اقتصادصحيفة البعث

على خلفية مناقشة تحويلها لشركات قابضة.. مؤسسات القطاع الصناعي تتهيأ.. والتحذيرات قائمة من الخصخصة بالتوازي مع تطبيق رقابة الأداء

 

دمشق – محمد زكريا
لعل فكرة تحويل بعض الشركات الحكومية الصناعية إلى شركات قابضة من الأفكار المطروحة على طاولة النقاش والبحث، ويأتي الهدف من هذه الفكرة ضمن سياق النهوض بواقع المؤسسات الصناعية الحكومية من جديد بعد أن وصلت إلى حد التقهقر والتراجع، وبالتالي توقف العمليات الإنتاجية.. وقبل الولوج في هذا الموضوع وما يعتريه من مشكلات ومعوقات، لابد من ضرورة رصد الواقع الإداري والمالي والتشريعي لهذه المؤسسات التي لا تزال تعمل وفق قوانين وأنظمة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى تهيئة البيئة المناسبة لذلك من خلال الابتعاد عن الشخصنة والاعتماد على النهج الاستراتيجي المدعوم بدراسات جدوى اقتصادية ذات أسس علمية دقيقة..!
وحسب معاون المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية ريم حلة لي فإن رؤية الوزارة في هذا الجانب يجب أن تنطلق من توحيد القوانين من خلال إيجاد أنظمة داخلية وأنظمة تكاليف للوصول إلى نظام رقابي تحفيزي أو تطبيق رقابة الأداء على مؤسسات القطاع الصناعي، وأشارت إلى إمكانية تحويل شركات القطاع الصناعي إلى شركات قابضة شريطة خضوعها إلى قانون التجارة، أي تعامل معاملة القطاع الخاص حقوقاً وواجبات مع ضرورة اختيار أعضاء مجالس الإدارة من المؤهلين من ذوي الاختصاص ليكونوا قادرين على تحقيق الأهداف المطلوب إنجازها مع إعطائهم الصلاحيات التامة التي تتمتع بها مجالس إدارة الشركات الخاصة، محذرة من الدخول في الخصصة عبر إدخال بعض رؤوس الأموال الخاصة في الإدارة ومشاركتهم في الملكية والقرار، مؤكدة ضرورة تثبيت الرؤية القانونية والتشريعية القادرة على مواكبة هذا التحول والتي تضمن حقوق العمال في هذا التوجه ومجاراة الواقع الجديد وذلك بتعديل قانون العاملين الموحد وقانون العقود رقم 51.
وبينت حلة لي أن الحكومة طلبت في وقت سابق من وزارة الصناعة إمكانية دراسة تحويل بعض من مؤسساتها “الغذائية – النسيجية – الكيميائية- الهندسية” إلى شركات حكومية قابضة، وأن تحول الشركات العامة التابعة لها حالياً إلى شركات تملكها تلك الشركات القابضة بحيث تقوم الشركات القابضة الجديدة بتصنيف أوسع للشركات التي تملكها وذلك حسب مدى أهميتها الاستراتيجية ونطاق عملها ومؤشراتها المالية من تكاليف وربح وغيرها بالإضافة إلى حجم وفائض العمالة فيها، وعليه تقوم الوزارة بإعداد الدراسات اللازمة لتحويل المؤسسات إلى كيانات حكومية اقتصادية مستقلة لتكون جاهزة للتحول إليها فور تحسن الظروف والحاجة.
عجز في التمويل
رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات النسيجية الدكتور مصطفى الكفري أشار إلى ضرورة إحداث تغيير جذري في مؤسسات القطاع العام من خلال إصلاحه وعودة الإنتاج التي تتطلب مواكبة التكنولوجيا الصناعية وتحديثاً في البرامج والخطط الإنتاجية والاعتماد على رفع كفاءة العاملين في القطاع العام الصناعي، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب التمويل الذي لا يمكن أن تحققه أية حكومة خارجة من حرب دمر خلالها البنى التحتية لغالبية المنشآت الصناعية، كاشفاً عن وجود عجز حكومي في التمويل، وأمام هذا الواقع للمؤسسات الصناعية وشركاتها يؤيد الكفري فكرة تحويلها إلى شركات قابضة ضمن نظم موحدة.

معالجة
بالمقابل أشار بعض الخبراء الاقتصاديين إلى أنه لا يهم تحويل شركات القطاع العام إلى شركات قابضة، بقدر أهمية تفعيل أدائها وتوفير البيئة المناسبة لها عبر إعطائها المزايا والإعفاءات المقدمة إلى القطاع الخاص سواء أكانت شركة قابضة أم أحد أنواع الشركات المتضمنة في قانون التجارة، مبينين أنه في حال الانتقال إلى شركات قابضة لابد من معالجة مشكلة العمالة الفائضة كي لا تحمل الشركة القابضة التكلفة الناجمة عن وجودهم غير المنتج مع تأمين رأس مال كاف لحل التشابكات المالية وتصفيرها وزيادته ليناسب حجم نشاط الشركة، إضافة إلى ضرورة عدم إدخال بند الأراضي المنقولة بملكيتها للشركة ضمن الأسهم القابلة للتداول كي تعود ملكية الأرض كأسهم عينية للدولة، إذ يمكن بذلك ضمان استمرارية ملكية الدولة للمؤسسات والشركات ومنع بيع أو تخصيص هذه الشركات عبر إصدار أسهم قابلة للتداول وفق طبيعة عمل الشركات القابضة.
في حين أكد البعض الآخر أن تطبيق فكرة الشركات القابضة في الظرف الراهن وحتى ضمن أوقات الاستقرار صعب التحقق لجهة أنه لا يمكن تحقيق الجدوى الاقتصادية والاجتماعية المرجوة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر ولاسيما أن فترات الركود الاقتصادي يشوبها علاقات اقتصادية غير سليمة، أكثر من فترات التنافس الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.

النسيجية جاهزة
وفي السياق ذاته أنجزت المؤسسة العامة للصناعات النسيجية مشروع مرسوم لإحداث الشركة القابضة للغزل والنسيج يكون الغرض الرئيسي منها الإشراف على تقديم منتجات صناعة الغزل والنسيج بكافة أنواعه، بحيث تعمل الشركة بضمانة الدولة وتكون أموالها وموجوداتها من أملاك الدولة الخاصة ويكون مقرها دمشق. وبموجب مشروع المرسوم -التي حصلت “البعث” على نسخة منه- فإن عمل الشركة المحدثة يكمن بإنتاج وصناعة الغزول الصوفية والممزوجة والأقمشة الخامية والمقصورة والمصبوغة والمجهزة والسجاد والألبسة الجاهزة وتوزيعها وتصديرها وتسويقها، إضافة إلى إبداء الرأي في التشريعات المتعلقة بقطاع صناعة الغزل والنسيج، والإسهام في وضعها موضع التنفيذ، إلى جانب تسعير قائمة منتجات الشركات التابعة لها ومراجعتها وضبطها وفقاً لحركة السوق الداخلية والخارجية وضمان جودة منتجاتها، مع إعداد ومتابعة تنفيذ الخطط المالية والإنتاجية والإدارية والاستثمارية الموضوعة للشركات التابعة، وتحديد أسواق التصدير والمشاركة في وضع وإقرار ونشر المواصفات الفنية للآلات والتجهيزات الفنية وكل ما يدخل في الصناعات النسيجية، والمشاركة في وضع وإقرار القواعد الفنية والتقنية المتعلقة بالسلامة الصحية والبيئية الواجب اتباعها في كل ما يتعلق بمجالات الصناعات النسيجية، ولاسيما عند تركيب وبداية تشغيل معامل الصناعات النسيجية ومتابعة تشغيلها وفقاً للمعايير التي يجري وضعها بالتنسيق مع الجهات المعنية.

مهام
وبحسب مشروع المرسوم فإن مهام مجلس إدارة الشركة تتمثل بتحديد الأهداف ووضع السياسة التنفيذية التي تسير عليها الشركة لتحقيق أغراضها وتحديد البرامج اللازمة لذلك والإشراف على تنفيذها، مع إقرار مشروع خطة عمل الشركة وخططها التشغيلية في إطار التوجهات العامة للوزارة، إلى جانب الموافقة على مشروع الموازنة السنوية للشركة، ووضع القواعد التي تكفل سير العمل في الشركة على أسس تجارية تنافسية سعياً لبلوغ الشركة الاعتماد على مواردها الذاتية، وإقرار تعرفة المنتجات التي تقدمها الشركات التابعة. وأشار مشروع المرسوم إلى احتفاظ الشركة باحتياطي عام يعادل ضعف إجمالي نفقاتها المبينة في ميزانيتها السنوية السابقة يجري تكوينه من الفائض من مواردها وذلك بعد اقتطاع جميع النفقات الرأسمالية والجارية التي تحتاج إليها الشركة والنسبة التي تحدد كحوافز لأعضاء مجلس الإدارة والعاملين في الشركة، على أن تؤول المبالغ الزائدة عن هذا الاحتياطي إلى الخزينة العامة للدولة. كما يحق للشركة القابضة للغزل والنسيج أن تنشئ أو تساهم في شركات أخرى داخل سورية أو خارجها أو تتعاقد مع شركات أخرى داخل أو خارج سورية لتحقيق بعض غاياتها وذلك بناء على موافقة الوزير.

mohamdzkrea11@yahoo.com