الصفحة الاولىصحيفة البعث

سورية: تقارير “حظر الكيميائي” أسيرة مواقف سياسية مسبقة

لا تزال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تتخذ مواقف سلبية من الدولة السورية من خلال إصدار تقارير مسيسة وتتوافق مع مواقف الإدارة الأمريكية التي تحاول عبر هذه التقارير الفاقدة للمصداقية تبرير اعتداءاتها على الشعب السوري، حيث أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير حسام الدين آلا أن النقاشات والندوات التحريضية والتقارير والقرارات التي تتناول الأوضاع في سورية داخل مجلس حقوق الإنسان لا تزال أسيرة مواقف سياسية مسبقة تستهدف الحكومة السورية، معبراً عن رفض سورية لاستمرار لجنة التحقيق في تحويل تقاريرها من تقارير أممية مهنية إلى تقارير حافلة بالتناقض والعيوب القانونية. في وقت أكدت وزارة الخارجية الروسية أن تقرير منظمة حظر الكيميائي حول الوصول غير المشروط إلى مواقع عسكرية في سورية تم تبنيه تحت ضغط شديد من الولايات المتحدة وهو يتجاوز صلاحيات المنظمة.
وخلال مناقشة تقرير اللجنة الدولية لتقصي الأوضاع في الجمهورية العربية السورية  أمام الدورة العادية الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان أمس شدد السفير آلا في بيان له على أن هذه المواقف والتقارير لا تزال أسيرة نهج سلبي وعدائي يقوم على الاتهامات الملفقة وتشويه وتزوير الحقائق ونشر الأكاذيب التي تروج لها منظمات غير حكومية ترتبط بالجماعات الإرهابية المسلحة وبدول تمولها بملايين الدولارات لهذه الغاية في الوقت الذي يتم فيه تجاهل واجبات الدولة السورية مسؤولياتها القانونية بحماية مواطنيها، وقال: إن سورية تعبر عن رفضها لاستمرار لجنة التحقيق في تحويل تقاريرها من تقارير أممية مهنية إلى تقارير حافلة بالتناقض والعيوب القانونية واستمرارها بالخوض في مسائل تقع في صميم ولاية هيئات مختصة أخرى.
وأضاف السفير آلا: إن تقرير اللجنة حول الغوطة الشرقية هو النموذج الأحدث الذي يستمر في ترويج اتهامات معدة مسبقاً مثل مزاعم الحصار والتجويع والاستهداف المتعمد للمدنيين والمرافق المدنية والذي يحفل بالتناقضات والعيوب القانونية في اعتماده على معايير استدلالية غير قانونية من قبيل “الترجيح وغلبة الظن” في بناء الاستنتاجات والاتهامات وعلى شهادات غير قانونية ومصادر معلومات مشبوهة مثل منظمة (الخوذ البيضاء) الإرهابية التي حصلت من الولايات المتحدة مؤخراً على 6ر6 ملايين دولار مكافأة على دورها في نشر وترويج الفيديوهات المفبركة والمسرحيات الكاذبة ولا سيما تلك المتعلقة بمزاعم استخدام أسلحة كيميائية بهدف اتهام الحكومة السورية بالمسؤولية عنها، وتابع: إن قيام اللجنة مرة جديدة باستباق نتائج التحقيقات التي تجريها اللجان الفنية المختصة حول مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية وتبنيها الانتقائي لروايات ملفقة حول حادثة دوما وتجاهلها للشهادات الموثقة التي نفت الحادثة والزعم بقدرتها على تحديد نوعية العناصر الكيميائية المستخدمة بعيداً عن المتطلبات الفنية والقانونية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية يؤشر إلى أخطاء قانونية فادحة ويؤكد تجاوز اللجنة لصلاحياتها.
وقال السفير آلا: إن ما يبدو وكأنه تقدم طفيف في إقرار اللجنة بالجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية المسلحة ينفيه محاولتها لتبرير تلك الجرائم وامتناعها عن الإقرار بالحق القانوني الكامل للدولة وفقاً لأحكام القانونين الوطني والدولي في الدفاع عن نفسها وحماية شعبها إزاء تلك الجرائم ورفض الإقرار بالمتطلبات الأمنية لبعض الأوضاع، مؤكداً أنه من المؤسف أن يستمر ترويج الاتهامات التي تجافي الدقة والموضوعية حول مزاعم الترحيل القسري ومزاعم الاحتجاز في مراكز الإيواء بدلاً من الإقرار بأن من غادر إلى خارج المناطق المحررة فعل ذلك بإرادته وبعد رفضه البقاء وتسوية أوضاعه وبأن الدولة وفرت لعشرات آلاف النازحين أماكن لإيوائهم ووفرت احتياجاتهم.
من جانبه أكد السفير بسام الصباغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية في فيينا أنه منذ عام 2011 بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ مخططها الجديد لمنطقة الشرق الأوسط والذي يشمل تغيير أنظمة الحكم فيها عبر اتباع سياسة تخريبية تمت تسميتها “بالفوضى البناءة”، والتي نجحت في تقويض أمن واستقرار عدد من دول منطقتنا، لكنها لم تنجح في تحقيق أهدافها في سورية، على الرغم مما خلفته من إراقة لدماء سورية بريئة وتدمير للبنى التحتية وصرف لأموال طائلة إلى جانب التلاعب بمعايير العمل الدولي واستغلال جميع منابر الهيئات الدولية وتسخيرها لخدمة أهداف تلك السياسة وحينما لم تلب تلك الهيئات الدولية هذه الأهداف لا تتورع الولايات المتحدة الأمريكية عن الانسحاب منها وحتى مهاجمتها لاحقاً عبر تحميل الآخرين المسؤولية لتغطية أبشع الانتهاكات حول العالم، وأضاف: “ومع الأسف كانت هذه المنظمة إحدى ضحايا هذه السياسات الخبيئة، إذ أن فشل المخططات الأمريكية في تحقيق أهدافها في سورية دفعها إلى استغلال موضوع الأسلحة الكيميائية واستخدام أدوات إرهابية تمّ تدريبها وتمويلها وتزويدها بهذه الأسلحة لافتعال حوادث استخدام لها تفيد في تأجيج الرأي العام العالمي وتأليبه ضد الحكومة السورية ومن ثم استخدام هذه المنظمة مطية لتحقيق أهدافها”.
وأكد الصباغ أنه في على الرغم من التعاون السوري الكامل مع آلية التحقيق المشتركة “جي آي إم”،  والمحاولات الحثيثة التي بذلتها روسيا الاتحادية لتحسين طرائق عملها، فقد فشلت “جي آي إم” في القيام بعملها بشفافية ومهنية وتقديم استنتاجات ذات مصداقية، ما أدى في نهاية المطاف إلى قيام الولايات المتحدة بقتل تلك الآلية عبر التصويت ضد تحديث طرائق عملها وضد جعلها أكثر حرفية وموضوعية، وتابع: “إن اليأس الأمريكي دفع بصانعي القرار في واشنطن إلى التصرّف خارج إطار القانون الدولي والشرعية الدولية واللجوء إلى العدوان المباشر على سيادة الأراضي السورية”، وبالتوازي عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تكليف فرنسا بالدعوة إلى ما سمتها “مبادرة لمنع الإفلات من العقاب”، وذلك في التفاف واضح على عمل كل الهيئات الدولية المعنية بهدف إيجاد آلية منحازة بامتياز لخدمة أجنداتها، وحينما وجدت أن هذه المبادرة لم تحظ بالدعم الكافي لجأت إلى أسلوب التلاعب بنصوص وأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وكلفت هذه المرة المملكة المتحدة لطلب عقد هذه الدورة الاستثنائية لمؤتمر الدول الأطراف بهدف تفويض مدير عام المنظمة بإنشاء آلية لتحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية وذلك من خلال استخدام وتفسيرات إما انتقائية أو مجتزأة أو خاطئة لنصوص الاتفاقية وفي تجاوز واضح لمهام ومسؤوليات مجلس الأمن، وشدد على أن مشروع القرار البريطاني المقدّم إلى هذه الدورة هو أحد الأدلة الواضحة على ذروة أساليب التلاعب والاستغلال، فعلى الرغم من حجم التضليل المخيف الذي مارسته الدول التي تقف وراء هذا المشروع وتغليفه بشعارات وادعاءات زائفة إلا أن كل ذلك يجب ألا يضع غشاوة أمام أعيننا جميعا لكشف الأهداف الحقيقية له والمتمثلة في خلق آلية جديدة غير شرعية وخطيرة تضمن لتلك الدول تقديم استنتاجات تخدم أهدافها، وأكد أن عدم اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بفشل مشروعها التدميري في سورية دفعها إلى شن المزيد من الحملات الهستيرية المعادية لسورية وإلى ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية لفرض وجهة نظرها وسعت إلى إتباع كل أساليب التهديد والترغيب والتضليل لتأمين الدعم اللازم لمشروع القرار البريطاني ووصل بها الأمر إلى حد التطاول على معايير القانون الدولي والاستخفاف بمؤسسات الشرعية الدولية بهدف وحيد وهو تشريع المزيد من العدوان على سورية وإيجاد غطاء قانوني لتبرير انتهاكها للقانون الدولي، وقد يكون هناك دول أخرى مستهدفة أيضاً الأمر الذي لا يهدد فقط أمن وسلامة الأراضي السورية وإنما الأمن والسلم الإقليمي والدولي لأنه سيخلق نموذجاً خطيراً سيطبق على أي بلد آخر حول العالم.
إلى ذلك أكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان: لقد اطلعنا على تقرير الأمانة الفنية لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية وقد أكدنا أن المتطلبات المنصوص عليها في التقرير تجاه سورية تتجاوز إطار الاتفاقيات الكيميائية، موضحة أن محاولة حصول مفتشي المنظمة على وصول دون أي عوائق وغير مشروط إلى أي من مرافق البنية التحتية العسكرية والمدنية بما في ذلك السرية لا تتناسب مع أي إطار قانوني دولي، وتابعت: من الواضح أن مثل هذه الوثيقة تم تبنيها تحت ضغط قوي من الولايات المتحدة وحلفائها المقربين وسيكون من المثير للاهتمام مراقبة ردة فعل الولايات المتحدة في حال أراد أحدهم تفتيش مرافقها بنفس الطريقة.
وشددت وزارة الخارجية الروسية على أن استهداف مركز البحوث العلمية في برزة في 14 نيسان الماضي بقصف صاروخي مشترك نفذته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تم بلا أدنى شك من خارج مجلس الأمن وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي، مضيفة إن ذلك كان استهتاراً وعدواناً ضد دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، وأضافت: إن الحكومة السورية دعت مراراً ممثلي منظمة حظر الاسلحة الكيميائية لزيارة مركز البحوث في برزة للوقوف والتحقق من تدميره في الهجوم الصاروخي الأمر الذي من شأنه إيصال ذلك إلى المجلس التنفيذي لاتخاذ قرار رسمي بإنهاء التفتيش. وقالت: لكن وكما نلحظ من تقرير منظمة الحظر فإن أي خطوات إيجابية لم تتخذ بهذا الشأن ومن الواضح أن دول الغرب تحاول المراوغة وتفادي الإجابة عن سؤال حساس للغاية وهو ما الأرضية التي استندت إليها لشن عدوان صاروخي على مركز البحوث طالما أن منظمة حظر الاسلحة الكيميائية أكدت مرتين خلوه من أي أنشطة محظورة بموجب الاتفاقيات الكيميائية.