداء والقنيطرة لم تسجل أية مخالفة بحقها.
باتت أقوى
ويبدو أن تحسّن الكهرباء دفع الوزارة للتركيز على مطالبة المواطنين بترشيد الطاقة باعتباره واجباً عليهم- على حدّ تعبير خربوطلي، حيث أوضح أن على المواطن ألا يطلب المستحيل، فكما له حقوق عليه أيضاً واجبات ومنها الإبلاغ عن أية حالة استجرار قد يشهدها، مشيراً إلى أن التوجّه اليوم إلى القطاع الصناعي والتجاري لا يعني –والقول للوزير- أن الأحياء والمناطق السكنية بعيدة عن أعين الرقابة، إلا أن الأهم في الوقت الراهن بالنسبة للوزارة هو ملاحقة حالات الاستجرار الكبيرة، فمعمل واحد بحسب توصيف خربوطلي يعادل حياً كاملاً، موضحاً أن بتر الاستجرار يساهم برفع كفاءة المنظومة وبالتالي تحسين الوضع أكثر، ورغم أن تأمين الكهرباء في حالات الحرب ضرب من المستحيل، أكد المهندس خربوطلي أن الوزارة وبفضل تضحيات أبطال الجيش العربي السوري والمعنيين في وزارة النفط، تمكنت من توفيرها بأصعب الحالات والظروف، منوهاً بأن هذا التحسّن قطع الطريق على تجار الأزمة ممن عقدوا صفقات بالمليارات لاستجرار بطاريات وبيعها للمواطنين، إذ وصلوا لدرجة الإفلاس بعد تمكّن الدولة من إيصال الطاقة للبيوت والمعامل والمشافي دون الحاجة لطرق باب السوق السوداء التي “تبازر” بأسعار المازوت والبنزين.

تقنين.. ولكن!
وفيما يتعلق بموضوع التقنين، أكد خربوطلي أن العيد سيكون كسائر الأيام الماضية والقادمة، إذ لن يطرأ أي تقنين إلا في الحالات الطارئة كأعطال وأعمال صيانة، مبدياً استغرابه من تذمر الشارع المستمر ولاسيما أن برامج التقنين –ضمن المعقول- لم تُلغَ يوماً عن ريف دمشق قبل الحرب، مضيفاً: إن التقنين في ظروف كالتي يعيشها البلد لا يجب أن يكون مدعاة للاستغراب والدهشة فهو أمر طبيعي يجب تفهمه، متمنياً على المواطنين أن يكونوا أكثر إدراكاً في حال حدوث أي طارئ قد يتسبّب بانقطاع التيار، فهو حكماً خارج إرادة الكهرباء التي تسعى جاهدة مع ورشات صيانتها لإصلاح الأعطال بأسرع وقت ممكن، مبيناً أن أي عطل يحصل في مجموعات التوليد نتيجة خلل ما يكلف الدولة أموالاً طائلة، لافتاً إلى أن الوزارة تمكنت في بعض المطارح من استدراكها عبر عمالها الذين يصنعون “شيئاً من لا شيء” وأثبتوا جدارتهم في أكثر من مكان. وفي نهاية الحديث تمنّى خربوطلي أن تؤخذ بعين الاعتبار أهمية الحفاظ على المال العام وعدم استسهال موضوع الحفاظ على الكهرباء التي امتزجت بدماء الشهداء والابتعاد عن استجرارها بطرق غير مشروعة، معتبراً أن من يسرق الطاقة كمن يسرق البنك المركزي.
يُذكر أن “الكهرباء” توجهت مؤخراً للدفع الإلكتروني الذي يحدّ بشكل كبير من ظاهرة الاستجرار غير المشروع، وقد يساهم تطبيقه في القطاعين الصناعي والتجاري في تلاشي الظاهرة بشكل نهائي، توجّه يجب أن تأخذه وزارة الكهرباء بالحسبان.