دراساتصحيفة البعث

بريكست مقابل الأبواق المعقدة

 

ترجمة: البعث
عن نيويورك تايمز 22/6/2018

احتشد المتظاهرون خارج مبنى البرلمان في لندن في وقت سابق من هذا الشهر، وخلال هذه الجموع سأل مراسل صحفي سؤالاً جيداً جداً عن اقتصاديات الحرب التجارية التي ستشعل اضطرابات كبيرة في قادم الأيام. صحيح أن التكلفة الإجمالية ستكون أصغر مما يتخيّله الكثيرون – ربما 2-3٪ من الناتج المحلي الإجمالي- طلب المراسل معرفة آلية التوفيق بين هذا وبين التقديرات النموذجية لتكلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
مثل هذه التقديرات -التي هي أقل من تكلفة بناء ملعب الكريكيت- عادة ما تدور حول 2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي البريطاني. لكن، حتى المتشائمون يتنبؤون بتأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على التجارة البريطانية، ويبقى هذا أقل ضرراً بكثير من الحرب التجارية التي نشأت مع ترامب، والتي أطلق عليها اسم “ترومبيت”.
أليست هذه التقديرات متضاربة؟ هي ليست كذلك حقاً، لأن تكاليف الخروج من “بريكست” لا تتعلق بتعريفات أعلى، بل يتعلق الأمر بزيادة تكاليف التجارة وارتفاع تكاليف ممارسة الأعمال عبر الحدود، وهذا يُحدث فرقاً كبيراً. لأنه بالدرجة الأولى سيكون للتعريفة الجمركية العديد من الآثار، إذ تساعد التعريفة الجمركية المنتجين المحليين الذين يتنافسون على حجم الواردات، لكنه يؤذي المستهلكين المحليين رغم أنه يولّد إيرادات للحكومة. هذه التأثيرات الثلاثة تضاف إلى بند الخسارة الصافية، لأن التعريفة تشوّه الحوافز: فالمنتج ينتج من قبل شركات ذات تكاليف أعلى من تكلفة استيراد السلعة، ويمتنع المستهلكون عن الشراء رغم أنه يستحق أكثر من سعره في الأسواق العالمية.
لكن “بريكست” لن ترفع الأسعار من خلال فرض تعريفة، والتي سوف تولّد عائدات الحكومة. بدلاً من ذلك، سيجعل القيام بالأعمال التجارية أكثر تكلفة: أعمال ورقية إضافية، وانتظار أطول للشاحنات التي تنتظر أن يتمّ تحميلها وتفريغها، وتكاليف غير مرئية أعلى لخدمات التداول.
لذلك تضاف خسائر الإيرادات الحكومية إلى الخسائر الاقتصادية الشاملة. أو بعبارة أخرى، تؤدي التكاليف التجارية المرتفعة وكذلك الحوافز المشوّهة إلى خفض الدخل الحقيقي، “الحوافز ليست مشوهة في الواقع بسبب “بريكست”، ولكن تتمّ مقارنتها بما كنت ستواجهه من دونه”.
إذاً ما حجم الصفقة هو هذا الاختلاف؟، لقد تمّ التخمين سابقاً أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيقلّل من حجم التجارة البريطانية مع باقي أوروبا بمقدار الثلث، من 15 إلى 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. إذا كانت مرونة الطلب هي 3، فإن ذلك يتطلّب تكاليف تجارية بنسبة 13 في المائة من أسعار الاستيراد. وإذا كان هذا الرقم 13 في المائة تعريفة، فإن التكلفة الإجمالية ستكون 0.13- 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي “نصف انخفاض الواردات”. هذا نحو 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي- ليس صغيراً، ولكنه صغير إلى حدّ ما.
ولكن إذا كنّا نتحدث عن تكاليف تجارية أعلى، فسنحتاج إلى مضاعفة ذلك بمتوسط ​​الواردات قبل وبعد “بريكست”، أو 12.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، الآن نحن نصل إلى 1.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولهذا السبب فإن تقديرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أعلى بكثير مما قد يوحي به منطق التجارة والحرب. لن يخرج “بريكست” من التجارة الضريبية، بل سيجعل الأمر أكثر تكلفة بحق، وهذا أمر مهم للغاية.